الخميس، 8 مارس 2018

اسم هدا الكتاب : طلوع سعد السعود في أخبار وهران  (الجزء الثاني من الكتابة )  
هـــــــذه الصــــــــورة الــــــــــكتاب 


ولم يدخل النصارى الإسبانيّون لوهران في حياته وإنما دخلوها بعد وفاته باثنين وسبعين عاما لأن دخولهم إياها كان سنة أربعة أو خمسة عشر من القرن العاشر (1) وسبب دخولهم لها وتملكهم بها دعاء الشيخ الهواري عليها وعلى أهلها وذلك أن أهل وهران بغوا على ولده سيدي أحمد الهايج وقتلوه ظلما وعدوانا بالمحل المسمى به للآن (كذا) وهو الهايج وواديه يقال له واد الهايج (2) وادّعوا أنه هايج عليهم بغير حق وسمع بذلك الشيخ وسكت فحرّضته زوجته أم الولد على أخذ ثأر ولده بالانتقام من أهل وهران فلم يلتفت لها فذهبت إلى دجاجة كانت عندها ذات فلا ليس صغار وأخذت فلّوسا منهم والشيخ ينظر فجاءت الدجاجة وصارت تضاربها على ولدها لتخلّصه منها ولها صياح فقالت له يا هواري انظر لهذه الدجاجة كيف أخذتها الغيرة على ولدها وكيف بك لم تأخذك الغيرة على ولدك القتيل ظلما وعدوانا فعند ذلك غضب الشيخ / وقال لأهل وهران لأي شيء قتلتم (ص 17) ولدي فإنه قرت (كذا) عيني وثمرة فؤادي وبضعة مني فقالوا له لأنه ارتكب ذنبا وثبت عليه وقتلته الشريعة فقال لهم من حكم بقتله من ساداتها العلماء فقالوا له لا نحتاجوا (كذا) في ذالك إلى حكم وإنما رأينا الشريعة قتلته فقتلناه فقال لهم أنتم قلتم بزعمكم أنّ الشريعة قتلت ولدي الهواري وأن الهواري لا يجوز ولده لعدم تحقيق دعواكم وإن كان قولكم بزعمكم في الظاهر مقبول. ففي باطن الأمر الذي لا اطّلاع لكم عليه ولدي ناج وكلامه محمول. فأسلمها رحمه‌الله للنصارى لأنه سلطان مصرها ، ومتولي أمرها ، وكان من الذين لو أقسموا على الله لأبر قسمهم. ونص دعائه «روحي يا وهران الفاسقة ، يا كثيرة الجور والبغي والطارقة ، يا ذات الأهل الباغية السارقة إني بعتك بالبيعة الموافقة ، لنصارى مالقة والجالقة ، إلى يوم البعث والتالقة ، مهمي (كذا) ترجعي فأنت الطالقة». فلما
__________________
ـ الأمر. أما القاضي بن عبد المؤمن الذي حرض الباشا حسن على غزو وهران فقد توفي عام 1101 ه‍ (1690 م) والقصيدة موجودة في كتاب التحفة المرضية لابن ميمون ص 301 ـ 304 ، ويوجد قسم منها بدليل الخيران للزياني ص 43.
(1) تم احتلال الإسبان لمدينة وهران في شهر صفر عام 915 ه‍ (ماي 1909 م).
(2) الواد الهائج لم نجد له أثرا في الخرائط ، ولم نجد من يعرفه من كبار السن ، ولكنه على أي حال يوجد ما بين وهران وسيق لأن المزاري يتحدث عنه عند ذكره لحوادث المنطقة.

قال الشيخ ذلك قال له بعض تلامذته الحاضرين لدعوته : وأظنه الشيخ إبراهيم التازي «يا سيدي والفرج لاحقة» ، فقال الشيخ «والفرج لا حقة». وحضر لدعوته على وهران الشيخ سيدي أبي الحسن علي الأصفر التلمساني وأنذر تلميذه الشيخ إبراهيم التازي أهل وهران بقصيدة تاءية (كذا) مع ما انضم لتلك الدعوة من (ص 18) دعوة الشيخ / أبي العباس سيدي أحمد بن يوسف الراشدي أحد الأولياء الكبار ، والأتقياء الأخيار الأبرار ، الهواري وطنا الوامودي أصلا نفعنا الله بالجميع ، آمين فإنه في وقته ذهب مرة لوهران فعظمه أهلها أشدّ التعظيم فكتب قائدها للأمير أبي عبد الله الزياني ، «آه رجل بأرض هوارة يخشى منه الملك فكتب الأمير ، إلى القائد ابعثه إليّ أو اقتله لما أتى الشيخ أهله برأس الماء ، بعث العامل لأمير هوارة أحمد بن غانم في الشيخ فأطلع الشيخ على ذلك وارتحل من وطنه وقال شوّشونا شوّشهم الله من البحر والبر فلم يك إلا قليل حتى شوّش الله بني زيان من البحر بالكفرة فأخذوا وهران ومن البر الأتراك فأخذوا تلمسان فذهب الشيخ قاصدا بني غدو فاعترضه محاربون من سويد (1) فقبض على ثلاثة أحجار من الصمّ وحكّهم في يده فصاروا رمادا وقال لهم إن تعرضتم لنا يسحقكم الله مثل هذه الأحجار فأتوه تائبين مذعنين. وذكر الشيخ صالح القلعي أنّ له حينئذ ابنت (كذا) اسمها عائشة. وتوفي رحمه‌الله سنة ، إحدى وثلاثين على ما للحافظين : أبي راس والصباغ ، وأربعة وعشرين على ما للحافظ الغول في وافيته ، اللّاميّة ، من القرن العاشر (2) وقبره بمليانة من أعظم المزارات ، وله كرامات لا تحصى:
__________________
(1) بنو غدّو قبيلة قرب قلعة هوارة شرق مدينة معسكر التي تعرف اليوم بالقلعة ، وعرفت قبل ذلك بقلعة سيدي راشد. وسويد قبيلة مشهورة تقطن بالمنطقة الممتدة بين مستغانم والأصنام ، وتحدث عنها ابن خلدون كثيرا في تاريخه ، كما تحدث عنها صاحب القول الأعم. ويطلق عليها حاليا اسم المحال.
(2) توفي أحمد بن يوسف الراشدي الملياني عام 927 ه‍ (1521 م) حسب رواية الحفناوي ، وهي رواية تتوسط الروايتين اللتين أوردهما المؤلف عن الصباغ القلعي ، والحافظ الغول ، وهو صوفي شاذلي الطريقة ، ساعد عروج وخير الدين على الاستقرار بمدينة الجزائر ، وترجم له كثيرون. وألف عنه قاضي قلعة الاستقرار هوارة محمد الصباغ القلعي كتابا بعنوان : بستان الأزهار في مناقب زمزم الأبرار ومعدن الأنوار سيد أحمد بن يوسف ـ

منها أن شابا قال له أطعمني مشماشا وذلك في زمان الشتاء وبإزائه شجرة فهزّها الشيخ فتساقط منها المشماش ، فتاب الشابّ وحسن حاله / ومنها قضيته مع (ص 19) المحاربين المتقدمين (كذا) الذكر ، ومنها أن أمير تلمسان أبا حمّ سجن الشيخ بتلمسان وفعل له دجاجة ميتة على الطعام وأخرى مذكاة فقال هذه حلال وهذه حرام ، وبعث الأمير الذباح فدخل البيت الذي فيه الشيخ فلم يجد أحدا قال الشيخ وأنا أنظر إليه فرجع وقال لم أجد أحدا فرده ثانيا وثالثا ولم يجد أحدا ثم أتى الأمير بنفسه فلم ير شيئا وأخذ الله بأبصارهم ، ولما رجع الأمير لقصره بعث للشيخ بالتسريح. فقال الشيخ للرسول لا أخرج حتى نخرجا (كذا) جميعا. ثم بعد أيام قدم المسعودي حاركا على أخيه فهرب أبو حمّ لوهران وولي المسعودي فحينئذ خرج الشيخ بلا إذن لتوكّله على مولاه. ومنها أن خديمه علي بن أحمد الكثيري كان أبوه خديم الشيخ عبد الرحمن الغلامي وتفاخرا فأرى الأب لابنه الكعبة تلعب بأستارها فذهب الولد للشيخ وأخبره فقال له اذهب قد أعطاك الله الدنيا والآخرة فكثر ماله. ومنها أن بعض أصحابه قالوا عن الشيخ الثعالبي أنه قال من رءا (كذا) من رآني لا تأكله النار إلى ثلاثة فقال الشيخ وأنا إلى عشرة. ومنها أنه أخبر بإمارة الأمير محمد علي تلمسان قبل أن يكون فكان كما قال. ومنها أن الشيخ علي الندرومي كان (كذا) له منزلة في الولاية وتأتيه الناس فاعترض على الشيخ فسلب. قال الشيخ يحيى بن علي المغراوي القاطن بمسراتة شاهدت الرجل تضحك منه العامّة. ومنها / ما حدّث به محمد (ص 20) ابن الهواري المسراتي أن الشيخ كان بكرشتل (1) قبل أخذ النصارى وهران فإذا
__________________
ـ الراشدي النسب والدار. وطبعه محمد بن عبد الله الهاشمي بالجزائر عام 1927 ضمن كتاب : جواهر الأسرار. والوامودي نسبة إلى قرية وامود بتوات.
(1) قرية كريشتل تقع على بعد حوالي عشرين كلم من وهران شرقا على ساحل بحري صخري في سفح جبل كسيكسو ، وتشتهر بحقولها وخضرواتها وثمارها خاصة ، التين ، والرمان ، وبمياهها العذبة المتدفقة من الصخر وسوقها الذي يتدفق عليه الناس بسياراتهم للتسوق ، ومصيفها الجميل على الشاطىء ، وبها ميناء صغير لصيد الأسماك. وقد ترددنا عليها مرات عديدة للفسحة والتسوق مع أفراد العائلة ، ومع الأحباب والأصدقاء من الأساتذة.

بعروج التركي رسى سفينته بالقرب منه وكان مع عرّوج رجل مراكشي شجاع فقال لعروج سر بنا نتبرك بهذا الشيخ فقال عروج إن خرج على ما في ضميري فذهبا وسلما على الشيخ فقال لعروج أنت عزمت على الغدر بأصحابك فقبّل رجل الشيخ فقال المراكشي قل لعروج يطلقني فسرحه ودعا له وقال إن أصابك هول في البحر فقل يا أحمد بن يوسف فأغيثك (1) ، ومنها أن شيخه زروق قال له لك ثلاثة أرباع الدنيا وشاركت الناس في الرابع إلى غير ذلك من كراماته وهو شريف حسني نص عليه صاحب كتاب الاعتبار ، وصاحب كتاب أثمد الأبصار (2).
ومنهم الشريف الحسني الذي علمه بمنزلة الرّازي ، تلميذ الهواري أبو إسحاق الشيخ إبراهيم بن علي بن مالك التازي. نصّ على شرفه بالإجهار صاحب جواهر الأسرار ، وصاحب أثمد الأبصار ، وصاحب كتاب : الاعتبار. وله ولشيخه نسل مبارك. كان رضي‌الله‌عنه ريحان الدين والأدب ، وإكسير اللجين والذهب فقيها بارعا علّامة ، جامعا ، مع حسب وفضل ، وسخاء وعدل ، ونزاهة وأمانة وعفة وديانة ، فهو نبيل جليل ، ذو معارف وتحصيل ، محدّث لغوي ، بياني ، أصولي ، نحوي ، صوفي ، سني ، بديعي معاني ، خاشي خاشع حجة لا يدافع ، إمام العبّاد ، وملحق العوام ، بالأفراد ، والأحفاد بالأجداد من أكابر الفقهاء (ص 21) والمحدثين ، وجهابذة العلماء الراسخين الوارثين الموروثين ، / وكان جامعا بين العلم والعمل ، والزهد والورع ، والفضل والكمل (كذا). ذا تصانيف صحيحة ، وقصائد ظريفة مليحة ، وخطب بديعة. ومنح صنيعة ، عارفا بالأولياء وأخبارهم ،
__________________
(1) المعروف أن عروج وخير الدين استقرا بمدينة الجزائر عام 1516 م ، والإسبان احتلوا وهران عام 1509. وحسب هذه الرواية فإن عروج كان يرتاد الشواطىء الغربية قبل سقوط المدينة في أيدي الإسبان ولا غرابة في ذلك لأن الأخوين استقرا في جربة وشواطىء تونس منذ عام 1502 تقريبا ، ودخلا في صراع محموم ضدّ القراصنة الإسبان والأوربيين في كل حوض البحر المتوسط الغربي ، وشاركا في إنقاذ عشرات الآلاف من مسلمي الأندلس المطرودين والمطاردين.
(2) صاحب كتاب الاعتبار والتعريف بآل النبي المختار ، هو الشيخ أحمد العشماوي ، كما ورد في كتاب حاشية رياض النزهة للشيخ بلهاشمي بن بكار ص 147.

