الخميس، 8 مارس 2018


الرحلة الورثيلانية

فالرحلة الورثيلانية الموسومة بنزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار  (الجزء الثاني من الكتابة ) 

ظهره ، دفعا لنفعه وضره ، عند جميع الأفاضل مرغوب ، الولي الكامل سيدي الموهوب ، نجل الشيخ القدوة والدرة الثمينة سيدي محمد بن علي اليعدلي (1) كراماته ظاهرة ، ودعواته قاهرة ، وأسراره ليست مستترة ، مكنه الله فتمكن ، وبذكره قد أطمأن ، قلت فيه وفي أمثاله.
شمس النهار أشرفت بضرتها
 

عند الظلام منجل من نورها
 
ففجرها (2) أحيانا ما كان قد يبس
 

من ريح أهل جرأة بل من نفس (3)
 
أحسن جوهر من المعالي
 

قد رصعن (4) وطننا في الجبال
 
قد أقبل المآل (5) بالسعود
 

من طلعة الغر على الوفود
 
وكل ظلم قد جرى من العجم
 

على ذوي الشرف والخير إلا تم
 
أزاله بحق من حلاه
 

بحلية من عزه علاه
 
وكل ما (6) أتاه من أوساخ
 

فرقه إذا بلا تراخ
 
من غير أن يقبض (7) شيئا أبدا
 

لنفسه وأهله معتمدا
 
على الذي من رزقه قد انقسم
 

على العباد ليس ضيزى في القسم (8)
 
إذ حلمه قد عم أهل مصره
 

وبره مدخر لوقته
 
__________________
(1) في نسخة العيدلي.
(2) في اربع نسخ نفيس.
(3) في أربع نسخ فحرها.
(4) في نسخة رصعت.
(5) في نسخة الآمال.
(6) في نسخة من.
(7) في أربع نسخ ينقص.
تنبيه في هذه القصيدة واللاتي بعدها من قول المؤلف خلل كبير من جهة الوزن ومن جهة المعنى فليحرر ذلك بنسخ أخرى.
(8) في نسخة ليس للغير القسم. 
فدهره يثني عليه باتفاق
 

وحاله وسيره (1) بالارتفاق
 
هذا وان صيته قد أرتفع
 

ورسمت أحواله لتتبع
 
وأمم حقا أرعوت لأمره
 

وافتقرت إذ ذاك فه بسره
 
مدرس الفنون في المقام
 

كذا القرآن أضحى للأنام
 
محل سر وانتفاع بالدوام
 

قواعد العلوم تقرا بالتمام
 
على قانون (2) العلم من غير اختلاط
 

ولا التباس وانتقاص باغتباط
 
تأتيه الافواج من كل بر
 

لأمور اضطروها لضر (3)
 
أصابهم (4) جائحة الفقدان
 

لرفع معضلات عن أخوان
 
محله كالمصر للحجاج
 

وعلمه أجلى بلا احتياج
 
كالنحو والتفسير مع علم الحديث
 

ولغة وأدب ليس الخبيث
 
منتفعا بها كل انتفاع
 

بصيرة عمياء (5) باقتطاع
 
أولاده حقا عليهم ما أبدى
 

من علوم وأطعام وما أرتدى
 
به من التقوى وحسن الزاد
 

وأبحاث العلوم في ازدياد
 
هذا وان بحرا فيه مستقر
 

من العلوم والأسرار يعتبر
 
شريعة حقيقة مع العمل
 

فخشية وخضوع منه أقل
 
حال الهوى عن قلبه قد انقشع
 

عن سره كل السوا منه اندفع
 
وكله بربه قد انخشع
 

وحبه بقلبه قد انصدع
 
__________________
(1) في نسخة سره.
(2) كذا في جميع النسخ.
(3) في جميع النسخ تأتيه وفي نسخة بدل الشطر الثاني لجلب خير أو لدفع ضر.
(4) في نسخة أصابتهم والبيت جميعه كذا.
(5) في أربع نسخ عميت.
وأنوار العلوم منه تشرق
 

وأبحاث التحقيق منه تبرق
 
مدده قد مده الإله
 

وحلاه بسره مولاه
 
قد شهدت بقربه حيتان
 

من ربه اسمعها الرحمان
 
صديقه إبراهيم صوان (1)
 

ديدانه (2) من ربه القرآن
 
هو الذي يجذب مع ملائك
 

شمس العوالم سرا وذلك
 
ليس غريبا أبدا على الحبيب
 

لربه وقربه من الرقيب
 
قد انبان بانه لا يقفن
 

عن قبره شقي حقا ويا من
 
وهو الذي يقرأ في الكتاب
 

في مسجد الشيخ المتقي الأواب
 
بجاية قد اسعدت بسره
 

وانتشرت أنواره بقبره
 
مدفنه يقرب من أبني علي
 

أبي حميد (3) الصغير المسيلي
 
كتابه النبراس والتذكيره
 

وأمره وحاله شهيره (4)
 
فعند قبره الدعاء يستجاب
 

مدده يحظي به من قد أناب (5)
 
الغبريني في عنوان الدراية
 

نص عليه وخذ العناية
 
أحيا علوما من علوم الدين
 

في وقته بالجد والتبيين
 
بلمحة يصبغ (6) كل من أتى
 

بنية خالصة مستثبتا
 
قد كان يا أخي إذا من البله
 

أحوال دنياه لها لم ينتبه
 
__________________
(1) في نسخة ديوانه.
(2) في نسخة الصوان.
(3) في نسخة بالقرب وأبي حامد.
(4) في ثلاث نسخ تصديره وفي أخرى التذكير وحاله شهير.
(5) في ثلاث نسخ مدده وداده قد يرتقب.
(6) في نسخة بلهجة وفي كلها يسبغ.
هذا الذي تعلق القلب به
 

باحمد (1) عبد العظيم ينتهي
 
لحبه النظم أتى مرتجلا
 

لسنة وقرآن ممتثلا
 
فارضنا قد اخضرت بعلمه
 

وكل صعب لين بحلمه
 
أرواحنا قد حييت بوابل
 

من غيثه قد عمنا بحلل
 
من أزهار وأنوار من العلوم
 

فمن سقاه شربة بها يقوم
 
بأنواع من المواهب عجب
 

في حضرة قدسية قد انسغب
 
لنصح من أتاه حقا قاصدا
 

يعلو به منازلا وزائدا (2)
 
بأسماء وصفات من ربه
 

لسالك يسعى به لحزبه
 
وخمره (3) قد شاع في الأقطار
 

سلافة من كأس ذي الأسرار
 
فنظرة مسكرة على الدوام
 

شاربها عن حسد من الهوام (4)
 
خردلة من الهوى (5) تنفعه
 

كذاك ضره وما يدفعه
 
فمثله أمان العباد
 

كذا بسد (6) ثلمة الفساد
 
بجاهه حققنا رب بالهدى
 

مع الرضى مفوضا معتمدا
 
وأسلك بنا بجاهه كل نمط
 

من طرق الحق بعلم يغتبط
 
بقربه يا رب زوّل الحجاب
 

عن الضمائر بحب وأرتقاب (7)
 
__________________
(1) في نسخة لا حمد.
(2) في نسخة ورائدا وفي أخرى روائدا.
(3) في نسخة وخمرة وفي أخرى وحمده.
(4) في نسخة شاربها غاب عن حسه وهام.
(5) في نسختين من الورى.
(6) في نسخة يسد.
(7) في نسخة بحيث لا ترتاب.
وكلنا (1) برحمة مع عافيه
 

وزد لنا تصفية وتوفيه
 
وجد لنا بالعفو والغفران
 

وجنة الخلد مع الرضوان (2)
 
وأمح لنا جرائما قد سبقت
 

بتوبة صادقة منك أتت
 
في حضرة القدس مع البنين
 

وأسعد بناتنا ومن يلينا (3)
 
إلى انتقال وارتحال يا فتى
 

عجل لنا توسعة مما أتى (4)
 
من خيرة الدارين والسعادة
 

كذا التوفيق مع الاستفادة (5)
 
واجعل لنا ودا من العباد
 

والخبر والورق بالازدياد
 
وكف عنا يد عدو بالدوام (6)
 

من كل جبار عنيد بالسلام
 
أنت الذي تكفنا من الأذى
 

وأقصمه (7) يا رب عند العزم إذا
 
أرادنا بسوء فعل منك رد
 

في نحره كيده قهرا بالأشد (8)
 
ما رماه ونراه قاصدا
 

ورده ذلا بعادا ما أعتدى (9)
 
__________________
(1) في نسخة وعمّنا.
(2) في أربع نسخة من الرحمان.
(3) في أربع نسخ مع اسعاد البنات مذ خلفن وفي نسخة ومن الينا.
(4) في نسخة
كل خلفنا لانتقال وارتحال
 

عجل لنا توسعة مما ينال
 
(5) في نسخة مع الاستقامة.
(6) في نسخة يد العراعي الروام.
(7) في نسخة الذي تكفينا من كل الأذى وأقصمهم.
(8) في نسخة أرادونا ـ كيدهم في نحرهم قهرا أشد.
(9) في نسخة
بما رواه وذووه قصدا
 

رده عنا كافي شر الأعدا
    
دعا يعم الوالدين والأزواج
 

ومنتم لنا من الأفواج (1)
 
من قريب ومحسن كذا المحب
 

واشياخ وأخوان ومرتقب (2)
 
بأمثال المزبور فيما قد سبق
 

وآخذ وطالب ومن صدق
 
في حبنا وودنا من العباد
 

وكن لنا بجمع شمل واجتهاد
 
في العلم (3) بالجد والتمكين
 

لنفع مسلم ودفع رين
 
وشر ذي شر على الإطلاق
 

والختم بالحسنى مع ارتفاق
 
نبينا وذخرنا يوم الحساب
 

بجاهه حقق لا عين انتساب
 
ثم الصلاة والسلام دائما
 

على الرسول صادقا معظما (4)
 