وأيام العرب وأشعارهم ، والأدب والأدباء ونوادرهم ، والبلغاء ومواردهم ومصادرهم ، صاحب اللسان ، حافظا للحديث وفصوله ، بصيرا في الفقه وأصوله ، له خط رايق ، وحفظ فايق ، لا يعادله في فهمه وحفظه سابق ولا لاحق معروفا بجودة النظر وثقوب (كذا) الفهم في جميع الحقائق ، لا نظير له في التمكّن والمعارف وبلوغ الدرجات العليا ، والهمة التي نيطت هامتها بالثّريّا لا يقوم بمعرفة كلامه في التصرّف ومعاني العرفان إلّا من تمكّنت معرفته ، وذاق من طعم الحبّ ما توفرت به مادته. وكان له تصرف في الولاية وكرامات ، وأمور باطنية وخوارق عادات. فله كرامة عجيبة ، وأحوال غريبة ، وكلام موشح بالحكمة في غاية الاقتباس ، وقصائد جليلة مشهورة عند الناس. وكان شديدا على الملحدين ، لين الجانب على المتقين والمرشدين. وصار يضرب به المثل ، حتى إذا بالغ أحد في وصف غيره قال كأنه التازي الأكمل. وإذا امتلأ غيظا ، قال لو كنت في منزلة إبراهيم التازي ما صبرت لهذا ولو لحظا. فهو ممّن أظهره الله / لهداية الخلق ، (ص 22) وألحقه برود المحبّة والمهابة عند الخاصّة والعامّة بالأسبق.
وكان أحسن الناس صوتا وتجويدا ، حتى إنه إذا قرأ البخاري أيّام مجاورته لمكة انحاش (كذا) الناس إليه ويسئلون (كذا) منه مزيدا. وانتشر صيته إلى مشارق الأرض ومغاربها ، ومباعدها ومقاربها ، حتى حدث عنه من يوثق به أنه وجد بمكة المشرفة تأليفا مشتملا على قصائد تتعلق بطريق القوم من تأليف الشيخ المذكور ، ومع ذلك أن بائعه عراقي مشهور (1) وكان الوازعي يقول للطلبة
__________________
(1) لقد أورد الحفناوي في تعريف الخلف حوالي سبع مقطوعات شعرية للشيخ إبراهيم التازي في الوصف ، والمدح ، والتصوف ، بعضها طويلة ، والبعض قصيرة ، ولهذا ليس غريبا أن يوجد كناش له في قصائده الصوفية لدى أحد الباعة في مكة. وله قصيدة مشهورة في التصوف تعرف بالمورداية بدأها بقوله :
مرادي من المولي وغاية آمالي
 

دوام الرضى والعفو عن سوء أحوالي
 
شرحها ممد الصباغ القلعي في القرن العاشر الهجري (16 م) وسمى شرحه عليها : شفاء الغليل والفؤاد في شرح النظم الشهير بالمراد. وما يزال مخطوطا ، وقد ترجم للتازي معظم من ترجموا لشيخه الهواري. وهو من بني لنت في تازة بالمغرب الأقصى.

هذا عالمكم وصالحكم فهو ذو العزّ الشامخ ، لبس الخرقة ، عن المزاغي ، والشيخ صالح الزواوي بسنده إلى أبي مدين شعيب شيخ المشايخ. وأخذ بمكة عن تقي الدين الفاسي الحدوسي ، وبالمدينة عن أبي بكر القرشي ، وبتونس عن الحافظ العبدوسي ، وبلتمسان عن ابن مرزوق الحفيد الساري ، وبوهران عن الشيخ محمد الهواري ، فتلمّذه ولازمه فنال بركاته ومقامه وقاومه ، إلى أن كان في غالب أمره في طريقه يذهب ، وعلى قالبه في جميع أحواله يضرب (1).
قال الحافظ أبو راس في عجائب الأسفار : لما حكى ما للتازي من المآثر الكبار ، وأني رأيت في تأليف منسوب له أنه بعث من وهران إلى أهله بالمغرب مكتوبا بلفظ موجز موضوح (كذا) يقول فيه فقد ظهر فضل الشيخ عليّ والحمد لله أنّي أدرّس في مختصر الشيخ خليل ولا أحتاج لنظر شروح.
__________________
(1) الوازعي هو أبو زكريا يحيى الوازعي من علماء وأولياء مدينة تازة أشرف على تربية وتعليم إبراهيم التازي في صغره ، ورعاه وحفظه القرآن الكريم وعددا من المتون. والمزاغي هو شرف الدين الداعي. والحدوسي هو تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي الذي نبغ في الفقه ، وتولى قضاء المالكية بمكة بعد أن هاجر إليها. والقرشي هو أبو الفتح ابن أبي بكر إمام الأئمة. والحافظ العبدوسي هو أبو القاسم عبد العزيز العبدوسي الفاسي الذي هاجر إلى تونس واستقر بها. أما ابن أخيه عبد الله العبدوسي فلم يهاجر إلى تونس بل عاش بفاس. وتوفي بها. والزواوي هو أبو محمد الشيخ مجد الدين صالح بن محمد الحسني الزواوي. ولد ليلة الأربعاء 12 رجب 760 ه‍ (9 جوان 1350 م) وتوفي يوم 16 رجب 839 ه‍ ـ (4 فيفرى 1436 م). وأما أبو مدين شعيب بن الحسين دفين العباد بتلمسان فهو أشهر من أن يعرف ، وترجم له أغلب الكتاب والباحثين المسلمين والمستشرقين قديما وحديثا. وتوفي عام 595 ه‍ (1199 م). وأما محمد بن مرزوق الحفيد العجيسي التلمساني فهو أحد علماء المرازقة الستة ، ولد بتلمسان ليلة الاثنين 14 ربيع الأول عام 766 ه‍ (9 ديسمبر 1364 م) وتوفي بها يوم الخميس 14 شعبان 842 ه‍ (30 جانفي 1439 م). وهو عالم متضلع في العلوم والمعارف الإسلامية. تخرج عليه جيل من العلماء ، وألف في كثير من الأغراض ، وترجم له كثيرون أمثال : ابن مريم في البستان ، والحفناوي في تعريف الخلف ، والتنبكتي في نيل الابتهاج ، والمازوني في نوازله ، والقلصاوي في رحلته ، والحافظ التنسي ، والثعالبي ، والسخاوي في الضوء اللامع ، ودائرة المعارف الإسلامية ، عن أبي مدين وعلماء المرازقة انظر كتابنا : أعلام الفكر والثقافة بمدينة تلمسان. (تحت الطبع).

قال القلصادي لقيت إبراهيم التازي خليفة الهواري بوهران ، وله اعتناء / (ص 23) بكلام شيخه في السرّ والإعلان. ا ه. (1) وقد أخذ عنه جماعة ففازوا بنيل خيرهم منهم التونسي ، والحافظ التّنسي (2) والتالوتي (3) وزروق (4) ...
__________________
(1) علي بن محمد بن علي القرشي ، البسطي ، الشهير بالقلصادي ، رحالة أندلسي كبير ، كثير التجوال ، ألف في كثير من الأغراض الدينية ، والعلمية كالحساب والفرائض ، انتقل من بلدته بسطة إلى غرناطة ، ثم إلى تلمسان حيث تتلمذ على عدد من علمائها ومنهم ابن مرزوق الكفيف ، وبعد ذلك رحل إلى المشرق عبر الجزائر وتونس ، وطرابلس ، ومصر. وأدّى فريضة الحج ، ثم عاد إلى غرناطة ولم تسعده الظروف فرحل عنها إلى تونس ، وأدركته الوفاة في مدينة باجة التونسية في منتصف شهر ذي الحجة عام 891 ه‍ (منتصف ديسمبر 1486 م). ومن أهم كتبه رحلته التي قام بتحقيقها الأستاذ التونسي الفاضل أبو الأجفان الذي راسلني عدة مرات في شأن تحقيق بعض الأسماء والأماكن بتلمسان ذات الصلة بها. وقد ترجم له ابن مريم ، والسخاوي ، والمقري ، وأبو راس ، وغيرهم.
(2) لم ندر من هو التونسي الذي يعنيه ، أما التنسي فهو محمد بن عبد الجليل التنسي الملقب بالحافظ ولد بمدينة تنس بين شرشال ومستغانم ، وانتقل إلى تلمسان وتتلمذ على ابن مرزوق ، وقاسم العقباني ، وابن الإمام ، والنجاري ، وإبراهيم التازي. وتبحر في العلوم والمعارف حتى قال فيه أحمد بن داود الأندلسي : العلم مع التنسي. والصلاح مع السنوسي ، والرياسة مع ابن زكرى ، ومن أهم مؤلفاته : نظم الدر والعقيان في شرف بني زيان وذكر ملوكهم الأعيان ومن ملك من أسلافهم فيما مضى من الزمان. وقد انتصر للعالم المجاهد عبد الكريم المغيلي في قضية يهود توات وتمنطيط توفي في شهر جمادى الأولى عام 1899 ه‍ (فيفرى ـ مارس 1494 م) وترجم له أحمد بابا ، وابن مريم ، وغيرهما.
(3) علي بن محمد التالوتي هو أخ الشيخ محمد بن يوسف السنوسي من أمه ، تتلمذ على الحسن أبركان. ودرس عليه أخوه من أمه الشيخ السنوسي. توفي في صفر عام 895 ه‍ (ديسمبر 1489 ـ جانففي 1490 م). وترجم له ابن مريم ، والحفناوي ، وغيرهما.
(4) أحمد بن محمد بن عيسى البرنوسي الفاسي الشهير بزروق ولد صباح الخميس 28 محرم عام 846 ه‍ (17 ماي 1444 م) وتنقل بين تلمسان ، وبجاية وقسنطينة ، للدراسة والتحصيل ، وتتلمذ على الشيخ عبد الرحمن الثعالبي ، وألف عدّة كتب في علم التصوف وشرح عدة منظومات منها : منظومة الوغليسية للشيخ عبد الرحمن الوغليسي في الفقه المالكي. وقد حاول أن يوفق بين التصوف والفلسفة وحج عدة مرات ، وأدركته الوفاة في ـ

والسنوسي (1) إلى غير ذلك من غيرهم. ولما مات شيخه الهواري رضي‌الله‌عنهما قام بوهران مقامه ، وتقلّد حسامه ، ونصب راية العلوم وشيّد بنيانها ، ورفع قواعدها ودعّم أركانها ، فابتهج به المحل والأوان ، وحاز رئاسة الفضل بثغر وهران ، فهو المطاع وليس بذي سلطان ، والنافذ الكلمة من غير أعوان.
وهو الذي جلب الماء العظيم لوهران. قد جمعه لها من محاله بغاية الصيانة ، فاخترعه بتدبير عجيب وابتدعه بتوفيق من الله والإعانة. وقد كان أهل وهران قبل ذلك في غاية الإهمال ، بحيث تذهب المرأة بكرة لسقي الماء ، فلا تروج لبيتها إلّا بعد الزوال لكون الماء بيض قليلا قليلا وعليه نوبة وزحام. ويقال إنه لما وصله للموضع المعروف برأس العين من وهران طلسم عليه فلا يعرف من أين مجيئه (كذا) باحتكام ، وبديع تدبيره لمائه ، يدل على عظيم فراسته ودهائه. وكان يقترض الدراهم الكثيرة من التجار بتحقيق المسالك. ويصرفها في إصلاح هذا الماء فلا يدرى من أين يوفي ذلك. ولما أتمّ بنيانه ، وصوّب ميزانه ، وأرصد مكانه ، وأفخم عرفانه ، أخرج الأطمعة المختلفة الألوان ، فشبع كل من
__________________
ـ قرية تكرين بضواحي مسراته قرب مدينة طرابلس الليبية في شهر صفر عام 399 ه‍ (نوفمبر ـ ديسمبر 1493 م). فدفن هناك وبني على قبره ضريح يحتفل به الناس كل سنة. وفي عام 1979 م احتفل المصراتيون بذكرى مرور خمسمائة عام على وفاته وكنت آنذاك بمدينة طرابلس أشارك في ملتقى دولي حول تجارة القوافل الصحراوية نظمه مركز جهاد الليبيين ضد الغزو الإيطالي. ولا حظت تهجم الإذاعة على فكرة الاحتفال بمثل تلك الشخصيات وذكرياتهم ، وكذلك الصحافة.
(1) محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي التلمساني ، ولد بتلمسان بعد عام 830 ه‍ (1426 م) ، ونشأ بها واشتهر بتبحره وتضلعه ، وتخصصه في علم التوحيد ، والتصوف ، وألّف متون السنوسية : الكبرى ، والصغرى ، والوسطى ، التي كانت تدرس في القرويين ، والزيتونة ، والأزهر ، وقسنطينة ، والجزائر ، وفاس ، وفي معظم المعاهد والزوايا العلمية لغاية نهاية عقد الستينات من هذا القرن العشرين الميلادي. واشتهر بتزعمه لمدرسة تلمسان الصوفية. وتوفي يوم الأحد 18 جمادى الثاني عام 895 ه‍ (18 أبريل 1490 م) ، ودفن بمقبرة العباد ، وما يزال قبره وضريحه قائمين. كما أن مسجده ما يزال أيضا قائما حتى اليوم في حي القيصرية بتلمسان. وقد ترجم له ابن مريم وأحمد بابا ، والحفناوي ، ودائرة المعارف الإسلامية.