وآله وصحبه ذوي التقى
 

والمجد والفخر وكل منتقى
 
وبالجملة فقد تشرف مقام الشيخ سيدي الموهوب بإشراق حضرة الولي سيدي أحمد بن عبد العظيم أشراقا تاما ، وطلوع نجم السعود فيه طلوعا عاما ، وكذا بأولاده سيما ذو المجد الأنيف ، والفاضل الشريف ، وهو من النوادر سيدي عبد القادر رحمه الله تعالى ورضي عنه وفيه قلت
ومعه الحبر الهمام في الوغي
 

مكافحا مناضلا وقد بغى
 
على المعالي كلها أو جلها
 

ملتقطا لدرر من أصلها
 
قد حازها بسيفه منعطفا
 

لهمم الأمور غدا واقتفى (5)
 
__________________
(1) في نسخة بالأزواج وفي أخرى كل منتم.
(2) في نسخة مرتعب.
(3) في ثلاث نسخ في علوم.
(4) في نسخة الصادق المعظما.
(5) في ثلاث نسخ عزا وفي كلها انتقى.
من أرجاء الملك مع السياسه
 

وفر بالنفس عن الرياسة (1)
 
وحظه (2) جواهر مع الأدب
 

وعلمه نار القرى كذا الحسب (3)
 
وعبد قادر تسمى في الورى
 

وجوده وخيره بلا امترا
 
فقد عما عصرهما ككوثر (4)
 

وظل عز منهما كشجر
 
من شجر الضخم وذي الأوراق
 

لعابر ذي حاجة إطلاق
 
هذا وأن فضل الله عظيم ، وبره عميم ، وأولاد الشيخ سيدي الموهوب فيهم الخير والعلم والأدب خصوصا سيدي عبد الله نجل الشيخ سيدي عبد القادر المذكور وسيدي عبد الله بن محيي الدين وتلميذنا سيدي عبد القادر بن أحمد وكذا غيرهم.
ومنهم من أشرق بالكرم والجود ، في سماء السعود ، بحر السخاء من الودود ، سيدي المسعود ، وفيه قلت :
مدده قد يغني كل (5) من سأل
 

وجوده قد عم قطرا واشتمل
 
على كل من المعالي واستقل
 

بسجيه (6) عن غيره بها احتفل
 
خدانه بسيرة حميده
 

قد أخبرت عنه بها سديدة
 
__________________
(1) في أربع نسخ أشخاص ضده مع العناية.
(2) في نسخة
وحظه الأدب في كل أرب
 

نتيجة العلم كريم ذو حسب
 
(3) في اربع نسخ وخطه.
(4) في نسخة فضلهما قد عم مثل كوثر.
(5) في نسخة لكل.
(6) في أربع نسخ بشجايا.

لا عيب فيه أبدا سوى السخى
 

لقاصد من عدو موبخا
 
ألسنة من عصره متفقه
 

على الثنا بحمله معتبقه (1)
 
فحله الرب من المعارف
 

تمده مدا بلا تخالف (2)
 
أعني الذي في عهدنا محمدا
 

فلم يبعد عن مثلهم مستمدا (3)
 
مقتبسا من أمور قد سبقت
 

من أجداد له بما قد صدعت (4)
 
من خدمة العلم وأهل الأدب
 

ذويهما بكل ما قد اكتسب (5)
 
فحظه من كلهم لم يختلف
 

نصيبه من مجدهم لم ينحرف
 
فأولاد الشيخ على الإطلاق
 

لم يعدموا الكل من السباق
 
__________________
(1) في ثلاث نسخ معتنية وفي نسخة
سنته في عصره متبعه
 

ثناؤهم عن حلمه كل رعه
 
(2) في نسخة :
فحله رب من المعروف
 

تمده مدا بلا عكوف
 
(3) في نسخة :
أعني به الذي عهدنا أبدا
 

نجم سعودة ترى محمدا
 
(4) في نسخة :
مقتفيا لأمور قد سلفت
 

من أجداد له قد صدرت
 
(5) في نسخة :
كخدمة العلم ...
 

ومن يفضله اتى محتسب
 

وأصلح الكل بحق المصطفى
 

وصاحب وتابع ممن (1) صفا
 
ثم صلاة الله مع سلام
 

على رسول رحمة الآنام
 
محمد أفضل كل من أتى
 

من رسول ونبي مثبتا
 
وكذا الفاضل المحسن والحليم ذو المعروف والمآثر ظهري وذخري سيدي الموهوب بن محمد لا يأتي الزمان مثله وفيه قلت :
فانه يحاكي أبريز الذهب
 

والبحر من فنونه قد ارتقب
 
فعزه مبجل ممن أحل
 

في قطره ممن علا ومن سفل (2)
 
قدس الله ضريحه ، وعطر ناشذاه وريحه ، وأما قرابة سيدي أحمد بن عبد العظيم فهم على الخير والحمد لله جعلنا الله في زمرتهم آمين يا رب العالمين.
ومنهم شيخ والدنا الفاضل النحوي اللغوي المحدث المفسر الأديب الفقيه الجامع بين المعقول والمنقول الولي الصالح والبرهان الواضح ذو الأحوال الفاخرة شيخ شيوخنا المعرب الغربي سيدي محمد العربي (3) المتوطن في جبل سيدي الموهوب وقد أسعد الله باستقراره كل الأماكن من وطننا وتأنسوا به أي تأنيس في زماننا وكان إذا أحل بقوم نزلت عليهم الرحمة والسكينة وكيف لا وهو بحر الله في عالمتنا وغيث بلدنا ورحمة لمن كان عندنا وعلمه مبذول عند من سبقت له السعادة والحمد لله وقد تعلمت (4) الألفية على تلميذه العلامة الفاضل سيدي علي بن أحمد وطريقه ناصرية شاذلية وكان رضي الله عنه يفجئ الغمة على من وقع عليه في العلم وغيره رضي الله
__________________
(1) في نسخة ومن.
(2) في نسخة من أهل قطره.
(3) في نسخة الغربي.
(4) في نسخة تلقيت.
عنه وكذا سيدي عبد الملك وان لم يكن مثله في العلم غير انه ذو فضل قوي وفي سيدي محمد هذا قلت :
بحر الندى والعلم من شيخ برز
 

شيخ الحقيقة لدينا مكتنز (1)
 
وجوده كعلمه فيما دنا
 

من قطرنا على الذين به اغتنى
 
نار القرى في علوم لم تستتر
 

وشمسه مشرقة على الدرر
 
وأنه طود في كل من علوم
 

ورحمة على الذي به يؤم
 
والله ان نعمة قد أهديت
 

من الرحيم عاجلا لمن أتت
 
بدرا إذا رأيته يا من قصد
 

زيارة أو سلوكا لمن أراد (2)
 
إن مات قلب قسوة أحياه في
 

لحظة من وقت ومنه قد شفي (3)
 
وبالجملة فالله يتداركنا بفضله وجوده وإحسانه توفي في هذا القرن الذي نحن فيه وأما سيدي الموهوب فانه من القرن الحادي عشر وسيدي أحمد بن عبد العظيم بعد الشيخ سيدي الموهوب. وقرية أمّولة (4) جامعة لأهل الخير والفضل والعلم نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم الولي الصالح سيدي عمر القموني (5) وأهل محله يعظمونه ويعتقدونه غاية التعظيم ولا أدري تاريخ نفعنا الله به آمين.
__________________
(1) في نسخة قد ركز.
(2) في نسخة أو سلوكا فاغنم تفد.
(3) في نسخة
فان مات القلب من القساوة
 

هو الذي يحيى مع العناية
 
(4) في نسخة أصوله.
(5) في نسخة المقوني وفي أخرى القمرني.
ومنهم الولي الصالح والقمر الواضح له بركات ظاهرة وأحواله باهرة وأسراره مشتهرة سيدي الصادق ضريحه في الوادي معلوم يزار وهو من القرن العاشر أعني أواخره ولا أدري هل بلغ الحادي عشر أم لا وأولاده رضي الله عنه بدور أهلة وأعلام أجلة كالفاضل الولي والصالح الولي والفقيه العلي سيدي يحيى بن الموهوب ومثله في الفضل سيدي محمد الموهوب وسيدي التواني الفقيه سيدي يحيى بن الواثق وهو في غاية الفقه تلميذ جدنا وقد سمعت منه أنه رأى الشيخ خليل في النوم وأخذ بيده إلى أن وصل إلى الصندوق المملوء بالكتب قال فأخذ منه كتابا وأعطاه لي فوجدته الشيخ بهرام فعلمت أنه أذن لي في مختصر الشيخ خليل ففتح الله علي بما لم يفتح على غيري وقد أخبرني عمي سيدي محمد الصغير إذ هو علامة زماننا أنه كان يتعلم عليه المختصر وكان يقرئ من الأجهوري وأنا وبعض الطلبة أعني سيدي محمد بن باب الملقب بالأوجه (1) [وهو فاضل محقق أيضا وأولاده](2) في أيدينا الشيخ عبد الباقي والشيخ إبراهيم فكان قدس الله ضريحه يحمل (3) الشيخ المذكور ويهذبه ويحرره بان يترك المكرر منه كالشيخين بعده سواء بسواء إلا في عين اللفظ ومآثر سيدي الصادق وأولاده كثيرة وقلت فيهم :
يا أيها الإنسان فاعلم قدرهم
 

لأنهم سحابة مع غيثهم
 
قد اخضرت أشجار أهل العصر
 

وأثمرت فواكها بتمر
 
فهم كحصن مانع يلوذ من
 

له الجناية بحق أو ضمن
 
رحمتهم تعم كل بلد
 

وسرهم من سر فضل أحمد
 
قد سكروا بحبه وقربه
 

فمنحوا من عزه وحلمه
 
__________________
(1) في نسخة محمد امزيان.
(2) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(3) في نسخة يحصل.
فاسكنوا قلوبهم دار الوصول
 