كان بثغر وهران ، وكان ذلك / اليوم مشهودا ومن المواسم والأعياد معدودا فقيل له (ص 24) من أين أخرجت هذا الطعام وما صرفت على الماء وأنت فقير بالعيان ، فلست من الملوك ولا من الأغنياء الأعيان ، فقال مساعدة الزمان ومساعفة الإخوان ، فعل بهما كلّ ما كان. وكان جمعه له قبل موته بأمد في الشايع. لأنه توفي رحمه‌الله في تاسع شعبان سنة ست وستين من القرن التاسع (1) أيام السلطان مولانا أبي عبد الله المتوكل الزياني رحمه‌الله وأسكنه دار التهاني ، ودفن بالقصبة الخلانصة ، كما دفن شيخه الهواري بالبلانصة ، وبقي بضريحه خمسين عاما ، ولما ملكها الإسبانيون في المرة الأولى سكن بعضهم عند قبره فرءا (كذا) ما يكرهه التزاما. فأخبره بطريقهم بتلك القضية. وقد وافق قدوم أهل القلعة عليه بالضربية ، فأمرهم بأخذه فأخذوه بفرح وسرور ، ودفنوه بمدينتهم فضريحه بها مزار مشهور ، وعليه قبّة عجيبة ، وله مناقب كثيرة غريبة ، ولا زال على محل ضريحه بوهران تحويط من الحجر (2) مقصود للتبرك به عند الخميل ، والأشهر ، وفيه وفي شيخه الهواري قال الحافظ أبو راس في سينيته :
في رقتهم كان قطبها وعالمها
 

محمد ذي المقدار العادم الحجس
 
خلفه من بعد موته تلميذه
 

إبراهيم الذي كان يسموعن برجيس
 
وأتت لها لمّا حجّ أهل مشرقنا
 

بل أقصاذاك كأهل طوس مع قومس
 
جلب ماء إليها فيه منفعة
 

لذلك الثغر بأبدع مقتبس
 
__________________
(1) يوم 9 شعبان عام 866 ه‍ يوافق 9 ماى 1462 م ، والسلطان الزياني أبو ثابت أبو عبد الله محمد المتوكل حكم في الفترة من 10 جمادى الأولى 866 ه‍ إلى عام 890 ه‍ (1 فيفري 1462 ـ 1485 م).
(2) لا يوجد حاليا هذا التحويط ، وذكرت لنا المقدمة التي تحرس ضريح الشيخ الهواري بأن هذه التحويطة كانت في ساحة المسجد على اليمين حيث بيوت الوضوء والأدواش التي أنشئت حديثا بعد استعادة الاستقلال الوطني عام 1962 ، وأغلقت بجدار خلال الترميمات التي أجريت للمسجد ، ولسنا ندري مدى صحة ذلك ، والمفروض أن يكون مدفونا داخل ضريح شيخه قبل أن ينقل. والبلانصة هي المدينة بالإسبانية ويقصد بها وسط المدينة وهو قلب القصبة ، أما الخلانصة فيبدو أنها لا معنى لها وأتى بها لملاءمة فقرة السجع. وقد زار الرحالة المصري عبد الباسط خليل وهران عام 811 ه‍ (1408 ـ 1409 م) والتقى ـ

(ص 25) / ومنهم العلامة الشريف الذي أغنى عن التعريف به ما له من شهرة وخمرة ، سيدي بختي بن عياد دفين بلاد غمرة (1) قد جمع الله له بين العمل والعلم ، وجودة النظر وثقوبة بالفهم (كذا) ، والنجابة وذكاء القريحة ، والديانة وكثرة النصيحة ، فانتفع به خلق كثير ، فهو من الأولياء المشاهير ، وكان رضي‌الله‌عنه من أهل القرن التاسع (2) فهو القطب الرباني ، في زمان الملك أحمد العاقل ابن الملك أبي حمّ موسى بن يوسف الزياني. فاجتمع بالشيخ محمد الهواري وتلمّذه وأخذ عنه. فانتفع بعلوم دينية ولدنية منه. ونال بركاته في القول الحفي
__________________
ـ بالشيخ الهواري وإبراهيم التازي وترجم لهما.
(1) الشيخ بختي بن عياد معاصر للشيخ الهواري ، وتتلمذ عليه وعلى الشيخ الحسن أبركان التلمساني ، وهو الذي حمل رسالة الأخير إلى الشيخ الهواري بوهران في قضية الوساطة بين أمير تلمسان أحمد العاقل ، والسلطان الحفصي أبي فارس عزوز الذي كان يقود جيشا لغزو تلمسان ، وكان الشيخ الهواري في البداية يرفض الوساطة ، ولكن الشيخ بختي أكد له بأن الشيخ الحسن أبركان هو الذي أرسله إليه فسرّ وزالت عنه الحسرة والتقطيب وقال للشيخ بختي قل لشيخك ليؤكد للأمير عدم وصول السلطان إلى بلاده إلى آخر القصة.
وقد قدم أحمد العاقل الزياني جائزة بعشرة دنانير إلى الشيخ بختي بعد أن نجاه الله من ذلك الغزو المتوقع عليه وعلى إمارته. وأورد القصة بتفاصيلها ابن مريم في البستان ص 231 ـ 232.
وعند ما توفي الشيخ بختي في تاريخ لا نعلمه خلال القرن التاسع الهجري (15 م) دفن في قرية تحمل اسمه اليوم على بعد خمسة كيلومترات من قرية غمرة غربا ، واثني عشر كيلومترا من قرية حمو بوتليليس شمالا. واثنين وأربعين كيلومترا من وهران غربا. وقد زرت هذه القرية صباح الخميس 25 ذو الحجة 407 ه‍ (20 أوت 1987 م) للتعرف على المكان ، ووجدت هناك ضريحين اثنين واحد للشيخ بختي الصغير بجوار القرية داخل مقبرة صغيرة ، والثاني للشيخ بختي الكبير على بعد حوالي ثلاث كيلومترا من شمال القرية. وهو الذي يحتفل به كل سنة.
ولكن أحد الرجال هناك قال لي خلال الزيارة بأن الناس كانوا يقيمون الاحتفال في الضريح الذي بجوار القرية ولكن المشاجرات التي تحصل باستمرار ، وقتل البعض خلالها ، جعل الناس ينقلون الاحتفال إلى الضريح البعيد عن القرية.
(2) القرن التاسع الهجري يقابله القرن الخامس عشر الميلادي.

فكان من المفتوح لهم في كل شيء. وكانت له صحبة جسيمة ، ومحبّة عظيمة ، مع الولي الزاهد ، القطب الغوث الماجد ، شيخ الزّهّاد ، وقدوة العباد ، كثير المعاني ، وصاحب أسرار الأسماء والحروف ، أبي على الحسن أبركان ابن مخلوف المزيلي الراشدي دفين تلمسان وأحد ساداتها الأعيان (1) لأخذهما معا عن من اشتهر عن وصف الواصف ، الشيخ محمد بن أعمر الهواري ، العلوم وأسرار المعارف فتلمّذه له وخدمه بالنية والتصديق ، إلى أن نال منه سرا عظيما بالتحقيق. وكان سيدي بختي من الشرفاء الحسنيين أولاد أبي عنان الأخيار. نصّ على ذلك صاحب جواهر الأسرار.
ومنهم القطب الكامل ، العامل الواصل ، العالم الفاضل ، قامع أهل الضلالة واللصوص / أبو عبد الله سيدي محمد بن يبقى دفين جبل أبي عروص. (ص 26) كان رحمه‌الله من أهل القرن التاسع (2) وله جلالة وعظامة وسر نافع. وعلى
__________________
(1) الحسن بن مخلوف بن مسعود بن سعيد المزيلي الراشدي ، أبو علي الشهير بأبركان ، يعتبر من أكابر علماء تلمسان ، عاصر الشيخ الهواري وإبراهيم التازي ، وهو الذي توسط لسلطان تلمسان أحمد العاقل ، لدى الشيخ الهواري ، عند ما زحف السلطان الحفصي أبو فارس على تلمسان عام 837 ه‍ (1434 م). وقد توفي بتلمسان ودفن بها في آخر شهر شوال عام 857 ه‍ (أول نوفمبر 1453 م). وترجم له ابن مريم ، والحفناوي ، والجيلالي وغيرهم.
(2) جبل عروص الذي يسميه الناس بو عروص ، يقع شمال قرية قديل في سفح الكتلة الجبلية الضخمة التي تقع بين وهران وأرزيو ، ويقع في سفحها الغربي جبل كسيكسو وقرية كريشتل ، ويقع في سفحها الشرقي جبل عروص وقرية سيدي محمد بن يبقى ، وقرية قصيبة ، أما ضريح الشيخ وزاويته فتقع في عمق الجبل على بعد حوالي ثماني كيلومتر غربا وقد زرتها صباح يوم الأحد 21 ذو الحجة 1407 ه‍ (16 أوت 1987) ووجدناها مغلقة ثم لما عدنا إلى القرية التي تحمل اسمه دلنا البعض على منزل المقدمة زينت حفيدة الشيخ التي ولدت وتربت هناك هي وأبوها وجدها ، وتفتح الضريح والزاوية للزوار ، كل يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع. وذكرت لنا أن خادمة الشيخ التي دفنت هناك بجوار الضريح خارج القبة جيء بها من السودان. وكان الشيخ محمد ابن يبقى معاصرا للشيخ الهواري والشيخ بختي بن عياد ، ولا يستعبد أن يكون قد تتلمذ هو الآخر على الشيخ الهواري. وعاش في القرن التاسع الهجري (15 م) ولا ندري التاريخ الذي توفي فيه.

ضريحه مشهد عظيم مزار ، مقصود للتبرك به وقضاء المأرب (كذا) في الليل (كذا) والنهار.
ومنهم العلامة الأكبر ، والكبريت الأحمر ، من جمع الله له بين العلم والعمل ، ونار وقته وسعد به المكان والمحل ، الشريف الحسني الذي سرّه وعلمه كالماء الجاري ، يجري ، الشيخ غانم بن يوسف الملقب التركي الغمري ، دفين جبل ماخوخ (1) من بلاد أولاد علي أحد بطون بني عامر ، فظهر فضله وكثر سرّه فهو للكسير جابر. وكان من أهل القرن التاسع ومات بالعاشر واجتمع بالشيخ أبي العباس أحمد بن يوسف الراشدي الملياني ذى السرّ الناشر ، نصّ على شرفه أبو عبد الله محمد الفاسي في كتابه ـ أثمد الأبصار ـ فهو من السادات الأولياء العلماء الأبرار. وكان معاصرا للذي له في العلم والشرف والولاية قدم رسوخ (كذا) سيدي معاش بن أحمد الكثيري ، دفين ثنية ماخوخ (2) واصل مسكن
__________________
(1) جبل ماخوخ يقع جنوب وهران على الحافة الجنوبية لسهل ملاتة ، وسبخة وهران الكبيرة ، وتقع قرية الطافراوي في سفحه الشمالي على بعد حوالي خمسة أو ستة كيلومترات. وقد أسست قرية وبلدية جديدة بعد استعادة الاستقلال الوطني عام 1962 أطلق عليها اسم : سيد غانم. ويحتفل سنويا بذكراه فيما يعرف بالوعدة ، كما حصل هذا العام (أوت 1987). وقد أدرك القرن العاشر الهجري (16 م) ومات به. وله ذكرى في كثير من رحلات الرحالة المغاربة الذين كانوا يمرون بالمنطقة خلال ذهابهم وإيابهم من الحج حيث كانوا يزورونه ، ويتحاورون معه. وهذا يدل على شرفه ، وعلمه ، وتقواه ، وقد تحدث عنه أحمد العشماوي في كتابه السلسلة الوافية. والياقوتة الصافية ، وأثبت صحة نسبه إلى الأشراف الأدارسة. وقد قمت شخصيا بزيارة ضريحه صباح يوم السبت 27 ذي الحجة 1407 م (22 أوت 1987 م) للتعرف على المكان والتثبت من بعض المعلومات ، ولكن لا أحد يعرف شيئا. وحتى اسم جبل ماخوخ لا يعرفه الناس حاليا إطلاقا ولم يسمعوا به فمقدم الضريح الذي يبلغ عمره أربعا وثمانين عاما لم يسمع في حياته بهذا الاسم ، علما بأن صاحب المخطوط كان ما يزال حيا في نهاية القرن التاسع عشر وهو الذي أورد الاسم. أما أولاد علي فبعيدة عن موقع ضريح وقرية سيدي غانم إلى الشرق بحوالي عشر أو اثني عشر كيلومترا وتقع على الطريق العام بين سيدي بلعباس جنوبا وزهانة ووادي تليلات شمالا. وهذا يدل على عدم التدقيق في تحديد الأمكنة والأزمنة ، وكان ذلك مصدرا للأخطاء التي يقع فيها الناقلون والناسخون والمحققون.
(2) ثنية ماخوخ التي دفن فيها الشيخ معاشو تعرف اليوم باسم : عين البرد ، وكان الاستعمار ـ

سيدي غانم ببني وراغ فسمع به الأحلاف فرقة منهم بأنه عنده شاة من الضان مسمّنة منذ ثلاث سنين ، فقدموا إليه لطغيانهم وأمروه بذبحها لهم فسالهم غيرها فأبوا لما أراد الله بهم الانتقام المكين. فذبحها لهم واحتسب وبش في وجوههم وانطرب ، ولما فرغوا من الأكل وأرادوا الانصراف ، أنشأ يقول : حاف حاف طاح الكاف على الأحلاف ، فلا ينجى منهم إلّا الأعمى والزحاف ، فذهبوا نحو كاف الوادي وناموا في ظلّه / من شدة الحرّ فسقط عليهم ذلك الكاف وماتوا ولم ينج (ص 27) منهم إلّا من كان أعمى أو زحافا كما قال.
ثم ارتحل وجاء عند أبيه بمستغانيم فسكن بغربها بحشم داروغ إلى أن توفي أبوه سيدي يوسف الشريف فدفنه بالمطمر من مدينة مستغانيم (1). وفي
__________________
ـ الفرنسي قد أطلق عليها اسم واد أمبير وتقع على الطريق العام الذي يتجه إلى سيدي بلعباس ، البري ، والحديدي ، ولا تبعد عن قرية أولاد علي شمالا إلا ببضع كيلومترات كما لا تبعد كثيرا عن مدينة سيد بلعباس. ويوجد ضريح الشيخ معاشو في ربوة عالية بأعلى القرية قرب سفح الجبل في منطقة فلاحية هامة وخصبة ، وحسب مقدم ضريحه الحالي فإنه كان متزوجا من بنت الشيخ محمد بن عمر الهواري الوهراني ، فهو صهر ومعاصر له ، ومن أهل القرن التاسع الهجري (15 م) ولربما عاش إلى العاشر (16 م). مثل الشيخ غانم ، وحسب الشيخ عبد القادر الزبير أحد أحفاد الشيخ غانم فإن هناك صراعا وتنافسا بين أتباع الشيخ معاشو ، والشيخ غانم على النفوذ والسلطة الدينية ، والمركز العلمي. وقد زرت ضريح الشيخ معاشو صباح السبت 27 ذو الحجة 1407 ه‍ (22 أوت 1997 م) للتعرف على المكان والتثبت من بعض المعلومات ولكن لا أحد يعرف شيئا حتى مقدم الضريح الذي هو أمي كذلك. ومن غرائب ما لا حظناه قيام الناس بإحاطة قبور موتاهم بشبابيك حديدية ، مما يصعب معها زيارة أي قبر ، يضاف إلى هذا التبذير في الحديد المطلوب لصناعات أخرى ، وفي الأحوال التي يتم بها صنع تلك الشبابيك الحديدية.
ورغم أن الشيخ معاشو هذا كان عالما إلّا أنه لا يتم تعليم الأطفال حتى القرآن الكريم في زاويته ، وهو ما لاحظناه كذلك في زاوية الشيخ غانم ، والشيخ بختي ، والشيخ ابن يبقى ، والشيخ المسعود ، وغيرهم من العلماء الذين زرنا مدافنهم وأماكن استقرارهم ومثواهم.
(1) المطمر حي من أحياء مدينة مستغانم. وهناك قرية المطمر التي تقع بين مستغانم ـ