بجذبة الإله صرفا بالحلول
 
في جمع الجمع بالتجريد
 

وسيفهم للقهر بالتهديد (1)
 
بحليه الإله قد جملهم
 

وشرحه الصدر فقد زينهم (2)
 
فأنهم على الهدى من ربهم
 

أيدهم قدسهم عرفهم (3)
 
يا لله رب عصمة منك لنا
 

هداية أمانة لمن دنا
 
بجملة الأشياخ والأباء
 

وأزواج والنسل بالسراء
 
وآخذ العهد وكل طالب
 

ترزقنا عافية يا غالب
 
مع التجلي دائما على القلوب
 

بركة معرفة لمن ينوب
 
من أحباب وجيران مع الخدام
 

وكل ذا لنسلنا على التمام (4)
 
ثم الصلاة والسلام كالمطر
 

على النبي دائما كمن حضر
 
نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم محيى الفنون ومجدد العلم والدين ، بعد إندراسه على التعيين ، المتصف بعلم اليقين ، اتقى المتقين ، بل انه شرب من عين اليقين ، حتى صار من أهل التمكين ،
__________________
(1) في نسخة
جمع الجمع حلوا بالتجريد
 

وريضوا القلوب بالتفريد
 
(2) في نسخة :
بفضله حلاهم إلا هنا
 

بحلية التجريد فازوا بالهنا
 
(3) في نسخة بدل الشطر الثاني ويرحم الخلق جميعا لأجلهم.
(4) في نسخة على الدوام.
علامة زمانه ، وقدوة أوانه ، بركة الأوائل ، قد زحلق وآخر لقابل ، لحكمة ربانية يعلمها مرسل صاحب الشمائل ، الولي الواضح سيدي محمد صالح كاد أن يجدد الدين في وقته وعلمه مشهور وفضله منشور توفي في القرن الحادي عشر ضريحه معلوم يزار في قرية اجلميم من عرش بني اجمات من عرشنا بني ورثيلان وهو في غاية الصدق والوفا ، وعن كل مشتبه أو شبهة قد حفا (1) ، رحمه الله وقدس ضريحه ، وأفاض علينا خيره وربحه ، ونور قلوبنا وقلوب أولادنا باليقين والتمكين ، وحلانا بحلية المتقين ، في كل تحريك وتسكين ، وهذا الشيخ كان مدرسا للعلم قائما بأمور الطلبة بنفسه مع قلة ذات يده ويهاجر من كل بلدة لا تأخذهم الأحكام إليه وقيل ليس على الأحكام الشرعية إلا جيرانه بنو اجمات من بلدنا فقد أنتقل من قرية بيكني وسكن متين من بني عيدل وكانوا يمنعون الميراث أيضا فأمرهم بإعطائه وحرضهم على ذلك فلما رآهم امتنعوا وتوانوا ورأى هجرته واجبة وعلم منهم انه إن انتقل بحضرتهم يمنعونه فتركهم إلى أن ذهبوا إلى الزيتون زمانه بحيث لا يبقى أحد في العمارة إلا الضيف أو كبير السن فلما آن زمانه وحان وقته ذهبوا إليه فرفع زوجه وشئونه فوقع النداء من العمارة والصياح ليجتمعوا على الشيخ إذ لا قدرة لهم على فراقه فتسابقوا إليه من كل فج عميق ليمسكوه فلما ألحوا على رجوعه وأقامته معهم حلف أن لا يرجع إليهم إلا بالرجوع إلى الأحكام الشرعية وقد علم الله صدقه في ذلك فامتثلوا أمره بجد وصدق فرجع فيهم على الأحكام الشرعية إلى الآن والحمد لله تعالى على ذلك وقد تحقق له الحديث فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
لطيفة أقول إنما هاجر رحمه الله وقدس روحه لما علم عظيم عصيانهم وكبير جرمهم إذ بعض المواضع سالمة من ذلك وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال
__________________
(1) في نسخة خفي.
من قطع ميراث مسلم قطع الله ميراثه من الجنة ذكره ابن مرزوق في شرحه لفرائض خليل فإذا علمت هذا علمت انتقال الشيخ لوجوبه عليه وقد نص علماؤنا رحمة الله عليهم أن المعاصي إذا كثرت في موضع وقلت في آخر فيجب على العبد أن ينتقل لمحل قل فيه ذلك. وأما عند عموم الشر فلا بل يلزم مكانه ويكون حلسا من احلاس بيته إذ رب موضع انتقل إليه أكثر مما انتقل عنه فيرجع إلى الذي انتقل منه فيجده قد تغير أيضا ثم يرجع إلى الذي انتقل منه فيصير كحمار الرحى فالموضع الذي انتقل منه هو الذي يعود إليه ذكر هذا صاحب المدخل والشيخ هذا الذي حمله فان قلت لو كان الشيخ هذا قصده لانتقل إلى الجزائر أو قسنطينة أو تونس لأن هذه الأوطان سالمة من ذلك قلت حب الوطن من الإيمان كما روي عنه صلى الله عليه وسلم ولعله يتيسر له ذلك في بعض وطنه والسنة حب الوطن وقد يسر الله له ذلك والحمد لله وقد سكن مواضع عديدة ولعله يجد موضعا تتيسر له فيه العبادة ومن جملة ذلك صحة المعاملات وبفسادها يتكدر الوقت خصوصا على ما ذكره الشيخ زروق أن المعقود عليه يحرم بحرمة العقد والمذهب خلافه فالمعقود عليه لا يحرم بفساد العقد.
انعطاف نعم أولاده على طريقة من العلم والحلم والفضل والإحسان والأدب والحياء والبركة رضي الله عنهم سيما الورع الزاهد المقتفي آثار النبي صلى الله عليه وسلم المتمكن في طريق الله عز وجل الجامع بين الحقيقة الشريعة قدس الله روحه ولي ظاهر سيدي الحسين نجل الشيخ المذكور المتبع للسنة النبوية والشريعة المحمدية كادت أوصاف سيد الخلق أن توجد فيه وقد تخلق بمعاني الأسماء والأوصاف الإلهية ظاهره راغب في الدنيا وباطنه خال منها فالجاهل من الناس إذا رأى حرصه في الظاهر يقول سيدي الحسين يحب الدنيا وليس كذلك بل الدنيا في يد العارف أمانة والأمين لا يضيعها وإنما يترقب بها أمر صاحبها أو يردها لصاحبها ومن أحاط علما
كتاب  الرحلة الورثيلانية الموسومة بنزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار
بذلك فلا يتغير لفواتها فقدانها لأنها ليست له فان قلت ربما يتغير العارف على فقدانها ولا يتكدر وقته ما الحكمة فيه قلت العراف أن يتغير عنها أي بفقدانها ليس تغيره لأجل حبه لها وتعلق القلب بها إذ لو كان كذلك لما كان عارفا وإنما تغيره لأجل تفريطه وتقصيره في حفظه إياها فتغيره راجع إليه وإلى معبوده ومحبوبه فكان بربه لا بنفسه فالعارف لا يزول اضطراره ولا يقر مع غير الله قراره وقد ذكر بعض أصحابه لنا أن الشيخ ذهب له ثور بان سرق له فلما أخبرناه بذلك تغير وتحير اشد التغير وغضب علينا أشد الغضب حتى ظننا أن الشيخ إنما غيره حب الثور وحزنه لذلك وقمنا نبحث عليه البحث العظيم الذي فوق الطاقة فوجدناه مذبوحا في بني وجهان فرجعنا بقيمته لما علموا انه للشيخ فلما وصلنا إليه وأخبرناه بذلك ليسر فغضب غضبا شديدا وتغير تغيرا عظيما أكثر من الأول بما لا نسبة له فقال من أمركم بالبحث عنه هذا فضول منكم فالله صدقة علي فكيف لا أرضى بصدقته وأنتم تردونها وتغيري أولا إنما هو لإضاعة المال والله لا يحب ذلك فتغيرت لتغير الله وكان رضي الله عنه يطعم الطعام لليتامى والأيامى من النساء والمحتاج كل يوم كأنه وليمة عنده وأخبرن الولي الصالح الأستاذ تلميذه سيدي أحمد بن الحسين انه سمع من الشيخ يقول وجدت تحت الديار زيرين من ذهب أزال عنهما الستر السيل إزالة فهمت نفسي أن ترفعهما فمنعتها ذلك ورددت التراب عليهما فلما أخبرنا بذلك ونحن طلبة عنده فقلت له يا شيخي لو أتيت بذلك فان المحتاج عندك كثير فأجاب بأني لو أتيت به وربما قالت نفسي هذه الدار لا تصلح وكذا الفرس ابن غيرها واشتر أجود منها إلى غير ذلك من شأني كله فلما علمت حالها كان ترك ذلك هو أولى بي وأجدر والإتيان به أمكر وأغدر فتركت ذلك ولقد سمعت من البعض أنه أتي له بمزود صغير من ذهب فقيل له أن أولياء الله يسلمون عليك ويقولون لك استعن بها فامتنع فقال أعطوها للشيخ سيدي أحمد بن عبد العظيم فامتنع أيضا فاتوا إلى بعض
الصالحين في عروس فقال أعطوها لفلان فصاروا يترادونها إلى أن رجعت إلى هذا الشيخ فردها ولم يأخذها ومن كراماته أني سمعت العدل المبرز الصالح سيدي محمد بن الحاج العشباني ثم التفرغوني انه قال مرض الشيخ وذهبت لأعوده فلما وصلت إلى غنمه وإذا بالذئب معها قال فقلت للراعي أتترك الذئب مع غنم الشيخ فقال دعه فانه معها مدة طويلة يرعى معها قال فذهبت وتركته كذلك وكان رضي الله تعالى عنه يلبس المرقعة وذات ليلة ذهب لزيارة بجاية وذهب معه ركب كبير وصيته في الأرض عال فلما وصلوا إلى بني عبد الجبار عزم عليهم الشيخ يوسف بن مهنا رجاء في بركة الشيخ واغتناما لدعوته إذ كان يسمع به من غير معرفة شخصه وكذا جل الناس فلما حان وقت الطعام جمعوا الناس ورتبوهم على حسب عادتهم فاقعدوا المرابطين وذوي الهيآت من الملابس الفاخرة على جهة وكان الشيخ بمرقعته معهم ولرثة هيأته قالوا له قم أنت لا تأكل مع هؤلاء بل كل من أوباش الركب وأسقاطهم فقام من ذلك وقال والله حق ما تقولون ثم وقع النداء والصياح بأن الذي قام هو الشيخ الذي صدر الإكرام من أجله فألحوا عليه بالرجوع فامتنع فأكل مع من ذكر رحمه الله وقدس روحه وأني سمعت أيضا من بعض أولاده أنه قال كان ينهانا إذا سوغنا الخبز بالزيت أو غيره عن وضع الخبز من جهة باطنه فيقول إن ذلك إضاعة للمال وإنما يصلح وضعه من ظاهره اليابس إذ يحصل به المقصود من غير إضاعة المال وكان رحمه الله يصلح للتربية وتهذيب الأخلاق وقال والدي أني لزمته ولم يكن الخير إلا منه فاغتنم بركته وصار في اتباع السنة والورع والتقشف أكثر منه وكان صديقا ملاطفا لجدي والولي سيدي يحيى بن حمودي وسيدي على الصافي وغيرهم فذهبنا إليه ذات ليلة فلم نجد عنده طعاما فلم يتكلف شيئا بل أتى بخضرة الصحراء بعد طبخها وجعل عليها شيئا من السمن والزيت فلما أتى لنا بها لم يعتذر ولم يقل شيئا وقال الوالد والله لم يكن شيء أحلى منها عندهم إذ لو لا الحياء لا عتركوا عليها قالوا
وأتينا مرة أخرى فأتى لنا بزير من عسل فوضعه بيننا فعلمنا صدق الشيخ وأخلاص نيته وسمعت أيضا انه أتى لزيارته فرحات بأي وعادة البايات يزارون ولا يزورون وان اعتقدوا أحدا بعثوا إليه ليزوروه في محلهم خوف الإزدراء والنقص في حقهم فلما وصلوا أتى لهم بخبز وأظنه من شعير فكسره في الزيت وشيء من التوابل يقال له اجعجوع والزيت لا يأكله إلا الخماس والراعي ومن هانت عليه نفسه فأتى به هو إلى الملوك ثم قام الباي لما أتى به الشيخ ظننا أنه لا يأكله أحد منها فلما بداناه حياء منه وأكلنا منه شيئا وجدناه والله خيرا من سائر الأطعمة التي كانت في الدنيا ولو لا الهيبة والحياء لتقاتلنا عليه وغير ذلك من أموره نفعنا الله به وقيل له أصلح بين القبائل الذين بينهم الفتنة فقال والله أحمد الله وأشكره حين عصمني الله منهم بحيث لا يمنعوني عن الصلاة في المسجد فضلا عن أن أصلح بينهم ومع هذا إذا كان العرس ركب فرسه ولعب بها للسنة النبوية وكانت والدة أبي من الصالحات شريفة كوالدتي أيضا وكانت تقسم الليل أثلاثا ثلث للصلاة وثلث للنوم وثلث للذكر وجدي كان عنده الزيتون وسيدي الحسن لا (1) قالت فجعل حظا من الزيتون للشيخ تلتقطه بطهارة وتعصره بطهارة أيضا لتتم معارف الشيخ ونوره ولتغتنم (2) بركته أيضا رحمه الله ونفع به وأما أولاده فلا تجد فيهم ناقصا بل كلهم على الكمال وكذلك أولاد الشيخ سيدي محمد صالح جل أحوالهم على الهدى وسيدي عبد الله من الصالحين وترك ولبيبن صالحين سيدي عبد الرحمن وسيدي أحمد وهما مفترقان في السكنى وقد سمعت أنه قال لي لما تحيرت من أمر السكنى رأيت قائلا يقول لي فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته الآية فسكن موضعا كذلك (3) وهو المسمى اثروش مستندا
__________________
(1) في نسخة ليس عنده.
(2) في نسخة يلتقطه ويعصره وليغتنم.
(3) في ثلاث نسخ فبيكني موضع كذلك.
إلى الكهف كما رآه في النوم كذلك فظهر له الفضل وولده صالحان سيدي عبد الوهاب وسيدي على قد قرأت على سيدي علي الألفية حاصله أولاد سيدي محمد صالح لم يعدموا الفضل وإن كان بعضهم أولى من بعض وكذا أهله أولاد سيدي محمد صالح من قرية بيكني كلهم على الفضل والعلم والحلم والخير خصوصا العالم الفاضل الخطيب المحقق في علم الكلام وقد سمعت ممن سمع من تلميذه سيدي محمد العياضي أنه قال أن الشيخ قرأنا عليه شهرا بتمامه من قوله فعلى العاقل إلى الختم من غير تبطيل دائما إلى الليل نصا واحدا وقد سمعت أيضا أنه قال رأيت الشيخ السنوسي في النوم يضرب برأسي ويقول أنت أولى بكلامي يا مسعود وهو العالم الفاضل سيدي المسعود بن عبد الرحمن آية من آيات الله تعالى وقد تزوجت بنتين من ولده سيدي السعدي وسيدي علي ولده محقق في علم الكلام غير انه لا يصل مرتبة أبيه وكذا سيدي محمد بن الفقيه محقق في الكلام فاضل صالح مشتغل بنفسه وقد أخذ عني الصغرى بأن قرأناها قراءة تحقيق بحاشية المحقق المراكشي وكذا أخذ مني الفقيه الفاضل العالم الأديب الحسيب (1) وهو ليس منهم فنبهنا عليه لأنه من أجل الفضلاء وقد رأى الكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يحيى بن حمزة من أحبابي وكفى به ومن الصالحين سيدي الحسين بن حمزة إذ اشتغل بربه ونفسه إلى أن مات نفعنا الله بجميعهم ومن هذه الفئة الأديب سيدي محمد بن حمو وأولاده مثله.
انعطاف بقي واحد من أولاد سيدي محمد صالح سيدي علي بن محمد ظاهر الصلاح لا شك فيه إذ خصاله كلها محمودة ودعاؤه مستجاب كريم على الإطلاق اللهم ارزقه بذكر من صلبه يعمر محله بالعلم والسر والولاية والزهد والكفاف
__________________
(1) في نسخة الحبيب.
والعفاف نفعنا الله بجميعهم آمين بمنه وكرمه وقد قلت فيهم :
جدوا حقايا ذا الفضل فيض (1)
 

إذ شهر أنواركم تعطي لنا حلمكم
 
فقوت قربكم يبدي لنا دررا (2)
 

وحق أكرامكم يحظي لنا غررا
 
فكلهم أخلصوا الأعمال من حبه
 

وأظهروا فضله كل قربه (3)
 
أهلة أقمر في ظلمة من دجى
 

وعلمهم أنوار للصبح منبلجا (4)
 
فإنهم في أنهار العلم يلتقطوا
 

من در عرفانهم فالكل ينبسطوا (5)
 
قد ركبوا من مطايا العزما وجدوا
 

وحازوا سبقا مضى في كل ما شهدوا (6)
 
بالفضل منهم زالت رعونة الأنفس (7)
 

بتمكين الله حقا غير ملتبس
 
ونورهم بالتقى فغير منعكس
 

وجدهم بالوفا فغير منتكس (8)
 
فاسلموا حالهم في أيدي رب الملا
 

وخلوا حقا لهم في كل ما يبتلى
 
فرفعوا جملة لكل من قد أتى
 

بحضرة العز سعيا ليس من قد عتا
 
عن جادة وطريق الحق مشرقة
 

قد عد ذو القصر حزما كل مقصورة (9)
 
__________________
(1) في نسخة جودوا حقا ذوي فضل بفيض إحسانكم.
(2) في ثلاث نسخ وشيء من قربكم.
(3) في نسخة فضله من سطوة قربه.
(4) في نسخة وعلمهم مثل نور الصبح.
(5) في اربع نسخ من درر عرفان.
(6) في ثلاث نسخ
قد ركبوا مطايا من عزما وجدوا
 

وحازوا سبقا أيضا في كل ما شهدوا
 
(7) في أربع نسخ فازالت منهم رءونة الأنفس.
(8) في نسختين وجدهم بالعز وفي نسخة بالعز جدهم ع غير منتكس.
(9) في نسخة جزما وفي أخرى كل مقصدة وفي أخرى إذ بالخيرات يفوز تابع السنّة.
ومد كلا من الممدود فيما علا
 

وساروا من سرها يدنون من حوقلا (1)
 
فازالوا حجبا عن لك مستورة
 

فرأوها عيانا في كل مرئية (2)
 
فمنهم أحد مؤيد من سما
 

ومنهم من سلب العقل ليس عمى (3)
 
فأذهبت قوة لكل ذي صحة
 

واحزنت جذلا لكل ذي قوة
 
وحركت ساكنا بسطوة الهمة
 

وطيرت أرواحا بريح عاصفة (4)
 
وحيرت ثابتا بكل ما قد دهش
 

فأبصرت جاهلا بل ما دق خدش
 
حتى أوتوا كلهم حكمة رب العلا
 

وصيروا آمنا في ذروة قد خلا (5)
 
سواهم معدوم ولن يرموا قلى (6)
 

لمخلوق أبدا خصوصا من قد علا
 
قد عم وبلهم تحقيقا من في الوطن
 

وكلهم بالرضى من ربهم مؤتمن
 
عزهم محبوب بكل ما حققوا (7)
 

وأعلنوا صدقهم بما به وفقوا
 
وأظهروا مظهرا لنوره كل ما
 

قد ضاق منهم رحب فناؤه قد سما
 
من صغرهم أجادوا فحققوا ما أتوا (8)
 