التوسل بوالده ، وسيدي عبد الله بن خطاب يقول الشيخ محمد بن حواء القدّاري ثم التجيني في غوثيته التي من بحر الرجز :
وبدفين المطمر الأواه
 

الإمام الأعظم عبد الله
 
وبالإمام الختما للشرف
 

رفيقة بعد الممات يوسف
 
ثم انتقل وسكن وهران أمدا ، ثم انتقل لغمرة غربي وهران وسكن بها إلى أن نسب لها. ثم انتقل منها وسكن بجبل ماخوخ إلى أن توفي به ودفن هناك وعلى ضريحه قبّة ومشهد عظيم مقصود للتبرك به وله نسل كثير أكثرهم بلهاء (1).
ومنهم العلامة الكبير الدرّاكة الشهير ، الفهامة الأثير ، كثير المعارف والأنوار ، والخوارق والأسرار ، أبو العباس سيدي أحمد بن أبي جمعة المغراوي النجار ، مؤلف كتاب : «جواهر الاختصار والبيان ، فيما يعرض بين المعلمين وآباء الصبيان». كانت له اليد الطولا (كذا) في كل شيء ، كثير التقارير. وكان من أولياء الله الأكابير (كذا). اجتمع بالشيخ غانم بن يوسف الغمري وأخذ عند فوائد جمّة ، ومسائل مهمة. وتوفي بالعشرة الثالثة من العاشر رحمه‌الله ونفعنا به وأمثاله. آمين (2).
(ص 28) ومنهم الولي الأشهر ، والكبريت الأحمر ، المنتشر الصيت / المراصد في العبادة للأوقات ، أبو عبد الله سيدي محمد بن الخير الجماعي دفين وادي تليلات
__________________
ـ وغليزان ، فلا بد من التفريق بينهما حتى لا يقع الخلط.
(1) لا ندري ماذا يقصد بكونهم بلهاء ولم نحاول أن نستنطق أحدا. لأنه من الصعب الحصول على جواب صحيح في مثل هذا الوصف ، ولنسا ندري هل المؤلف على علم حقيقي بهذا أم أنه استقى معلوماته من الغير ، وهنا تدخل النغرة ، والنعرة ، والصراعات القبلية والجهوية.
(2) أي فيما بين 930 ـ 940 ه‍ (1524 ـ 1534 م) وهو حفيد الشيخ محمد بن عمر الهواري ابن ابنه ، وشقيق محمد بن أبي جمعة الوهراني الذي سيأتي ذكره فيما بعد في المقصد الثالث ، وحسب الأستاذ أبو القاسم سعد الله فإن الكتاب ألّفه أخوه محمد بن أبي جمعة ، وعنوانه : جامع جوامع الاختصار والتبيين فيما بين المعلمين وآباء الصبيان. انظر تاريخ الجزائر الثقافي ج 1 ص 343. وقد حققه ونشره الدكتور عبد الهادي التازي في المملكة العربية السعودية.

وأصله من أولاد جماعة فرقة من العرب من بني زروال ، وكان من أهل القرن الثاني عشر في صحيح الأقوال (1) ويقال إنّ الدعاء عند قبره مستجاب كأبي مدين أحد الإمامين والأقطاب. وله كرامات جليلة ، وخوارق عادات جميلة خرج رحمه‌الله من وهران لما دخلها العدو في المرّة الأولى (2) وسكن برأس التافراوي ثم انتقل بزاويته إلى المحل الذي به ضريحه وسكنه إلى أن مات. وعلى ضريحه قبة وله مشهد للزيارة. ويقال إن له نسل وكانت زاويته في أمن من العدو وسائر الآفات.
ومنهم الشيخ النجيب ، الآخذ من العلم والسرّ بأوفر النصيب الطائع للإله (كذا) الرقيب المجيب ، أبو عبد الله سيدي محمد أغريب كان من أهل العطا والنفع الوافر. وهو من الأقدمين في المتواتر. وضريحه بصفح (كذا) جبل هيدور ، غربي وهران خارج سورها مشهور ولدى ضريحه مقبرة جليلة ، منتمية إليه فضيلة (3).
__________________
(1) وادي التليلات قرية فلاحية هامة جنوب شرق مدينة وهران على بعد 27 كلم منها. في سهل منبسط خصب على الطريق العام البري والحديدي إلى الجزائر العاصمة. الطافراوي قرية صغيرة تقع إلى وأسست جنوبها الغربي وقد زرت ضريح محمد ابن الخير الجماعي وزاويته صباح الأحد 21 ذو الحجة 1407 ه‍ (16 أوت 1987 م). وذلك في الجنوب الشرقي لوادي التليلات بجوار خط السكة الحديدية ، والطريق البري المتجه إلى زاهانا ، وسيدي بلعباس ، ويرد عليهما الزوار من عدة جهات ، وسط مقبرة صغيرة خاصة العنصر النسوي ، ولا أثر للعمل الثقافي والتربوي للأسف بها.
(2) هناك تضارب في هذا التاريخ. فقد قال المؤلف قبل بأن الشيخ الجماعي من أهل القرن الثاني عشر (الهجري) في صحيح الأقوال وهو ما يوافق الثامن عشر الميلادي ، وهنا يقول بأنه غادر وهران إلى الطافراوي عند احتلال الإسبان لها أول مرة. وهذا الاحتلال تم عام 915 ه‍ (1509 م) أي في مطلع القرنين : 10 ه‍ و 16 م.
(3) ما تزال هذه المقبرة إلى اليوم تحمل اسمه في سفح الجبل المطل على مدينة وهران ، جنوب حي القصبة القديم ، خارج السور القديم للمدينة ، ويفصل بينهما واد وخانق كبير ينحدر من الجبل غربا إلى واد الرحى أو رأس العين شرقا. وقد زرت هذه المقبرة صباح السبت 20 ذو الحجة 1407 ه‍ (15 أوت 1987 م) ووقفت على قبر الشيخ الغريب ، داخل حويطة محاطة بجدران أربعة إلى علو نصف متر. ويبدو أنها كانت في الأصل بيتا ـ.

ومنهم سيدي البشير بن يحيى من ذرية الشريف الحسني القطب الأكمل (ص 29) مقر الجان على الإطلاق. سيدي محمد بن يحيى المغراوي دفين وادي فروحة بالاتفاق ، الذي نصّ على شرفه أبو زيد عبد الرحمان في عقد الجمان النفيس ، وشارحه الشيخ الجوزي المزيلي ، والحافظ أبو راس في عجائب الأسفار. وكذا صاحب جواهر الأسرار ، وأثمد الأبصار ، وغيرهم من ذوي الأسرار. وكان سيدي البشير وقبره مشهور ومقصود للزيارة. وعليه قبّة وعنده مقبرة منتمية إليه بالاشتهارة (1).
__________________
ـ مسقفة ، ثم تهدم سقفها وأعالي جدرانها ، ودفن معه حديثا إنسان آخر في اتجاه شمالي معاكس تماما لقبره ، والمقبرة في حالة يرثى لها مليئة بالأزبال والقاذورات رغم أنها محاطة بجدار ولها بابان ، ولكن الجدار في أعلى مهدم يسهل للناس تخطيه ورمي القاذروات ، فأين مصالح البلدية ، وأين الأخلاق الإسلامية التي تحث على النظافة ، وتمنع إيذاء الموتى ومراقدهم ، وتوسيخها. إنه أمر يسيء إلى الأخلاق والفضيلة والدين ، ويؤذي الله والرسول
(1) أوائل القرن الثالث عشر الهجري يوافقه أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. والشيخ البشير هذا ما يزال قبره وضريحه قائمين حتى اليوم في حي الهضبة من مدينة وهران بجوار ثانوية بن باديس ، وخلف متوسطة ابن خلدون ، وقرب المكتبة البلدية والمتحف البلدي ، وحي المدينة الجديدة. ويتكاثر عليه العنصر النسوي دائما. وزرته شخصيا صباح السبت 20 ذو الحجة 1407 ه‍ (15 أوت 1987 م) ووجدته مملوءا بالعنصر النسوي. أما المقبرة فقد أزالها الفرنسيون ضمن ما أزالوا في إطار توسيع المدينة وأقاموا حيا كبيرا يدعى بحي الهضبة ، وقد توفي الشيخ البشير في أوائل القرن الثالث عشر الهجري (أواخر القرن 18 م). ولا بد من التفريق بينه وبين عالم آخر بنفس الاسم دفن شرق قرية بئر الجير ، شرق وهران على بعد حوالي عشرة كيلومترا. وأقيمت حول ضريحه قرية تحمل اسمه ، ويزوره العنصر النسوي بكثرة.
أما عقد الجمان النفيس في ذكر الأعيان من أشراف غريس الذي أشار إليه فهو رجز نظمه عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد التيجاني في القرن الحادي عشر الهجري (17 م) وشرحه تلميذه محمد الجوزي المزيلي الراشدي وسمى شرحه عليه : فتح الرحمن في عقد الجمان. كما شرحه أيضا أبو راس ، وترجمه إلى الفرنسية السيد ل. قان : L.GUIN ، ونشره في المجلة الإفريقية عام 1891. ـ

ومنهم العلامة سيدي بدر الدين وضريحه بوهران مشهور. وكان من العلماء الأكابر فهو من أهل الثالث عشر وله مسجد بها في المساجد مذكور (1).
ومنهم سيدي السنوسي مقامه خارج سور وهران بطريق تلمسان (2).
وسيدي إبراهيم الخرّوطي الوهيبي مقامه خارج سور وهران بطريق كدية الخيار يعان (كذا) (3).
وسيدي محمد بن أبي يعزى من ذرية سيدي أبي يعزى الغربي الهسكوري مقامه بمقبرة سيدي البشير المارّ المبروري (4).
__________________
ـ وأما مقرىء الجان ومعلمهم أمحمّد بن يحيى ، الذي ينتسب إليه الشيخ البشير ، فقد تحدث عنه أحمد العشماوي في كتابه السلسلة الوافية ، وقال بأنه من أهل غريس الشرقي وليس الغربي وخلف وراءه ثلاثة أبناء : محمد الكبير الذي استقر بواد زيان الذي يدعى وازيان بجوار قبائل بني كلال. ومحمد الكبير الذي استقر بالمنطقة الساحلية إزاء مديونة ومسيردة. وسليمان الذي استقر بوازيان كذلك ، وأنجب ثمانية أبناء هم : رحمون ، وموسى ، وعلي ، ومحمد ، وعبد الله ، وعبد القادر ، وصالح ، وعبد الحق ، فإلى من ينتسب الشيخ البشير ، من هؤلاء الأبناء والأحفاد ، والفروع ص 277 ـ 278.
وقد ذكر الشيخ المهدي البو عبدلي في تعليق له بدليل الحيران بأن أمحمد بن يحيى مقرىء الجان تتلمذ على الشيخ السنوسي بتلمسان وهو الذي أذن له في الذهاب إلى الراشدية (قلعة بني راشد) لنشر علم التوحيد الذي تخصص فيه وألف عقائده الثلاثة : الكبرى ، والوسطى والصغرى ، فامتثل واستقر بها وأسس معهدا علميا لا تزال آثاره ، وما حبس عليه من الأملاك والأموال باقية إلى اليوم ، وخلف ذرية كبيرة بالجزائر والمغرب الأقصى. ص 144 تعليق.
(1) الموافق للقرن التاسع عشر مسيحي. وهذا الولي غير معروف الآن ، ولا ذكر لمسجده ، وقد يكون اندثر ضمن ما اندثر مما خربته الإدارة الاستعمارية الفرنسية.
(2) ما يزال ضريحه قائما حتى اليوم بجنوب المدينة في ساحة كبيرة وواسعة غير بعيد عن السوق المركزي لبيع الخضر والفواكه بالجملة ويتردد على زيارته العنصر النسوي بكثرة ، وقامت البلدية أخيرا ببناء حائط دائري على ساحته وأقامت لها بابا لحمايته.
(3) لا يوجد قبره حاليا ، ولربما يكون قد اندثر كذلك. وكان هذا الولي معاصرا للباي حسن آخر بايات وهران ، وكاد يقتله لو لا لطف الله كما فعل بغيره.
(4) أزال الفرنسيون قبره عندما أزالوا المقبرة. ولا نعلم عنه شيئا.