من أوصاف إلى غير أنهم بغتوا
 
رضى المولى عنهم في كل مسألة
 

سم الخياط أتى أوسع دائرة
 
__________________
(1) في نسخة وصاروا من سرها يذوقون من حوقلا وفي نسخة يدنون أعلى الملا.
(2) في نسخة :
أزالوا حجبا جما عن كل مستورة
 

فريئت عينا لهم في كل مرئية
 
(3) في نسخة فمنهم آخذ من يد من قد سما وفي نسخة ومنهم مسلوب عقل؟؟ قد هام.
(4) في نسخة وصيرت رائجا بريح عاصفة.
(5) في ثلاث نسخ في درة وفي نسخة قد منحوا مننا يا خسر من قد خلا.
(6) في نسخة من سواهم.
(7) في نسخة من عزهم.
(8) في نسخة أوتوا.
دمهم شيم يطفى اشتعال نار
 

أحوالهم في الوغى ترد سخط جار (1)
 
يا رب جد سيدي قبل نزول العذاب
 

بحق من قد سما في كل من انتساب
 
وان تعفو رجلا (2) يرعى خواطركم
 

لعل من نفحة أرقى بها إليكم
 
وجد لنا بالرضى والفوز بالمقعد
 

للنسك متصل والكل في مصعد
 
في جنة الخلد حقا منه أن ينظروا
 

لوجهه بالرضى مع منحه اعتبروا
 
للوالدين وللبنين مع من أحب
 

من أخوان وجيران حق من اقترب
 
علاقة الأزواج (3) وكل من انتمى
 

من أشياخ آخذ من طالب النعما
 
ثم الصلاة على محمد ما في السما
 

كذا السلام عليه ماجدا أفخما (4)
 
وآله شرفا وصحبه حججا
 

ما دام شمس النهار تقطع الأبرجا
 
ومن أولاد هذا الشيخ نفعناه الله به آمين سيدي علي بن محمد حي فاضل ذو ظن وحب في الله وفي كل منتسب إليه أفاض الله علينا من بركاتهم آمين.
ومنهم الشيخ الفاضل العالم كبير السن عظيم الشأن سيدي علي الصافي من ذرية الولي الصالح سيدي موسى وسيدي علي هذا أدركناه كان عابدا أقبل على مولاه ضريحه في قريته وأما جده فضريحه عند بني إبراهيم معظم قبره يزار وأولاد سيدي علي هذا أفاضل إلى الآن وهم على خير إلى قيام الساعة إن شاء الله نفعنا الله بكلهم آمين.
ومنهم الولي الصالح والبدر الواضح سيدي السعيد بن الحبيب ومن قرابته
__________________
(1) في ثلاث نسخ فما هم شيم وفي نسخة في الوغى تريك.
(2) في نسختين واجلا.
(3) في نسخة وللأزواج لنا.
(4) في نسخة ما جرى فاغما وفي أخرى ما سار في السماء نجما.
الفاضل الصالح سيدي يحيى بن الحبيب وكذا من حلاه الله بجلية القبول وقد غلبت عليه صحبة الرسول منّ الله بفضله قريب سيدي عيسى بن الحبيب وقد أدركته صغيرا وكان عالما فاضلا كريما مهد الله له خلقه ونصره على ملوك زمانه بحيث لا يتعدى الغالب منهم كلامه وقد كان صغيرا طالبا عند الشيخ سيدي الحسن وأشار بولايته وكان إذا أراد أن يذهب إلى بيته يعطي له فرسه يركبها دون سائر الطلبة قيل له في ذلك قال عيسى مرابط وكان كذلك لأن أنفاس سيدي الحسن ما كذبت قط وسيدي عيسى هذا أعطى من الحلم ما لا يمكن أن يعبر عنه وكذا كرمه وقد سمعت من عم أبي قال إني بت عند سيدي عيسى هذا ليلة فلما حان وقت صلاة الفجر وإذا بالشيخ يقول أرأيت بني يعلى فقد انكسروا وأصابتهم جائحة الفتنة وكان الأمر كما ذكر وقال أن بني أحمد أيضا قد أتاهم ذل وفتنة عظيمة وسببهم الشيخ الفلاني الذي حرمه الله من نعائم الدنيا إذ كان يصوم الدهر كله غير أنه من العرفاء [أعني عليا ابن جني إذ قال صلى الله عليه وسلم أكثر العرفاء للنار وأما قليلهم فالمجنة والعراقة المشيخة](1) وقال أيضا أن جميع الرؤساء من الشيوخ أتوا إليه وكل واحد يسره بكلام فإذا قام لي يا سيدي أبا القاسم الشريف كل واحد من هؤلاء إلى النار إلا واحدا أتاه من الشيوخ كلم الشيخ بالجهر ورفع الصوت بين يديه والشيخ كالمغضب عليه فلما انفصل عنه قال هذا من أهل الجنة يا شريف والشيخ هذا [هو عبد الرحمن بن أحمد بن امقدس](2) حاصله كلما قال كان إلا إن البعض في حياته والبعض بعد موته وهو نفعنا الله به يحب الأشراف غاية المحبة يعمل بقوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى وقال صاحب المواهب اللدنية من المعاصي التي لا بد أن يعذب عليها بغض الأشراف واستدل بقوله تعالى قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(2) في نسخة مقداش أو مقديش وما بين القوسين ساقط في نسختين.

إلى قوله أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين يعني نفي الهداية عن هذا الفاسق وهو مبغض الأشراف فكان حينئذ الغضب قطعا وهذا سيدي عيسى نصره الله على الخلق زمانه وقد قال بعض العارفين إذا كان المرء عبد الله تعالى أن أظهره نصره وإن أخفاه ستره إذ عبد الظهور عبد الظهور وعبد الخفاء عبد له واللائق أن يكون عبدا لله تعالى أظهره أو أخفاه غير أن الإخفاء هو الكثير إذ الظهور هذا من أوصاف الإله سبحانه لا يشاركه فيه أحد غير أن الخلق عيال الله فلا بد من أحد يصلح شأنهم وشنآنهم وذات البين طوبى لمن كان كذلك فيظهر الله بعض عبيده لذلك بأن يخلقهم لمصالح خلقه ويكسوهم من هذه الملابس لتبدو هذه الحكمة النورانية والفائدة الروحانية ليصح نظام العالم الصمداني وليتم الوعد الرباني وسيدي السعيد ذا له قبران قبر عندنا وقبر في برباشة (1) والمدة بينهما نحو من مسافة يوم بالإجمال المثقلة في الأيام القصار أو نصف يوم في غير ذلك ولما تنازعوا على دفنه وكل منهما يسرقه ليلا فيقّظ الله كلهم فوجد كلا الفريقين الشيخ في قبره فحصل المقصود للكل والشيخ سيدي السعيد تاريخه من أول الحادي عشر وأولاده وقرابته على الفضل والخير نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي ناصر الخلقي كان فقيها مفتيا حافظا للأنقال وهو من قرننا هذا ومن الحادي عشر معاصر لجيد والد والدي وأولاده على الفضل والحلم والعلم والحمد لله نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي أحمد بن سعيد ولي معظم عند بني عفيف ضريحه مشهور يزار وأولاده أفاضل على الخير والطاعة ومن أولاده محب النبي صلى الله عليه وسلم
__________________
(1) في نسخة في رياشة.

وأصحابه به الشغف القوي من أجله حتى ظهر ذلك للعامة والخاصة بحيث لا يشك أحد في ولايته وهو من قرننا هذا من الحادي عشر وهو سيدي علي بن حصانة نعم الزوار وفقراء زماننا انتفعوا به أي انتفاع وسمعت من بعضهم انه قال الشيخ علي كان يجتمع مع رجال الغيب ويحضر ديوانهم والله اعلم وكان كريما إذا لم تأته الضيوف يبعث إليهم إذ مهمي ابطؤا عليه ضاق وحزن وان أتوا إليه سر وفرح وقد سمعت حكاية عنه أن صحت وهي مشهورة لدى العامة ونصها أن الشيخ على المهاجري كان زمارا في الأعراس بأن بلغ الغاية في صنعته بحيث يشترطه أهل الأعراس دائما فقد فاق أهل صنعته وهذه صنعة محرمة لأن مثل زمارته تلهي كل اللهو على ما حكوا عنه ولو على قول ابن كنانة الذي يقول بجوازها أن لم تله كل اللهو سيما مع انضمام مفاسد إليها كحضور النساء والشبان والرقص وذكر الخدود والقدود فان كان كذلك فحرام فلا يقول أحد بحليته أبدا أتى إلى هذا الشيخ في حاجة عرس أو غيرها فقضى الحاجة للشيخ على حسن المراد وإذا هو عطفه الله عليه وقال أن مررت بمحل كذا من طريقك تمرغ بالموضع الفلاني فلما وصل إليه تمرغ فيه وكان قبله اجتمع الأولياء ديوانا هنالك فأثر فيه الحب لله بأن صبغ حينئذ قال وبعد ذلك لا أحضر إلا عند رفع العروس لزوجها وأما بعد فاذهب إلى المسجد فاشتغل بالصلاة والعبادة إلى أن يطلع الفجر أو ما شاء الله والناس يظنون انه هو الذي يرفض ويشطح ويغني وليس كذلك وإنما خلق الله صورة شيطانية مثل صورته (مع أنه لا آثم عليه فضل منه) ودليله خلق الله الملائكة على صورة الإنسان تفعل الطاعة ويكون الثواب للإنسان فقد قال صلى الله عليه وسلم أن الإنسان إذا اغتسل من حلال يخلق الله من كل قطرة منه ملكا يعبد الله تعالى إلى قيام الساعة وثواب ذلك للمغتسل أو كما قال صلى الله عليه وسلم أي تفعل ما يفعل وهذا أن صح عنه فغير بعيد غير أنه واقع والله أعلم ويدل عليه أني صغير في بني عيدل فذهب كلب إلى قبره فاستخرجه منه فلم يتغير منه شيء والمدة التي بين إخراجه وأقباره سبعون أو ثمانون سنة فالغالب من ذلك أنه من الذين يحبهم الله ومن أحبه فلا سبيل للأرض عليه وأحوال الشيخ كثيرة نفعنا الله به آمين وولداه على الطاعة والخير والحمد لله وقد أدركتهما أحدهما سيدي إبراهيم وهو كبير السن والناس يعتقدونه ويعظمونه والأخر قد مات وكانت طريقه كأبيه سيدي محمد السعيد نفعنا الله بهم.
ومنهم الولي الصالح ذو الكشف الواضح سيدي محمد ومثله في ذلك مع زيادة في العبادة سيدي محمد (1) بن علي ومثلهما في ذلك أو أعظم سيدي يخلف إذ كلهم في القرن الحادي عشر متعاصرون نفعنا الله بهم غير أن طريقهم مختلفة أما الشيخ سيدي محمد بن علي يتبع لسان العلم وكثرت عليه المجاهدة حتى أثرت فيه تأثيرا قويا إذ غلب عليه حال الخوف وأما سيدي محمد أمشالي (2) فقد غلب عليه الجمال وأما سيدي يخلف فقد كثرت عليه الخلوة والاعتزال بحيث إذا بقي في موضع مرئي للناس جازوا عليه ولا يرونه أصلا وهو صاحب كشف عظيم لا يكاد يخفي عليه أمركما أخبرني من رآه وصحبه وهو أمي لا يقرأ وهو من المغرب ومثله ولده سيدي الطاهر في الخلوة والاعتزال ورؤية رجال الغيب وقوة الكشف وأما امشالي فانه من بني يعدل أي بني جعفر وأما سيدي محمد بن علي فمن بني يعلى وأولاد الجميع على الخير والطاعة والحمد لله.
تتمة أما سيدي محمد صالح فجده أبو محمد صالح الدكالي المعلوم وأما سيدي أحمد ابن سعيد وأولاده فمن أولاد دراج لأن طائفة من بني عفيف منهم وأما سيدي السعيد بن الحبيب فمن وانوغة وأما سيدي علي الصافي فلا أدري ذلك والله أعلم.
__________________
(1) في نسخة أحمد.
(2) في نسخة امشامي.
ومنهم سيدي يدير الحاج فولي من أولياء الله تعالى شريف وأولاده فحول وذوو فضل وعلم وحلم وعبادة منهم سيدي علي بن الطيب وسيدي محمد بن الطيب وغيرهما وسيدي محمد السعيد بن أبي القاسم وسيدي الموفق وأولاده وغيرهم فهم أهل خير وعبادة وجد فيها وهم من بني يعدل نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي محمد الشريف وأولاده سيدي عبد الله وغيره فهو رجل صالح وهم قرباء لسيدي الصادق وإنهم من بجاية وكذلك سيدي الصادق من بجاية أيضا.
ومنهم أولاد صالح فهم على الخير والفضل والقراءة وهم من جبل عياض نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم الولي الصالح والبدر الواضح سيدي يحيى بن موسى فقد ظهر أمره ظهورا فاشيا يزار دائما وسيفه ماض لمن يتعدى على أولاده وذلك مجرب صحيح لا يكاد يخفى على أوباش العامة فضلا عن الخاصة وقد علمت من أهل بلدنا أن دعاء سيدي يحيى بن موسى هو سبب الشر الذي أصابهم حتى افتتنوا ومات من جميعهم نحو الثلاثمائة من غير حق وإنما هو أمر الشيخ جار عليهم وهو من تلامذة الشيخ سيدي يحيى العيدلي وسببه انه ذهب للشيخ ليسرقه فدخل موضعا مختفيا وأظنه موضع الدواب ظنا منه أن دار سيدي يحيى مملوءة بالأمانات ولعله يتصل بشيء منها وهو ممن سبقت له السعادة والعناية فلا تضره حينئذ الجناية فيعد العشاء اجتمع الأولياء عند الشيخ على واحد من الأولياء مات لينظروا من يرجع في محله ومقامه ولما استقر بهم المجلس وقربهم الأنس سألوا الشيخ سيدي يحيى عمن يصلح فقال ايتوني بذلك الذي كان مختفيا فاطلعوه وعقدوا له ذلك فوصل من حينه لأن الولي إذا أراد؟؟ وقالوا أيضا عزم الولي اقطع من السيف وقال أبو الحسن الشاذلي نعم الرجل
أبو العباس المرسي يأتيه الرجل البدوي يبول على ساقيه فلا يمر عليه يومه حتى يبلغه لله فكذلك عمل الشيخ سيدي يحيى لهذا الشيخ قيل انه لما رجع صبيحة تلك الليلة كان كل من لقيه من الرعاة أو غيرهم قبل يده وطلب منه دعوة الخير بعد أن كانوا اليوم الذي قبل ذلك يتحاذرون منه ويتناذرون من أجله بالكك سي يحيى بن موسى والله سبحانه يفعل ما يشاء نفعنا الله به آمين وهو من القرن التاسع وأولاده على القراءة وإطعام الضيف والطاعة والفضل سيما العالم الفاضل الولي الكامل سيدي يحيى بن حمود (1) وقيد قيل انه يجتمع مع رجال الغيب وانه يشتري لهم قدرا معلوما من الثياب وهو تلميذ سيدي علي بن طالب وهو طامة كبرى وكذا أولاد سيدي يحيى بن حمود سيدي أبو القاسم وسيدي أحمد كلاهما على العلم والفضل والكرم والنصيحة والأخلاق السنية نفعنا الله بهم.
ومنهم أولاد العقاري (2) فيهم العمل والعلم والصلاح غير أنهم قد انقرضوا فهم من أولاد سيدي عمر العجيسي.
ومنهم أولاد سيدي على امداح ظاهر الصلاح أيضا وولد ولده فيه الفضل والقراءة والنجاح نفعنا الله بجميعهم آمين.
ومنه الشيخ الولي الصالح العلامة الواضح سيدي محمد الصغير صاحب جد واجتهاد في العبادة أولاده وقرابته على الخير والطاعة والصلاح وكان رحمه الله تعالى يحب الأشراف حبا قويا بخلاف غيره وهو من الحادي عشر.
ومنهم الولي الصالح العلامة الفاضل والمحقق الكامل والنقاد الأبريز سيدي
__________________
(1) في نسخة حمودي وفي أخرى حمودة.
(2) في نسخة الغفاري.
علي بن عبد العزيز من ذرية سيدي أبي الحسن الشاذلي كما كان بخط الجم الغفير والعدد الكثير انه من ذريته وهو نجل الشيخ الولي الصالح سيدي عبد العزيز الخراز أما قبر سيدي علي فهو في بني إبراهيم وأما ضريح أبيه سيدي عبد العزيز فهو في الزاب أي في الصحراء وهو معلوم في بلد الدوس نفعنا اله بهم وكراماته ظاهرة وأسراره باهرة صاحب العناية وقد سمعت أنه أخذ علمه عن الشيخ الولي سيدي عمر الوزان القسنطيني وكان رضي الله عنه بنى دارا واسعة عظيمة بحيث لا يكفيها جذوع الأرض والذي رآها يتعجب بما يكون به السقف وقد رأيت رسمها فلما كملت أصبحت الجذوع على الدار أي القنناطيس من جبل الزان (1) وبيننا وبينه يوم كامل وقد عملوا ذلك من خرق العادة وقد رأيت المورد العذب لابن الجوزي بخطه وأولاده أفاضل على الخير والطاعة والحمد لله وهو من القرن العاشر أي أوله ولا أدري هل أخذ من التاسع أم لا نفعنا الله ببركته وجعلنا في زمرته آمين.
ومنهم الولي الصالح جدنا سيدي أحمد الشريف نسبا إذ ثبت ذلك وهو الشريف الحسني والذي سمعناه من أعالي أسلافنا انه من شرفاء تفلالت وأما مقره ومقر أوائله فمن بجاية وجدنا هذا نجل الشيخ سيدي علي البكاي وكانت له زاوية عظيمة وقد سمعنا انه قدم بخمسمائة طالب إن صح وقد ثبت عن بعض الثقات من بني يعدلي أن طلبة الشيخ في محله إذا قرءوا الحزب سمعوهم من بني يعلي يعني من مدشر الخميس وهو الكدية ومدشر الذراع وكان رحمه الله يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم والمحل الذي يجتمع فيه إلى الآن معروف بعلامة ظاهرة وقبره يزار وقد سمعت العدل الصالح بلا شك سيدي محمد الحاج حين بتنا معه ليلة الجمعة في روضته فلما أخذنا النوم واستولى علينا ولا أدري جاز الليل على النصف وهو الظاهر
__________________
(1) في نسخة الزاب.
مع جماعة من الطلبة فاستيقظنا من النوم وأتينا إلى محل الافتراق (1) ثم إن بعض الطلبة سأله عن الحكمة في إتياننا نصف الليل وثلث الليل الأخير أولى فقال أعلمكم غير أنكم لا تخبروا أحدا إلا بعد موتي فعاهدناه على ذلك فقال لما نمتم وإذا برجال الغيب يجتمعون إلى أن امتلأ الموضع ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسيدي عبد القادر الجيلاني أيقظتكم والحمد لله على ذلك وقد سمعناه أن الديوان يكون ليلة الاثنين والجمعة غير أن الاثنين بالشيخ سيدي عبد القادر وليلة الجمعة بالنبي صلى الله عليه وسلم ولما بنى داره قال لبانيها أرسل نفسك من غير سلم فأبى فقال له والله لو أرسلت نفسك لوقعت في الكعبة وقد سمعنا أيضا إن من بات عنده في روضته سبع جمعات متواليات قضيت حاجته أي حاجة كانت دينية أو دنيوية ومن كراماته أن سيدي محمد الجوادي أعني الذي كان في صدوق المشهور ولايته أخذ عنه وكان شيخا له فلما قربت وفاته قال له إذا مت من أشاوره بعدك فقال له أنا قبل وبعد فلما مات كان الأمر كذلك فصار يكلمه من قبره إلا مرة واحدة أتى إليه ليشاوره في أمر فنادى الشيخ على عادته فلم يستجب له أي لم يجبه فبكى من ذلك وظن أن المانع منه فمكث غير بعيد وناداه مرة أخرى فأجابه فقال له أين كنت قال كنت عند الشيخ سيدي يحيى كان غائبا أمدا طويلا عن الأرض فلما رجع ذهب الأولياء إليه فذهبت إليه وكان ولده سيدي يحيى في مجانة. [أما بنو عشاش من بقية عبيد جدنا وقد خرجوا عن طاعتنا وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرجت طائفة باغية من بني إبراهيم وهي وسر وأولاد الخلف ومن (2) أراد الحرابة والزنى والسرقة فليتحصل بهؤلاء العروش أخلى الله منهم الأرض وقد أعانني فيهم المجاهد في سبيل
__________________
(1) في نسخة الاقتراء.
(2) في نسخة من بني إبراهيم وهي قرية وأولاد خلف لمن أراد.
الله القامع للمتمردين سيدي أحمد باي إذ نصرني وأعطى (1) أمر المحلة في يدي وأحرقت أولاد الخلف وقرية وسر وسكانها وبني عشاش وفي تلك السنة جعلت عليهم وأمرت الخليفة أن يأخذ منهم مائة وسبعين إلى أن يتوبوا لله ولرسوله ويرجعوا إلى الأحكام الشرعية أزال الله منهم ذلك ولنرجع إلى ما كنا بصدده وكان جدنا سيدي يحيى في مجانة](2) بأهله مكث فيها عشرين سنة وكان يركب معه من ممالكه ثمانون عبدا فأرادوا غدره فقال الشيخ له قل لولدي يحيى أنت نائم وأرادوا قتلك فأنا الذي أيقظتك حتى ركبت فرسك ونجوت منهم وكان يقول أن يحيى يحيى الدار ثم بعد ذلك رجع إلى وطنه لما قضى (3) الله أمرا كان مفعولا وكانت عنده بنتان كل واحدة منهما نسخت التوضيح وقد سمعت سيدي الطاهر الشريف انه قال أحد المنسوخين في فملال (4) إلى الآن وكانت عنده خزانة عظيمة بحيث لا توجد عند غيره ولما سلط عليهم الوباء ولم يبق إلا ولدان صغيران ضاعت الكتب والأملاك البرانية التي في بني عبد الجبار وسلالته أولاد عيسى بن عبد الله فأن بقية منها في الزاوية (5) وادعوا بعد ذلك أنها لهم نفعنا الله بهم ومن أولاده الفاضل الكامل الفقيه الورع سيدي الحسين جدي إذ كان مدرسا دائما يحفظ الشيخ سالما ينسخ منه كل ليلة نصف كراسة في القالب الكبير أخبرتني بذلك زوجته والدة أبي وهو يدرس إلى أن مات وكان يفتي ولا يقبل الهدية من أحد وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره بالفتيا على لسان بعض من يراه يقظة من المحبين له وكذا والدي في غاية الاتباع
__________________
(1) في نسخة وأعظم أمر المحلة في يدي.
(2) ما بين القوسين ساقط في نسختين وفي نسخة موجود بين قوله قضى الله أمرا كان مفعولا وقوله وكانت عنده بنتان.
(3) في نسخة رجع إلى وطنه إلى أن قضى الله.
(4) في نسخة ملال وفي نسخة مملان وفي أخرى فعال.
(5) في نسختين ومسألته وأولاد سيدي عيسى بن عبد الله أن بقيت في يد الزاوية.
أكثر من أبيه تؤخذ السنة من كلامه ومن أفعاله فالمدخل والشيخ عبد الله بن أبي جمرة وابن عطاء الله والشيخ زروق أمامه وقد علمت من جعل واحدا منهم قدوة كفاه فكيف بالجميع قلت وقد أخبرني بان قال رأيت جدي هذا قال فقلت له أعطني سرك فقال سري مقسوم بين أولادي ولا أدري هل زاد له وأنت لك الحظ الوفر أم لا نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم الولي الصالح سيدي محمد بن علي إذ كان هو المتصرف في الأوطان بإذن من له الحكم من بجاية وهو الذي مسك جدي في هذه البلدة وزوج بنته له وهو الذي أمر الناس بأن بنوا له وهم بنو يعلى قيل أنه هو الذي تسبب في إزالة الميراث بان كانت البلاد في أيدي الخوارج فلما حاربوهم وقاتلوهم أجلوهم من بلادهم فبقيت في أيديهم فجعلها للرجال فقط فلما سمع الشيخ الفقيه الولي الصالح سيدي محمد بن مصباح أنكر ذلك إنكار كليا وقال الشيخ يبقى هذا سنة إلى قيام الساعة فقال الذي قاتل هم الرجال فالآن لهم ويكون بعد على فرائض الله تعالى والحق ما قاله الشيخ قدس الله روحهما ونفعنا بالجميع بمنه وكرمه.
لطيفة فان قلت وكل ما ذكرته من الأولاد على خير وفضل وعلم وحال وحلم مع أن في ذلك أمورا لا تليق وأكثرهم على المخالفة والبدعة بل ربما على ذلك (1) قتل النفس بغير حق فما وجه صنيعك قلت الأمر كما ذكرت غير أني قصدت أمرين أحدهما الستر على سبيل الجملة لأنك إذا سئلت عن قوم فيما بينهم وبين الله فقل هم بخير خصوصا أولاد الصالحين وأيضا أردت زيارتهم بالثناء عليهم فهم أحياء في قبورهم ومن ذم ولدك وأنت تسمع تغيرت عليه وإذا تغيرت لا ينتفع منك من تغير عليه وأيضا مرادي من كان على طريق الجد المذكور والابن الخارج عن نمط الأب
__________________
(1) في ثلاث نسخ ربما زاد إلى المجمع (وفي نسخة الجميع) عليه سيما قتل النفس.
ليس بابن قلب الآن ولد القلب يرث الباقي وولد الصلب يرث الفاني وإذا كان ولدك على طريقتك فانه يرثهما معا وان كان ولد الصلب فانه يرث الفاني فقط وبالجملة فاني ذكرت أولياء الله في وطننا ولعل الله بذكرهم يزيل الحجاب عنا ويرزقنا الوهب الرباني لي ولذريتي ولمن تعلق بي وان يحفظني من العوائق عن الوصول إلى الله وإن يجمع شملنا ويرزقنا ما زرق به أهل وده وليس لك إلا بالتسليم لهم مع محبتهم وكذلك بالتعظيم لأولادهم لقوله تعالى وكان أبوهما صالحا قيل الجد التاسع ونسبة المفضول للكامل من باب نسبة ما للجزء للكل مجاز كما ذكر (1) اه.
انعطاف بعد ذكر أهل وطننا فإن فيه زيادة وتنبيها على بعض أوصافهم الحسنة لتزداد النفس رغبة فيهم ورجاء أن تكون همتك كهمتهم فإن الرحمة تنزل عند ذكرهم.
فلما حان السفر وآن حاله ذكرنا بعض ما ورد ذكره وصلينا الصلاة الواردة وختمنا بالصلاة في المسجد ثم أتينا أهل البيت والخدام والطلبة والجيران ومن أتى يودعنا ودعوا لنا ودعونا لهم وعند ذلك رفعنا ما يحتاج الرفع وانفصلنا على حسن الانفصال ووقع البكاء والصراخ من أهل البلد لما كان من أنسهم بنا إذ اعتقادهم ما دمنا معهم لا يقع بهم إلا الخير والبركة وكل ذا بعد التحيل على المنع من السفر أصلا ورأسا فلما امتنعت كل الامتناع لم يبق إلا الصبر والتسليم لله في حكمه وإبرامه وقدرته وأرادته وعلمه لأن القلوب قد تعلقت بالمصطفى صلى الله عليه وسلم فسهل عليها الفراق من أجل ذلك قال تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم الآية فإذا كان النبي أولى من النفس فكيف يبقى التعلق بالأزواج والذرية والمال بل المتروك كالعدم بالقياس إلى المطلوب إلا ما ألزمتك به الشريعة من الوصية على
__________________
(1) في نسختين ونسبة الفضل للكلي من باب نسبة ما للجزء للكل مجاز لما ذكر.
الأولاد والنفقة على من تلزمك نفقته لأن الذي ذهبت إليه هو الذي ألزمك بها فلما جهزنا الأمور ، ووفينا المسطور ، أخذنا في الظعن والذهاب ، ومع ذلك كثر من الناس الارتقاب ، وبعضهم لا ربه بعضهم لزوال الأرتياب ، فأكثرها بالإحالة إن شاء الله على الاياب ، فحينئذ نمشي خطوة بعد خطوة مع التوديع جملة وتفصيلا وقد قلت :
حقي على الأوطان بالرعاية
 