وهؤلاء الثلاثة كلهم من أهل القرن الثالث عشر (1).
والشريف سيدي قادة بن المختار مقامه بالمدينة الجديدة وهو في القرن الحادي عشر مشتهر (2) غير انّي في حيرة من هذا المقام بالتعيين ، لأنه إن كان المنسوب له جلس به فإن وهران بذلك الوقت مسكونة بالاسبانيين. ثم زالت حيرتي بكونه قدم مجاهدا وجلس به ليلا فجعل له المقام. والحمد لله على زوال هذه الحيرة باتضاح المرام.
ومنهم العلامة الكبير ، والقدوة الشهير الجامع بين العلم والعمل الشيخ الرباني ، أبو محمد عبد الله بن الطيب بن حواء القدّاري التجاني ، شيخ الطريقة الدرقاوية كثيرة النوالي ، بعد شيخه مولاي العربي بن أحمد الدرقاوي البوبريحي الزروالي.
والسيد فرقان الفيليتي بالبيان.
(ص 30) وهما / الذان (كذا) أمر الباي حسن بقطع رأسيهما فقطعا في شعبان سنة تسع وثلاثين من القرن الثالث عشر بالتحيري (3) ودفنا بضريح واحد بلحدين أحدهما قبلة والآخر بحرا بمقبرة سيدي البشير. ويحكى أن السبب في قتلهما قاضي الحملة السيد محمود ابن حواء التجيني (4) وشى بهما عند الباقي لينال سعده ، بأنهما يريدا (كذا) القيام عليه كما قام ابن الشريف على من قبله من بايات الأتراك وهو الباي مصطفى بن عبد الله العجمي فمن بعده. ثم نقلا معا من وهران
__________________
(1) الموافق أواخر القرن 18 وأغلب القرن 19 م.
(2) الموافق للقرن 17 م وما يزال ضريحه قائما حاليا على بعد بضعة أمتار من مسجد وساحة سيدي بلال بالمدينة الجديدة.
(3) شهر شعبان عام 1239 ه‍ يوافقه شهر أبريل 1824 م ، وقد تم إعدامهما خلال أحداث ثورة الشريف الدرقاوي التي سيأتي الحديث عنها في المقصد الرابع إن شاء الله.
(4) ذكر الشيخ المهدي البو عبدلي في تعليق له بدليل الحيران بأن محمود بن حواء هذا كان قاضيا عند الأتراك ، وشغف بنسخ الكتب ، وجمعها ، ومن ضمنها : كتاب لمسلم بن عبد القادر بخط يده يوجد بالمكتبة الوطنية في الجزائر تحت رقم 893. ولا نعلم عنه حاليا غير هذا.

في عام أربعة وثمانين من الثالث عشر ودفنا بضواحي البطحا في المشتهر (1).
ومنهم الضرير السيد أحمد الفلالي المختاري كان يقرأ القرآن بالسبع (2) ولقراءته قد حرر. توفي سنة خمس أو ست وستين من القرن الثالث عشر (3) ودفن بقبة مقام سيدي عبد القادر الجيلالي بقرب مقبرة سيدي الغريب خارج سور وهران. وقبره مقصود للتبرك به نفعنا الله بالجميع في السرّ والإعلان (4).
__________________
(1) عام 1284 ه‍ يوافق : (ماي 1867 ـ أبريل 1868 م) ، والبطحاء هي قرية المطمر الحالية.
وكانت تسمى كلانشة في عهد الاحتلال الفرنسي ، وتقع بين مستغانم وغليزان ، وزرتها في شهر مارس 1988.
(2) يقرأ القرآن ويتلوه بالروايات السبعة المشهورة والمتواترة ، وأولها رواية ورش المنتشرة في كل بلدان المغرب الإسلامي والأندلس ، ثم حفص ، وقالون ، وغيرهما.
(3) الموافق لعام 1849 أو 1850.
(4) ما يزال هذا الضريح قائما حتى اليوم في سفح الجبل المطل على وهران غربا بجوار الحي الذي يدعى بالبلانتور ، جنوب غرب المدينة على الضفة اليسرى للوادي الذي يشقها من الجنوب ، إلى الشمال ، وقد أحيط بمقبرة صغيرة ، مسيّجة بحائط كبيرة ، ووضع لها باب كتبت عليه عبارة مقبرة سيدي الفيلالي. ولا يفصلها عن مقبرة سيدي الغريب شمالا سوى طريق عام للسيارات ، وبعض المنازل والمساكن والدكاكين الشعبية ، وقد زرتها مرتين آخرهما صباح اليوم السبت 20 ذو الحجة 1407 ه‍ (15 أوت 1986 م). والضريح يتألف من بيتين هذا داخل في الآخر ، وبه لا أقل من سبعة قبور ويقع ضريح الشيخ على يسار البيت الأولى وعليه تابوت وملحفة من الكتان ، والضريح والمقبرة نظيفتان جدا ، على عكس مقبرة سيدي الغريب ، ويبود أنها تغلق في الليل ومحروسة بالنهار وإلّا لما بقيت نظيفة هكذا وسالمة من التخريب.


المقصد الثالث
في ذكر بعض علمائها


اعلم أيدني الله وإياك بنوره. ونفعني وإياك بسره ووقانا من ضروره ، أن علماءها عددهم كثير. وحصرهم شديد عسير. ولكني أذكر منهم إن شاء تعالى المشاهير ، كما ذكرهم شيخنا الحافظ المحقق سيدي ومولاي ، وسمط محياي ، العالم الربّاني ، الشريف الحسني أبو عبد الله محمد بن يوسف الزياني / في (ص 31) الفصل الثالث من كتاب ـ دليل الحيران فنقول :
إن من علماء وهران عالمها ومحدثها أبو إسحاق إبراهيم الوهراني أحد شيوخ ابن عبد الله النمري الأندلوسي (كذا) كان من أهل القرن الرابع (1).
ومنهم أبو تميم الواعظ نفعنا الله به (2).
ومنهم أبو عبد الله محمد الوهراني الملقب بركن الدين صاحب الرسالة المشهورة على لسان بغلته للأمير بمصر عز الدّين موسك المذكورة في دليل الحيران وعقد الأجياد وغيرهما ، دخل مصر في حدود السبعين من القرن السادس (3) واشتهر بالعلم والأدب ، وحسن الفهم والنجب وحصل بها من العلوم لبابها. وكشف الحقائق حجابها.
__________________
(1) الموافق للعاشر الميلادي ، ولم نجد من ترجم له.
(2) هكذا كتبه المؤلف نقلا عن الزياني ، ولكن غيره يكتبه هكذا : أبا تمام بفتح الميم الأولى مع الشدة والمدّ ، بعدها ألف. وقد سكن بجاية مدة من الزمن ، ودرس بها ، وهو فقيه ، وعالم عاش في القرن السابع الهجري (13 م). وترجم له ابن أبي زرع ، والغبريني ، والجيلالي ، وشربونو ، وديديي.
(3) أبو عبد الله محمد بن محرز بن محمد الوهراني الذي يلقب بركن الدين ، من علماء وأدباء القرن السادس الهجري (12 م) ولد وعاش بوهران معظم سني حياته التي لم يسجل عنها ـ

ومنهم أبو زيد عبد الرحمان مقلاش وهو الذي أصلح في سهو الشيخ محمد الهواري أشياء وزنا وإعرابا وأتى به إلى الشيخ وقال له يا سيدي إني أصلحت سهوك فلم يقبل منه وقال له هذا السهو يقال له سهو مقلاش وأما سهوي فهو سهو الفقراء يبقى على ما هو عليه إنما ينظر فيه إلى المعنى ومن أين لمحمد الهواري بالعربية والوزن. وأنشد سبويه في هذا المعنى أبياتا فقال :
لساني فصيح معرب في كلامه
 

فيا ليته من وقفة العرض يسلم
 
أراه فصيحا في الحياة وإنّما
 

أخاف عليه في القيام يلجّم
 
وما ينفع الإعراب إن لم تكن تقى
 

وما ضرّ ذا تقوى لسان معجّم
 
وكان من أهل القرن التاسع (1).
__________________
ـ شيء ، ولم تحدد حتى سنة ميلاده. وقد تجول في بلدان المغرب العربي ، وصقلية على عهد الموحدين ، ثم انتقل إلى مصر عبر تونس ، وصقلية ، وحاول أن يلتحق بديوان الإنشاء. فلم يوفق بسبب شخصية القاضي الفاضل ولذلك غادر مصر إلى الشام ، وزار بغداد ثم التحق بدمشق ، عام 570 ه‍ (1174 م) ، وعين إماما في مسجد داريا بضواحيها وبقي بها حتى توفي في شهر رجب 575 ه‍ (1179 م) ودفن بها. وقد ألّف خلال حياته رسائل ، ومنامات ؛ ومقامات ، على شكل وأسلوب أبي العلاء المعري في رسالة الغفران. وكان سليط اللسان مقذعا ، لا يتورع عن استعمال الكلمات والجمل القبيحة ، والبذيئة ، وعن استعمال الأساليب الهزلية الهادفة. ومن أشهر مقاماته : المنام الكبير الذي سار فيه على غرار المعري ، والمقامة البغدادية ، والمقامة الصقلية ، ومقامة مساجد الشام ، ومقامة بغلته ، وترجم له ابن خلكان في وفيات الأعيان ، وابن فضل الله المعري في مسالك الأبصار ، والصفدي في الوافي بالوفيات ، وابن قاضي شعبة في الأعلام ، والسيوطي في الكنز المدفون ، ومحمد كرد علي في مجلة المقتبس (1906 ـ 1908 م) ، وخير الدين الزركلي في الأعلام. وفريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين ، وبروكلمان ، والجيلالي ، وعبد الله حمزة في دراسته عن الأدب المصري. وأخيرا الأستاذان : إبراهيم شعلان ومحمد نغش ، اللذان جمعا عددا كبيرا من مقاماته ورسائله ومناماته ، وإصدارها في كتاب تحت عنوان : منامات الوهراني ومقاماته ورسائله ، بالقاهرة عام 1968 م ويحتوي على 308 صفحة. ولكن هذه الدراسة لم تقدم أي شيء عن حياته قبل هجرته إلى مصر والشام ، وهي فترة طويلة وتعتبر ثغرة في حياته تتطلب البحث والدراسة.
(1) الموافق للقرن 13 م. وعبد الرحمن مقلاش هذا ، تلميذ للشيخ محمد بن عمر الهواري ، ـ

ومنهم المشايخ الستة المتقدمون / الذكر وهم : سيدي محمد الهواري ، (ص 32) وتلميذاه سيدي إبراهيم التازي ، وسيدي بختي البوعناني ، وسيدي محمد بن يبقى ، وهؤلاء الأربعة كانوا في عصر واحد من أهل القرن التاسع. وسيدي غانم الغمري وتلميذه سيدي أحمد بن أبي جمعة المغراوي ، وكانا ممن أهل التاسع أيضا لكنهما ماتا بالعاشر كما مرّ (1).
ومنهم الشيخ أبو عبد الله سيدي محمد بن أبي جمعة الوهراني المغراوي شارح لامية كعب بن زهير التي اسمها : بانت سعاد. وله يد في علم النجم والحساب وكل علم لا سيما اللغة. واسم الشرح المذكور : «تسهيل الصعب ، على لامية كعب». قال شيخنا الزياني وهو عندي في الملكية بخطّ مؤلفه رحمه‌الله تعالى وهو صنو السيد أحمد ابن أبي جمعة المار وكلاهما من ذرية سيدي محمد الهواري ابنا ابنه توفي سنة عشر من القرن العاشر (2).
ومنهم بالقرن الثالث عشر :
الشريف السيد محمد بن حسن المعروف بالكاتب المستغانمي لكونه كان كاتبا لإنشاء الباي المجاهد السيد محمد بن عثمان ، فاتح مدينة وهران. وقد
__________________
ـ ولم يترجم له أحد ما عدا حكاية تصحيحه لأخطاء شيخه اللغوية ، في ذلك التأليف ، والتي لم يقبلها ، ورفضها ، أما سبويه فهو بشر بن عمر بن عثمان البصري ، ولد بمدينة البصرة في العراق واشتهر بتضلعه في علم النحو والصرف وقواعد اللغة ، وتصدر مدرسة البصرة كإمام لها ، بينما تصدر الكسائي مدرسة الكوفية. وقد توفي قرب شيراز عام 770 ه‍ (1368 ـ 1369 م).
(1) لقد مر التعريف بكل هؤلاء في هوامش المقصد الثاني فليراجعوا هناك.
(2) الموافق لعامي 1504 ـ 1505 م. وهو حفيد الشيخ محمد بن عمر الهواري ، ابن ابنه مباشرة ، ومرت ترجمة أخيه أحمد في المقصد الثاني. وفي نفس السنة التي توفي وهي 910 ه‍ أصدر فتوى لمسلمي الأندلس ، الراغبين في البقاء في بلادهم ، رخص لهم فيها بإخفاء إسلامهم وإظهار التدين بالمسيحية ، كوسيلة للمحافظة على أرزاقهم ، وأملاكهم. مع العمل على تربية أبنائهم تربية إسلامية في منازلهم وتنشئتهم على الدين الإسلامي بصورة خفية. وقد أورد هذا الخبر الأستاذ محمد عبد الله عنان في كتابه : نهاية الأندلس ، ونقلت عنه الأستاذة ليلى الصباغ في مقالها : ثورة مسلمي غرناطة والدولة العثمانية ، المنشور في مجلة الأصالة الجزائرية. عدد 27 (1975).