وحقهم علي بالهداية
 
ما أصعب التوديع للأحباب
 

وعنده بالحزن واكتئاب
 
وكل نفس تزعج للافتراق
 

لفقدان المألوف باختناق
 
حبيبكم بويل منه قد رجع (1)
 

وسمه للعظم منكم قد قطع
 
فالعين قد تبخل (2) بالدموع
 

والكبد محروق من المودوع
 
دموع يخشى عليه منذ فرق (3)
 

كالمجنون المصاب حقا بالقلق
 
ونفسه كأنها في النزع
 

وقلبه منصدع بالروع
 
فأشد النيران نار بافتراق
 

لعمركم قد هبت (4) نار باحتراق
 
فتحويل الوجه عن (5) الوداع
 

بشدة يرجع بانصداع
 
أيتها النفس تحملي واصطبري
 

لتوديع الصحب لخير وخير (6)
 
__________________
(1) في نسخة حبيبكم اليوم منه وفي نسخة حبيبكم يومل سنة.
(2) في نسخة تهمل.
(3) في نسخة يغشي وفي نسخة دموعي وفي أخرى عليه متدفق وفي أخرى دموع غاشية عليه قد فرق.
(4) في نسخة :
فاشتدت النيران بافتراق
 

لعهدكم
 
وفي ثلاث نسخ هانت نار وفي نسخة هابت أو هافت.
(5) في نسخة عند.
(6) في نسخة لتوديع المحب وفي أخرى
أيتها النفس بالله فاصبري
 

لتوديع المحب وكل خير.
    