وصفه الحافظ أبو راس في رحلته المسمّة (كذا) بفتح الإلاه (كذا) ومنته ، في التحدث بفضل ربي ونعمته ، في الباب الثالث منه بما نصّه : فانجرّ الكلام إلى أن قلت الأمر الفلاني كلا شيء بفتح الهمزة ، فقال لي لسان الدولة ، وفارس الجولة الذي عظّم مكانه ورفعه. وأفرد له متلو العزّ وجمعه ، وأوتره وشفّعه وقرّبه في بساط الملك تقريبا فتح له باب السعادة وشرّحه وأعطاه لواء القلم الأعلى (ص 33) فوجب على من دونه من أولي صنعته أن يتبعه. / وحسبك من ذمام لا يحتاج إلى شيء معه ، العالم الفقيه ، الحبر النزيه ، الأمثل الأفضل السيد محمد بن حسن ، من بيت علم وصيانة ، ونزاهة وأمانة ، وبركة وخير وقرى ومير ، ومنصب كريم ، وحسب صميم. وكان رحمه‌الله ذا يد في النحو واللغة وسائر العلوم ولا سيما الأدب. فينسل إليه فيه من كل حدب ، حتى أنه كان لهجته وربيع حواسيه ومهجته. قل كلا شيء بكسر الهمزة ألا ترى أنك تقول جئت بلا زاد وحرف لا ، لا عمل له. فقلت له أن الكاف لا تعيق عن العمل كهمزة الاستفهام والباي رحمه‌الله ينظر إلينا ثم ذهبت وفي قلبي من كلامه شيء فعملت على ذلك تأليفا فلما قرأه استحسنه وأراه للباي لأنه رحمه‌الله ممن طاب خيمه ، وسلم من الحسد أديمه. وسميت هذا التأليف : «بغية المرتاد في كلا شيء وجئت بلا زاد». ولما علمت أنه لم ترتضه ذهبت وألّفت تأليفا آخرا وبعثته له فأعجبه وسميته : «عمدة الزاد في إعراب كلا شيء ، وجئت بلا زاد» ـ ثم انتقل رحمه‌الله من خطة الكتابة إلى خطة القضاء إلى أن مات بها.
وابنه القاضي الشريف السيد أحمد بن الخوجة المستغانمي (1).
__________________
(1) عائلة ابن الخوجة المستغانمية من الأسر العلمية المشهورة ، أنجبت عددا من العلماء والأدباء منهم : حسين خوجة ، وابنه محمد بن حسين خوجة ، والشريف بن خوجة ، وابنه أحمد بن الخوجة الذي درس عليه الأمير عبد القادر بوهران خلال إقامته بها مع والده محي الدين. وكان حسين خوجة مثل ابنه ، كاتبا في ديوان الإنشاء للباي محمد بن عثمان الكبير ، وألّف كتابا أسماه : درّ الأعيان في أخبار مدينة وهران. ترجمه إلى الفرنسية السيد ألفونس روسو : ALPHONSE Rousseau حسبما أشار إلى ذلك ليون في : Leon Fey في كتابه : وهران. ومارسيل بودان في مجلة جمعية الجغرافيا والآثار لمدينة وهران في ماي 1924 م. ولحسن خوجة أيضا ، على ما قيل ، كتاب آخر سماه : بشائر أهل الإيمان في فتوحات آل عثمان. ما يزال مخطوطا بالمكتبة الوطنية بالجزائر تحت رقم 2192.

وأهل الراشدية وهم : الشريف السيد مصطفى بن عبد الله الدحاوي مؤلّف : «فتح وهران» (1). والشريف السيد الحاج محمد بن البشير الحريزي الزياني (2). والشريف السيد أحمد بن يوسف الزياني عم شيخنا (3) والشريف السيد عبد الله ابن محمد بن عبد / الله الجيلالي الفيقيقي (4). (ص 34)
والشرفاء الثلاثة المشارف وهم : السيد الطاهر (5) بن الشيخ المشرفي صاحب التأليف العديدة. وابن أخيه السيد محمد بن عبد الله سقاط بن مصطفى بن الشيخ المشرفي. وابن عمهما السيد الحاج عبد القادر بن مصطفى المشرفي الذي توفي بمصر سنة تسع وستين ومائتين وألف (6).
__________________
(1) محمد المصطفى بن عبد الله بن زرفة بن دحو الدحاوي من شرفاء وعلماء غريس ، مر التعريف به في هامش 23 من هوامش المقصد الأول فليراجع هناك.
(2) لم نتمكن من معرفة شيء عنه ويبدو أنه لم يترجم له أحد.
(3) يقصد به محمد بن يوسف الزياني مؤلف كتاب دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران. وقد مرت ترجمته في المقصد الأول. أما عمّه أحمد بن يوسف فكان فقيها ومحدثا ، ودرس عليه أبو راس الناصر.
(4) ذكر الشيخ المهدي البو عبدلي في تعليق له بدليل الحيران صفحة 40 هامش بأن الشيخ محمد الطاهر المحفوظي من شرفاء غريس. عالم مشهور وجماعة كتب ، جمع خزانة كبيرة وهامة معظمها نقله بخط يده ، وتولى وظيفة القضاء بوهران ، وتلمسان ، خلال الاحتلال الفرنسي ، وتعرف أسرته باسم أسرة خطيب ، انتقل بعض أفرادها إلى المغرب الأقصى ، والبعض إلى مدينة الشلف ، وبقي أكثرهم بالراشدية ، قلعة بني راشد ، وقد لاحظنا نحن وجود شخصين من هذه العائلة في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير عبد القادر وهما : الطاهر المحفوظي ، ومحمد المحفوظي.
(5) لم نجد عنه معلومات تذكر. وقد لقبه الزياني في دليل الحيران بالعفيفي في النسخة المحققة بينما لقبه صاحب طلوع سعد السعود بالفقيقي ولسنا ندري من الأصح.
(6) تنتسب عائلة المشارف إلى مشرف (بكسر الراء وفتحها) بن عبد الرحمن بن مسعود الذي قدم من بو صمغون ، وتولى القضاء بغريس لبعض أمراء بني زيان. ويتصل نسبهم بالشرفاء العرصيين أهل فيقيق بقصر واد غير. وجدها الأعلى مشرف ابن غريب الذي ينتهي نسبه إلى إدريس الأكبر. والسيدة فاطمة الزهراء. كما في شرح عقد الجمان النفيس. ولعبت هذه العائلة دورا هاما ورائدا في حياة المنطقة ، علما وثقافة ، وجهادا ، مما جعل صاحب القول الأعم يقول : «ولم تتعد الرئاسة فيما علمناه دار الشيخ المشرفي ـ

__________________
ـ وأولاده ، فإنهم الذين كانوا معتبرين عند الملوك الأتراك. وكانت لهم ولاية في خطة الشريعة (خطة القضاء) أيام الأتراك ، وأيام ابن عمنا الأمير (عبد القادر) ص 334 ـ 335.
ومن أشهر علماء هذه العائلة :
أ ـ الشيخ عبد القادر بن عبد الله المشرفي الذي كان يدعى : شيخ الجماعة وإمام الراشدية. ولد ونشأ في قرية الكرط قرب مدينة معسكر ، وتثقف في المنطقة على علماء عصره ، ثم عين مدرسا بمعهد الشيخ مصطفى بن المختار ، وابنه محي الدين بالقيطنة مدة من الزمن ، وأخيرا أسس لنفسه زاوية دينية ومعهدا علميا بالكرط ، أصبح في مستوى زاوية ومعهد القيطنة وشارك بنفسه في مقاومة النصارى الإسبان بوهران ، والتحرير الأول لها عام 1119 ه‍ (1708 م). وألف رسالة في التنديد والتشهير بالقبائل التي كانت تتعاون مع الإسبان المحتلين لوهران سماها : «بهجة الناظر في أخبار الداخلين تحت ولاية الاسبانيين من الأعراب كبني عامر» وعدد فيها القبائل المعنية وهي : كريشتل ، وشافع ، وحميان ، وغمرة ، وقيزة ، وأولاد عبد الله ، وأولاد علي ، والونازرة. وأنهى رسالته هذه عام 1178 ه‍ (1764 ـ 1765 م). وتوفي بمسقط رأسه يوم الخميس 19 رمضان 1192 ه‍ (2 أكتوبر 1778 م). ولخص مارسيل بودان هذه الرسالة في المجلة الإفريقية عام 1924 م ، وعرف بهذا التلخيص الضابط بيليكا : PELLECAT في مجلة جمعية الجغرافية والآثار لمدينة وهران في نفس العام ، حققها ونشرها الأستاذ محمد بن عبد الكريم في دار الحياة ببيروت عام 1972.
ب ـ ابنه القاضي الطاهر المشرفي ، الذي تولى القضاء للأتراك وله عدة تآليف ، ولا نعرف عنه حاليا أكثر من هذا.
ج ـ ابنه أحمد بن الطاهر المشرفي الذي كان عضوا في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير عبد القادر.
د ـ حفيد الشيخ عبد القادر ، وهو محمد بن عبد الله مصطفى سقاط المشرفي. الذي كان إماما في الفقه والحديث ، وتولى القضاء للأتراك ، وكان ضمن الموقعين على وثيقة المبايعة للأمير عبد القادر ، أميرا للجهاد ، فعينه قاضيا ، وعضوا في مجلس الشورى العالي الأميري. وأرسله في مهمة ديبلوماسية ، وشرعية فقهية قضائية إلى سلطان فاس عبد الرحمن بن هشام وحمله سؤلا إلى مفتي فاس وشيخ الإسلام بها أبي الحسن علي بن عبد السلام مديدش التسولي ، حول موقف الشرع الإسلامي من المتعاونين مع الكفار والرافضين لدفع الزكاة والأعشار لتموين حركة ـ

والشريف السيد أحمد بن التهامي أحد أولاد سيدي أحمد بن علي
__________________
ـ الجهاد. فسافر إلى المغرب يوم 19 ذو الحجة 1252 ه‍ (27 مارس 1837 م) وعاد بالجواب في ربيع الأول 1253 ه‍ (جوان جويلية 1837 م) واجتمع بالأمير في حصن تازة بين بوغار ، وثنية الحد ، جنوب شرق مليانة. حسب رواية صاحب تحفة الزائر (ج 2 ص 206 ـ 208). وأبلغه رغبة السلطان المغربي إلغاء معاهدة تافنة ، والعودة إلى الجهاد والمقاومة. أما الشيخ المهدي البو عبدلي فقد ذكر في تعليق له بدليل الحيران ، بأن عبد الله سقاط مات مسموما بمكناس ودفن بها ، ولعله يكون ذلك في رحلة أخرى غير هذه.
ه ـ الحاج عبد القادر بن مصطفى المشرفي ابن عم الأخيرين وقد توفي بمصر عام 1269 ه‍ (1832 ـ 1853 م) حسب رواية صاحب طلوع سعد السعود ، ولا نعرف عنه شيئا آخر غير هذا حاليا. ولعله كان في طريقه إلى الحج ، أو عاد منه ، من يدري؟.
و ـ أبو حامد العربي بن علي بن عبد القادر المشرفي ، المعاصر للأمير عبد القادر ولد بغريس في قرية الكرط ، وتثقف بها على علماء عصره حتى أصبح كاتبا ، وشاعرا ، وناقدا ، وبعد الاحتلال الفرنسي للجزائر ووهران ، هاجر إلى فاس ، ووثق صلاته بسلاطين المغرب الأقصى خاصة : الحسن الأول الذي كان يصحبه معه في جولاته التفقدية والتأديبية. ولذلك خصه بديوان شعر في مدحه. وقد ألّف عدة كتب ودواوين شعرية ، ونقد بأسلوب جارح حتى سكان فاس الذين يعيش بينهم. وذلك مما يدل على اعتداده بنفسه ، وزار الجزائر مرتين : الأولى عام 1848 ـ 1849 بعد استسلام الأمير عبد القادر ، والثانية عام 1877 خلال ذهابه إلى الحج ، وعودته من هناك. فكتب عن الجزائر وعلمائها والمحتلين الفرنسيين.
وأحصى له الدكتور أبو القاسم سعد الله ما يقرب من 28 مخطوطة ، شعرا ونثرا ، بين طويلة وقصيرة ، منها : كتاب : ياقوتة النسب الوهاجة في التعريف بسيدي محمد بن علي مولى مجاجة. وكتاب : ذخيرة الأواخر والأول فيما ينتظم من أخبار الدول ، ويبدو أنه كان معارضا لسياسة الأمير عبد القادر ورجاله ولذلك ألّف كتابا أو رسالة سماها : طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار». وقد توفي بفاس عام 1311 ه‍ (1893 م) وقيل عام 1313 ه‍ (1895 م).

البو عمراني (1) وابنه السيد الحاج مصطفى بن التهامي خليفة الأمير السيد الحاج عبد القادر الحسني بالمعسكر (2).
وشيخ الجماعة السيد محي الدين بن المصطفى بن المختار والد الأمير الحسني (3).
__________________
(1) أحمد بن التهامي صهر الأمير عبد القادر ، متزوج من عمته ، وعينه الأمير عضوا في مجلس الشورى العالي الأميري ، وكان على رأس الأحد عشر عضوا. ولقبه صاحب القول الأعم بشيخ الجماعة ، نظرا لسعة ثقافته ورفعة مكانته العلمية والسياسية.
(2) الحاج مصطفى بن التهامي هو ابن أحمد بن التهامي وابن عمة الأمير عينه الأمير رئيسا لديوان الإنشاء ، وخليفة له على مدينة معسكر بعد مقتل الخليفة محمد ابن فريحة المراحي ، في البرجية أثناء التدريب على استعمال السلاح. وقد تولى قيادة جيش الأمير في عدة جهات من الوطن : بتلمسان ، والمدية ، والهضاب العليا ، والجلفة ، وبو سعادة ، والمسيلة ، وبرج بو عريريج ، وسطيف ، وعين تاغروط ، وعين الترك ، وخاض معه معظم المعارك وأشرف على تنصيب الحسن بن عزوز ، ومحمد الصغير بن عبد الرحمن ، خليفتين للأمير عبد القادر في الزيبان. والشيخ بوزيان شيخا على واحة الزعاطشة.
وبقي يكافح ويجاهد مع الأمير إلى أن استسلم ، ونفي معه إلى فرنسا ، وألف في قصر أمبواز ، تاريخا عن حياة الأمير عبد القادر العسكرية ، والسياسية ، والأدبية والتاريخية. ما يزال مخطوطا. وهاجر معه إلى الشام بعد إطلاق سراحهما وتوفي هناك ، ونظم قبل وفاته غوثية طويلة من ألف بيت جاء في أولها :
لما جرى القدر بالخلاف
 

ووقع الخلف بالإئتلاف
 
ووجب الوحش بقعر اليم
 

وألحق النقص ببدر التم
 
واقتنص الصقر عدو صائد
 

وللنعام في القرى وصائد
 
وابتعدت عن العقول حيل
 

واقتعدت بالاعتراف جيل
 
لم يبق إلّا الابتهال والسكن
 

للقاهر المالك كل ما سكن
 
سبحانه تعالى جده العالي
 

من قام بالقهر لكل معتلي
 
ثم الضراعة والاستكانة
 

تحلية الدعا والاستعانة
 
قلت مناديا نداء الرب
 

مقتربا أن جاز وعد الرب
 
(3) الشيخ محي الدين بن مصطفى ، والد الأمير عبد القادر ، ولد بواد الحمام عام 1190 ه‍ (1776 ـ 1777 م) ودرس على أبيه ، وعلى شيوخ معهد القيطنة ، ومنهم الشيخ عبد القادر ـ

__________________
ـ المشرفي. وورث على والده مشيخة الزاوية ، وأصبح من علماء الظاهر والباطن ، وكثر عليه طلاب العلم ، ومريدو الطريقة والتصوف ، واشتهر بالصلاح وسداد الرأي ، وغزارة العلم والمعرفة كما اشتهر بمقاومته لسياسة القسوة ، والظلم ، التي يتبعها بعض الحكام ، ولذلك وشى به بعض خصومه إلى الباي حسن بن موسى بوهران ، وأشاروا عليه بأن يرحله إلى هناك ليكون تحت رقابته الفعلية ، فامتثل وانتقل بأسرته إلى هناك وصحب معه ابنه الشاب عبد القادر ، وذلك عام 1236 ه‍ (1821 م). وبقي بوهران أربع سنوات كاملة حتى عام 1241 ه‍ (1825 م). وخلال إقامته هناك بعث إليه أحد تلاميذه المخلصين له وهو الشيخ السنوسي بن عبد القادر الراشدي الدحاوي قصيدة شعرية يسلّيه بها ، ويخفف عليه آلام الغربة ، وفراق الأهل ، وممّا جاء فيها :
عوّل على الصبر لا تفزعك أشجان
 

ولا ترعك بما فاجتك وهران
 
أما هي الدار لا تؤمن غوائلها
 

بلى هي الدار أغيار وأحزان
 
شبت على الغدر لم تعطف على أحد
 

إلا ومن غدرها صد وهجران
 
ما أنت أول من أدهت وآخرهم
 

ولا بأوسط من خانته أزمان
 
انظر إلى يوسف الصديق كم لبثت
 

في السجن ذاته ما وافته خلان
 
وانظر إلى ابن رسول الله ثم إلى
 

هلمّ جرّا وما لاقاه عثمان
 
تلك العوائد أجراها على قدر
 

مدبر الأمر مهما شاء ديان
 
لم يثقفوك أمحي الدين عن زلل
 

رأوا ولكن أغوى القوم شيطان
 
إلى أن يقول :
بل لا عليك وإن ساءت ظنونهم
 

سيهزم الجمع أو ينفض ديوان
 
إن العواقب في القرآن ثابتة
 

للمتقين وصدق القول قرآن
 
وأنت ما زلت تهدينا إلى سنن
 

تهدي إلى الحق لم يثنك طغيان
 
تقرى الضيوف وتسعى في حوائجهم
 

وتحمل الكل لا غش ولا ران
 
وعندما تأكد الباي حسن بو موسى ، من بطلان الوشاية ، وكذبها رفع عنه الإقامة الجبرية ، وأذن له في الذهاب إلى الحج ، فشد الرحال صحبة ابنه عبد القادر برا إلى تونس ، وبحرا إلى مصر ، والحجاز ، واستغرقت رحلتهما عامين وزيادة ، وأديا مناسك الحج ثلاث مرات ، وزارا معظم عواصم المشرق ومنها بغداد التي جدد فيها الشيخ محي الدين أخذ الطريقة القادرية الجيلانية ، ولبس الخرقة ، ثم قفلا راجعين إلى الوطن برا عبر مصر ، وبرقة حيث زارا قبر والده الشيخ مصطفى بعين غزالة قرب درنة ثم واصلا ـ

والشريف السيد مصطفى بن الهاشمي. وصنواه : السيد أحمد ابن الهاشمي قاضي المعسكر والسيد الحبيب بن الهاشمي المراحيين (1).
والشريف السيد أحمد بن أعمر بن الخضير المهاجي (2).
والشريف السيد عبد القادر بن بروكش الورغي المفتي بوهران وابن عمّه السيد الحبيب بن بروكش الورغي ، فهؤلاء أهل المعسكر من الراشدية (3)
__________________
ـ الرحلة إلى طرابلس ، والقيروان ، وتونس ، وقسنطينة والجزائر ووهران وأخيرا القيطنة أوائل عام 1243 ه‍ (1828 م). وبعد أن احتل الفرنسيون مدينة وهران يوم 4 جانفي 1831 م تزعم الشيخ محي الدين حركة الجهاد والمقاومة ضدهم مع ابنه عبد القادر الذي رشحه للإمارة وحضر مبايعته بسهل غريس أميرا للجهاد والمقاومة وتوفي عام 1249 ه‍ (1833 ـ 1834 م) فخلفه ابنه محمد السعيد في رئاسة الزاوية ، وابنه عبد القادر في حركة الجهاد والمقاومة.
(1) لم نجد حاليا معلومات عن هؤلاء العلماء.
(2) لم نجد معلومات عن هذا العالم ، ولكن صاحب القول الأعم ذكر أن عائلته تنتمي إلى قبيلة مهاجة المتفرعة من أولاد ميمون. ومن رجالها الحاج الخضير المهاجي الذي لربما يكون جدا لأحمد بن عمر هذا. وقد توسط بين الباي محمد بن عثمان الملقب بالمقلش (1805 ـ 1807 م) وبين الحشم بمعسكر خلال ثورة درقاوة ، وأشار على الباي أن يصاهر كبير الحشم الشيخ قدور بن الصحراوي ، ويخطب بنته إلى ابنه فوافقه على ذلك ، وأعطى له توكيلا بخط يده يحمل تاريخ 1220 ه‍ (1805 ـ 1806 م) لينوبه في الخطبة ، وهو ما حصل ، وقد أنجب الحاج الخضير المهاجي هذا ابنين ، هما : محمد ، وابن فريحة الذي أصبح خليفة للأمير عبد القادر على ولاية معسكر.
(3) هذان العالمان يسميهما صاحب القول الأعم بن روكش ، وليس بن بروكش ، وذكر أنهما ينتميان إلى أولاد سيدي أحمد الورغي ويعرفون اليوم بورغية أصلهم من المغرب الأقصى. وهم في غاية الشهرة والهمة والترفع ، تولى الكثير منهم خطة القضاء للأتراك وللأمير عبد القادر ، ومنهم الحاج عبد القادر بن بروكش الصغير ، والحاج عبد القادر ابن بروكش الكبير. اللذان كانا عضوين في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير عبد القادر. والكبير منهما تولى القضاء للأتراك قبل ذلك ، وابنه الصغير تولى القضاء للأتراك ثم للأمير عبد القادر ، وهاجر إلى فاس فيما بعد وتوفي هناك ، وما يزال أعقابه بها إلى اليوم. انظر القول الأعم. ص 336 و 388. ومن هذه العائلة أيضا محمد بن المختار الورغي الذي كان عضوا هو الآخر في مجلس الشورى العالي الأميري للأمير.

وحافظ البخاري السيد مصطفى بن جلول الخروبي ، وصنوه السيد محمد ابن جلول الخروبي. والخوجة السيد الحاج محمد بن الخروبي ، والشبيه بالحكيم اليوناني ، القاضي السيد محمد بن الجيلاني ، الخروبي الذي قال فيه الخوجة السيد مسلم بن عبد القادر الحميدي في أنيس الغريب والمسافر هذين البيتين :
ونديم لأبي محمّد عثمان
 

مصدّر في كل شيء فقيه
 
عفيف ذو نجابة مهاب
 

ظريف ذو رئاسة وجيه
 
/ وهؤلاء أهل القلعة الراشدية (1). (ص 35)
والسيد الحاج محمد بن قجيل (2) ...
__________________
(1) يقصد بالقلعة الراشدية قلعة هوارة التي تم تأسيسها في القرن الخامس الهجري (11 م) وعرفت فيما بعد بقلعة بني راشد. وأسرة الخروبي هذه من الأسر العلمية التي توارث علماؤها خطة القضاء للأتراك ، وللأمير عبد القادر. وقد تولى الشيخ محمد ابن الخروبي القضاء للباي عثمان بن محمد الكبير بوهران (1800 ـ 1804 م) وكان من المؤنسين له ، ووقف إلى جانب الشيخ الطيب بن الفريج حينما وشى به بعض خصومه فأعرض الباي عنهم ولم يصدقهم. ومن الذين توظفوا لدى الأمير عبد القادر : الشيخ محمد الجيلاني الخروبي الذي تولى خطة القضاء وهاجر معه إلى الشام وتوفي هناك. والمكي الخروبي الذي عين عضوا في مجلس الشورى العالي الأميري. ومحمد الخروبي القلعي الذي عين خليفة على ولاية مجانة ونواحيها في البيبان وسطيف. أما الذين ذكرهم صاحب المخطوط فلم نجد من ترجم لهم.
(2) الشيخ محمد بن علي أقوجيل الكاتب ، والشاعر ، ينحدر من أسرة علمية عريقة بنواحي مدينة البرج شرق مدينة معسكر. توارث علماؤها وفقهاؤها خطة القضاء للأتراك ، وللفرنسيين بعدهم ، وقد ألف ابن أقوجيل هذا كتابا في الحديث أسماه : عقد الجمان اللامع من قعر البحر الجامع ، ونظم شعرا في المقاومة ضد الإسبان حث به الباشا حسين خوجة الشريف (1705 ـ 1707 م) على الجهاد ومحاربة الإسبان بوهران ، وعلى احترام العلماء ، ومشاورتهم في الأمور والقضايا ، فقال عن الجهاد :
ولتلتفت نحو الجهاد بقوة
 

والكفر أقطع أصله بذكور
 
جهز جيوشك كالأسود وسرحن
 

تلك الجواري في عباب البحور
 
اضرم على الكفار نار الحرب لا
 

تقلع ولا تمهلهم بفتور ـ
 

والسيد أحمد بن أفغول (1) وهذان برجيان من الراشدية أيضا ؛ والسيد محمد الصادق الحميسي ابن علي المازوني ثم المغيلي (2) والسيد عبد الله بن حواء. والسيد فرقان والسيد بدر الدين المتقدمين (كذا) الذكر. والسيد محمود بن حواء التجيني. والسيد الحاج مفتاح البخاري الحنفي شيخ الجماعة بوهران. والسيد
__________________
 ـ وبقربنا وهران ضرس مؤلم
 

سهل اقتلاع في اعتناء يسير
 
كم قد أذت من مسلمين وكم سبت
 

منهم بقهر أسيرة وأسير
 
وقال عن مشاورة العلماء :
شاور ذوي علم ودين ناصح
 

ودع الغواة وكل ذي تنوير
 
فالعلم ميراث النبوة ناله
 

قوم لهم حظ من التنوير
 
إني نصحتك والنصيحة ديننا
 

فاقبل ولم ينصحك دون خبير
 
ولم ندر متى ولد ومتى مات ، ولكن الأستاذ محمد بن عبد الكريم ذكر أنه توفي عام 1078 ه‍ (1667 م) وذلك لا يتناسب مع تاريخ الشعر الذي نظمه في حث الباشا حسين خوجة الشريف. في مطلع القرن 18 م ، وعدد أبياته سبعون ، أوردها بكاملها محمد بن ميمون في كتابه التحفة المرضية الذي حققه ونشره محمد بن عبد الكريم ببيروت عام 1972 م.
(1) يعني من قلعة بني راشد ، وأحمد بن أفغول هذا ، ابن عبد الله بن المغوفل الذي توفي عام 1023 ه‍ (1614 م) ، وابن أفغول من علماء مازونة المشهورين أخذ المشيخة بتونس ، ثم عاد إلى الجزائر واستقر في بومليل بالشلف مدة من الزمن وبعدها انتقل إلى ندايلة حتى توفي في تاريخ لا نعلمه حاليا. وقد تتلمذ عليه أبو راس الناصر أواخر القرنين 12 ه‍ و 18 م ، وألف في حياته رجزا شعريا سماه : كتاب الفلك الكواكبي وسلم الراقي إلى المراكب. في ذكر مناقب صلحاء وطن الشلف من القرن 6 إلى 9 ه‍ (12 ـ 15 م) عدد فيه أخبارهم وكراماتهم وخصائص المريدين ، والأولياء ودرجاتهم ، وسلوكهم ، وسيرهم ، ومما قاله :
وبعد فالقصد بهذا الرجز
 

تقريب ما نأى بلفظ موجز
 
سميته بالفلك الكواكب
 

وسلم الراقي إلى المراكب
 
أعني مراتب السلوك للمريد
 

في الابتداء والانتهاء للمزيد
 
(2) القاضي محمد الصادق الحميسي حفيد أبي يحيى زكرياء المغيلي ، صاحب كتاب : الدرر المكنونة في نوازل مازونة. تولى القضاء في مازونة ثم في وهران على عهد الأتراك ولم ندر متى ولد ولا متى مات.

أحمد بن هطال التلمساني وأبو عبد الله السيد محمد الغزلاوي وماتا معا يوم فرطاسة في ربيع الأول سنة تسعة عشر من القرن الثالث عشر في قصة ابن الشريف الدرقاوي الحارك على الباي مصطفى بن عبد الله العجمي باي وهران (1).
والشريف الوادفلي السيد الحاج محمد بن البشير أحد شرفاء الواد المبطوح (2) وصهره السيد الغوثي ، والخوجة السيد مسلم ابن عبد القادر
__________________
(1) معظم هؤلاء لم نجد من ترجم لهم ، ما عدا أحمد بن هطال التلمساني الذي كان كاتبا خاصا للباي محمد بن عثمان الكبير ، ورافقه في حملته التفقدية التأديبية إلى الأغواط ، وعين ماضي عام 1189 ه‍ (مارس 1775 ـ فيفرى 1776 م) ، ودوّن أحداث تلك الرحلة في كتاب سماه : رحلة الباي محمد بن عثمان الكبير ، حققها ونشرها محمد بن عبد الكريم في بيروت عام 1972 م. وذهب رسولا من قبل الباي إلى فاس صحبة أحد القضاة بهدية إلى السلطان محمد بن عبد الله ، وكلف بالذهاب إلى جبل طارق لشراء الأسلحة والذخائر من التجار والوسطاء الإنجليز واليهود ، والمغاربة ، وعاد بكميات هائلة. وقد قتل ابن هطال في معركة فرطاسة ضد الشريف الدرقاوي الثائر في ربيع الأول 1219 ه‍ (جوان جويلية 1804) وذلك بين غليزان وتيارت. وسميت بواد الأبطال تخليدا للمعركة ، وسماها الفرنسيون أوزي لودوك : Uzes le Duc وبعد استعادة الاستقلال الوطني عام 1962 استرجعت اسمها : واد الأبطال.
(2) الواد المبطوح يقع جنوب غرب مدينة سيق الفلاحية على بعد خمسين كلم من شرق مدينة وهران. ويسمى في منابعه بواد مكره ، وأقيم عليه سد الشرفاء لتزويد سيق بمياه الشرب ، والحقول والبساتين بمياه السقي. والحاج محمد البشير الذي يشير إليه ينتمي إلى أسرة من شرفاء تلمسان الأدارسة هاجروا إلى عين سمرة لمدة أربع وعشرين عاما بسبب حروبهم مع بني زيان. ثم رحلوا إلى واد المبطوح حسب رواية أحمد العشماوي في كتابه : السلسلة الوافية والياقوتة الصافية. وهم أصحاب علم ، وفضل ، وجاه ، لهم زاوية طيبية.
ومن مشاهير صلحائهم : جدهم الأول العربي بن عبد القادر بن بوزيان ، والحاج محمد البشير المشار إليه ، وأبناؤه وأحفاده : الحاج الطيب ، والحاج البشير الذي كان قاضيا ، والحاج عبد القادر ، وبن عبد الله والحاج علي الأزهري الذي درس بالأزهر ، وتصدى للتدريس في الجامع الأعظم بسيق سنوات طويلة ، والحاج المنور بن البشير ، الذي توفي بسيق عام 1344 ه‍ (1925 ـ 1926 م). وقد توارث علماء هذه العائلة العلم والتقوى. انظر ـ

الحميدي وهو الذي سأل الحافظ الشيخ أبا راس أن يجمع تأليفا في الأمثلة السائرة فجمعه الشيخ وسمّاه : «كشف النقاب ، ورفع الحجاب ، على أمثال سائرة وحكم باهرة ، ومواعظ زاجرة». على ترتيب حروف الهجاء للسان الدولة ، وفارس الجولة. ألهم لها وبادر ، السيد مسلم بن عبد القادر». نص عليه الحافظ في الباب الخامس من رحلته (1) ، والسيد علي ابن أبي سيف الدائري والسيد سليمان بن النزاري الدائري أيضا (2) وهؤلاء الثلاثة من علماء المخزن وسكنوا بوهران. وفي السيد سليمان المذكور قال السيد أحمد الكلاعي بن السيد (ص 36) الحاج / المكي الدحاوي في قصيدته الملحونة التي منها :
كلا بلاد بدحّها
 

في وهران صبت سليمان
 
والسيد الحاج قارة الجزائري ، والسيد أحمد بن الطاهر الرزيوي ، والسيد محمد بن قريد ، والسيد عبد الله بن عمارة البو عمراني ، وهذان غريبان. إلى غير ذلك مما لا أطيق حصره ، ولا أحصي ذكره ، وكلهم علماء أجلّة ، وأيمة بدور أهلّة (3).
__________________
ـ كتاب مجموع النسب والحسب للشيخ بن بكار. ص 53 ـ 55.
(1) مسلم بن عبد القادر الحميدي أو الحميري الزايري من أولاد زاير كان كاتبا خاصا للباي حسن بن موسى آخر بايات وهران. ونظم أرجوزة في تاريخ الاحتلال الفرنسي ، وألف كتابا سماه : أنيس الغريب والمسافر في طرائف الحكايات والنوادر. سجل فيه أحداث الناحية الغربية مثل تاريخ بايات وهران. وأحداث ثورة درقاوة وغيرها. حقق الأستاذ رابح بو نار الجزء الأخير المتبقي منه الذي هو بمثابة خاتمة عام 1974 م. وقد توفي مسلم ابن عبد القادر عام 1249 ه‍ (1833 ـ 1934 م) ودفن في ضريح سيدي المسعود قرب المالح حسبما ذكر كل من أبي راس ، والزياني ، والمؤلف ولكني زرت هذا الضريح يوم الخميس ذو الحجة 1407 ه‍ (30 جويلية 1987) ، ولم أجد سوى قبر واحد في الضريح. وهذه الإشاعة تنطبق حتى على الشيخ الهواري الذي قيل أيضا إنه دفن هناك. وقد قام أدريان دلبيش بترجمة : أنيس الغريب والمسافر ونشره في المجلة الإفريقية عام 1874 ه‍.
(2) الدايري نسبة إلى قبائل الدواير التي كانت في سهل ملاتة بأحواز مدينة وهران. وعارضت الأمير عبد القادر ، وحاربته وانضمت إلى جيش الاحتلال الفرنسي. ولم نعرف شيئا عن علي وسليمان الدائريين هذين إذ لم يترجم لهما أحد.
(3) أحمد الطاهر الرزيوي كان قاضيا في أرزيو على عهد الأتراك ، وحكم عليه الأمير ـ

ومنهم بوقتنا الذي هو العام السابع من القرن الرابع عشر أستاذ الاخوان والياقوت البرهان ، فائق البراعة ، وجزيل الفصاحة والبراعة ، مفتيها وخطيبها ذو الإنصاف والإحسان أبو الحسن السيد علي بن عبد الرحمان ، الجزائري وجارا الوهراني دارا ، العبّاسي نجارا (1) ولما حل بها أتحف جامعها الأعظم غاية الإتحاف ورونقه بالفرش المختلفة الألوان والأنواع وأغناه حتى صار لا يسئل الإلحاف. وطهره من الأدناس وسائر المناكب ، بعد أن وقع في زوايا الإهمال ونسجت بجميعه العناكب. فعاد بفضل الله مبتسما ضاحكا ، وأضاء منه ما كان ديجورا حالكا ، وعلا بمنارته جهير الصوت بالأذان ، ونادى بقوله هلموا للطاعة والعبادة في الأوقات الخمس والجمعة والعيدين يا أهل الإيمان ، فلله درّه من ماهر ومربّي سنّي باهر.
ومنهم شيخنا الفاضل الماجد ، العالم الفاضل الزاهد ، من هو بحفظ الأوقات للعبادة شديد المراصد ، قدوة السالكين ، وبقية الأيمة الناسكين ، المدرس المضيف / الحافظ الضابط الموثّق المؤلف الشريف الحسني الصمداني (ص 37) الربّاني ، العلّامة السيد محمد بن يوسف الزياني. فهو معدود في أعيان علماء المخزن وإن كان من جملة علماء وهران وبها قد سكن (2).
__________________
ـ عبد القادر بالقتل لتعاونه مع الأعداء الفرنسيين ، ونفذ فيه القتل بمدينة معسكر ، رغم أنه درس عليه على ما قيل أما باقي العلما فلم نجد من ترجم لهم حاليا.
(1) عام 1307 ه‍ يوافقه : أوت 1989 ـ أوت 1890 م. والعباسي نجارا يقصد به أن أصله من مدينة سيدي بلعباس. وكان مفتيا بمدينة وهران خلال عهد الاحتلال الفرنسي ، وتراسل معه الشيخ محمد بن يوسف الزياني ، ولغاية عام 1320 ه‍ (1903 م) كان ما يزال حيا.
(2) هو مؤلف كتاب دليل الحيران وأنيس السهران في أخبار مدينة وهران ، الذي ينتمي إلى أسرة علمية من الأسر المخزنية بنواحي مدينة برج عياش التي عرفت ببرج ولد المخفي ، ثم بالبرج أخيرا ، في شرق مدينة معسكر ، وكان عمه أحمد بن يوسف الزياني قد تولى منصب المستشار للداي إبراهيم الملياني عام 1170 ه‍ (1756 ـ 1757 م). أما هو فقد تولى خطة القضاء بمدينة البرج نفسها عام 1861. ثم نقل إلى وادي تليلات عام 1883 م قرب وهران ، وبعد ذلك نقل إلى سيق لنفس الوظيفة وحتى عام 1320 ه‍ (1902 ـ 1903 م) كان ما يزال حيا حسب رواية الشيخ المهدي البو عبدلي الذي اطلع على ـ

ونخبة الأشراف وقدوة السادات الظراف ، ومقصد الذاهب والعاني ياقوتة الكمال والجوهر القاني ، الشريف الحسني السيد الحسني ابن إبراهيم العلمي الوزّاني نفعنا الله به وبسلفه ، ومتّعنا به وبخلفه.
وإمام جامعها الأعظم الفقيه الوهراني ، الشريف الحسني السيد أحمد انكروف بن الملياني النّكروفي.
والفقيه المدرّس بالجامع الوهراني ، الشريف الحسني السيد الحبيب ابن البخاري الحريزي الزياني (1).
والفقيه الشريف ذو التدريس بالكفراوي إمام قبّة الشيخ الهواري السيد محمد بن الجيلاني الشهير بابن العالية بن سيدي أحمد بن عربية المعسكري المغراوي.
والفقيه الوجيه الرحماني ، الشريف السيد الحاج عبد الرحمن بن الطيب أحد أولاد سيدي أحمد بن علي البو عمراني (2).
__________________
ـ مراسلة له مع مفتى وهران علي بن عبد الرحمن المشار إليه سابقا في نفس التاريخ.
أما بقية العلماء الذين أشار إليهم بعد ذلك فأغلبهم لم نجد من ترجم لهم حاليا.
(1) ذكر الشيخ الطيب المهاجي في كتابه : أنفس الذخائر وأطيب المآثر في أهم ما اتفق لي في الماضي والحاضر. بأنه درس على الشيخ الحبيب البخاري المدرس بجامع الترك بوهران ، الذي يتصل نسبه بصاحب الضريح المشهور بالقلعة (قلعة سيدي راشد) الشيخ عبد القادر بن يسعد ، انظر ص 56.
(2) ذكر صاحب القول الأعم بأن عبد الرحمن بن الطيب هذا تولى القضاء بوهران على عهد الباي حسن بن موسى آخر بايات وهران ، وهذا يتعارض مع ما ذكره المؤلف بأن هؤلاء ما يزالون أحياء في هذا التاريخ وهو عام 1307 ه‍ (1889 ـ 1890 م) اللهم إلّا إذا كان عبد الرحمن بن الطيب هذا حفيد للأول القاضي ، أو ابن له ، انطر ص 333. وذكر الشيخ بلهاشمي بن بكار نقلا عن أبي راس في كتابه : الحاوي. بأن أبا العباس أحمد ابن علي البو عمراني جد عبد الرحمن بن الطيب ، كان تلميذا لأحمد بن يوسف الراشدي الملياني ، وكان يطعم المساكين من ماله الخاص خاصة في عامي المسغبة 958 و 959 ه‍ (1551 ـ 1552 م) توفي بغريس ودفن بها. انظر ص 148.

والفقيه الأجل الذي للتحقيق يحوي ، السيد الحاج بن آمنة بن عمر المرياني العبد الغوي.
والفقيه النبيل الشريف البلاحي المشيشي الذي في أموره لله راجي السيد أحمد بن محمد بن أحمد ، وكذا ابن عمّه السيد المولود ابن عبد الرحمان ابن أحمد البلاحي المهاجي.
وقدوة العبّاد ، وبقية الزهاد ، الأبر الأكمل الفقيه الأجلّي ، السيد الحاج الطيب بن البشير الشرفي الشريف الوادفلي (1).
فهؤلاء السادات الكرام الأفاضل ، والعلماء / الأجلة البواسل الذين بهم (ص 38) طاب الوقت ونار ، واطمأنت القلوب بهم وحلّت بها الأسرار.
__________________
(1) هذا العالم ينتمي إلى أسرة بلبشير بالواد المبطوح ، وسيق شرق وهران انظر هامش رقم 23 قبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

بناء شخصية  الأطفال   ...