فموتهم أحلى بالاتفاق
 

وسيرهم يسير بارتفاق
 
لا كنه الحبيب منك قد نسخ
 

ما قد عسى يكون مما قد رسخ (1)
 
بل حبه اشغلكم على الدوام
 

فانه غيبكم عن الآلام
 
فلم ترض الأزواج غير من قصد
 

ولم تسع لغيره مما تريد (2)
 
وإن طال العهد عن المودوع
 

فلم يضرنا هذا المتبوع (3)
 
وكيف ذا منا لنا مما ذكرا (4)
 

من أولياء وصلحاء قد يعتبر
 
فناء محبوب من الإرسال
 

فانه الكل بالابتهال
 
بجاهه وجاه من زبرته
 

من عالم وفاضل قيدته
 
بنصيب وحظ (5) منه وافر
 

وعودة عديدة وناصر
 
على الذي أحييته من سنة
 

وانشرن لواءها بعزة (6)
 
على ساق الجد تكون قائمه
 

مع شدة الحزم تكون دائمه (7)
 
بحقه مما بنا قد اعتلق (8)
 

من أولاد ومن بنا قد انتسق
 
خالدة تليدة لا تنزع (9)
 

كلية العلوم حقا تنبع
 
__________________
(1) في ثلاث نسخ ما عسى أن يكون.
(2) في نسخة غير مقصد ولن تسعى لغيره مرتدي وفي نسخة ولم تسع لغير ما تريد.
(3) في نسخة هذا المنزوع وفي نسخة فلم يضرها من هذا المتبوع وفي أخرى عن الموعود.
(4) في نسخة لما حنا مما ذكر في نسختين ذا لما منامما ذكر.
(5) في نسخة أجعل لنا نصيبا.
(6) في نسخة وانشر لنا لواءها.
(7) في نسخة الجد كي تكون.
(8) في نسخة التصق.
(9) في ثلاث نسخ خليدة وتنتزع وفي نسخة خالدة تليدة تكيدة.
من أبناء وأبناء الأبناء
 

لغابر الدهر من أولاء (1)
 
واغفر لنا ربنا ثم الوالدين
 

وأخوان وجيران والمسلمين (2)
 
ثم الصلاة والسلام ما طلع
 

شمس ونجم في سماء قد سطع (3)
 
وآله وصحبه ذوي التقى
 

والزهد والعلم ومن قد ارتقى
 
نعم خرجنا يوم الخميس لما فيه من التيمن والبركة ، في كل سكون وحركة ، كما روي عنه صلى الله عليه وسلم ثم بقينا كذلك على التوديع إلى أن غربت الشمس بل إلى صلاة العشاء والناس تقدم إلينا لتذكرنا الانفصال ، والافتراق والانتقال ، فحصل مبيتنا في بني حافظ ، فودعنا كل حبيب وعدو ورافض (4) ، هذا وان أولي القربى من أهلنا الأشراف ، حصل منهم اللطف والألطاف ، وقد قاموا بمن نزل بهم بحق الضيافة ، وبات عندهم أضعاف مضاعفة ، كثر الله رزقهم ، ومن كل بلاء حفظهم ، فلما أصبح الصبح وتنفس ، أخذنا في الرحيل أمننا الله من كل بأس ، وظعنا من تلك القرية مودعين كل فاضل وعشير وعشيرة وعترة وانفصلنا عن الأفاضل وغيرهم قاصدين بني يعلى فبلغنا محل المدرس الفاضل ، والعلامة الكامل ، المحب على الدوام ، المحقق الهمام ، ذي الفضل والنجاح سيدي الحسن بن مصباح رحب الفناء ، عالي السناء ، شامخ البناء ، كل خير منه قد دنا ، وقد فرح بوصولنا واحضر الطعام ، فأكل منه القانع والمعتر بالتمام ، ووصولنا عند الضحى الأعلى ، فكان محل الرفيع قد امتلأ ، بأفاضل الخاصة والعامة من بني يعلى ، ثم سألنا الله جميعا بقلوب خاشعة ، والسن متضرعة ، واجباح خاضعة ، بلوغ المنى ، والوصول إلى مكة ومنى ، وغير ذلك
__________________
(1) في نسخة من الأبناء وأبناء الأبناء إلى غابر.
(2) في نسختين كالمسلمين وفي نسخة واغفر لنا الهي.
(3) في نسخة في السماء.
(4) في جميع النسخ رافظ.
مما به الاعتناء ، فودعنا بعد ذلك من يريد الرجوع ، ثم بعد أخذنا في الطلوع ، لدار طب الزمان ، وقمر الأوان ، ولي على الإطلاق ، وزاهد بالاتفاق ، من يطلب رضى الرحمان ، باتباع النبي العدناني ، ناصح الأمة ، وناصر الجماعة ، ظاهر البركات ، سيدي بركات ، فدخلت بيته ، وزرت زوجته ، نخبة تعلى ، وهي صهرة لي ، من الصالحات القانتات ، الصادقات الصابرات (1) ، فلم تملك نفسها عند المفارقة ، وهي بقدرة الله مشتاقة ، فدعت لنا من صميم القلب ، وخلوص اللب ، وكذا أولادها ثم ودعناها أيضا ، نطلب الله الرضى ، فخرجت وما زلت أودع ، الأحبة والمتبع ، فمشينا تلك العقبة ، فوصلنا قبر كامل من النقبة ، ذي الهيبة والحيا ، سيدي محمد بن يحيى ، بخشوع وارتقاب ، والدعاء عنده مستجاب ، فصلينا الظهر عنده ، طالبين رضاه ووده ، وصلت تلك الجموع ، فرجع المودع وذهب المودوع ، طالبين الأمان ، وودعنا سيدي الحسين (2) ومن معه من الإخوان ، فذهبنا إلى زمورة فبتنا فيها ثلاث ليال ، لتكميل ما خص من حالهم وحالي ، وليلحق أيضا ما بقي من التالي ، فخرجنا يوم الأحد ، معتمدين على الله الصمد.
وزمورة كثيرة المياه ، وأرضها ذات زرع وضرع بلا اشتباه ، طعامها جيد ، وسوقها عامر مفيد ، وفيها برج للنوبة من الترك ، حفظها الله تعالى من أكابر المعاصي والشرك ، وفيها قائد ، ولأهلها سائد ، بهم يظلم ، وكيدهم في نحورهم دائم ، يسعون ببعضهم بعضا ، قد أهلكوا ولم يكن من الله الرضى ، وبسبب ذلك اضطرمت نار الفتنة ، وحقت عليهم كلمة اللعنة ، فليس يقبل منهم الاعتذار ، لأن القاتل والمقتول في النار ، بأنفسهم عذبوان وبرأيهم أصيبوا ، أزال الله منهم هذه الأوصاف ، ورزقهم تحف الألطاف ، رزقها رغد ، وخيرها مدد ، وقال الشيخ سيدي علي بن أبي زيد فيا
__________________
(1) في نسخة العابدات.
(2) في نسختين الحسن.
فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون قليلة الأشجار ، [كثيرة الإسفار (1) ، وأما بلدنا فهي قريبة منها على مسيرة أقل من يوم وبلنا كثيرة الشجر (2) من زيتون وعنب وتين كثيرة الفواكه إلا النخل والليم فليس فيها وما ذكرنا من بني يعلى وزمورة وطن واحد كثير الأمطار والعيون ومع ذلك كثير المعاصي والبدع ، وقل الحكم فيها وارتفع ، وزاد لما ذكر فنساؤهم باديات مكشوفات ، هداهم الله لحجبهن لأنه من أعظم الأفات ، وإنها كثيرة الثلج ومع ذلك يقولون انه زبل البلد ومهما كثر كثر الزيتون وزمورة علمها قليل ، وجهلها جليل ، كثيرة اللهو اللعب ، نائية التواضع والقرب ، قل فيها الاعتبار ، والزاهد في هذه الدار ، والشارب من كأس الحب بالإكثار ، وفيها من أجل الطلبة وأفاضلها من قل أن يأتي به الزمان ، ويسمح (3) به الأوان ، فاضل على الإطلاق ، ومحب بالاشتياق ، مشارك الفنون ، أديب متمكن في المعالي فحلا في العيون ، ومقبول عند الوجوه ، له طلاوة وحلاوة بما لا يعنيه لا يفوه ، ولي إن شاء الله عن كل ما يشين بعيد ، سيدي محمد السعيد ، ومثله بل زاد عليه حسن الخلق ، الفائز بتادية الحقوق ، سيدي محمد بن عبد الله ومثلهما سيدي المبروك الشوثري فانه أمثل أهل زمانه كثير الحفظ إلا أنه لم يستمد من الأشياخ وهو أنسب من غيره فتح الله عليه وكذا سيدي الطاهر الشوثري فقد رأيت رسومه فلا بأس بها وفيه الفقيه المسن ذو الأخلاق العلية والأوصاف السنية سيدي أحمد الشوثري وقد انتقل وتركته متوطنا فيها وفيها سيدي علي بن الطيب فقيه حافظ للأنفال ، وفقه الله وإيانا إلى صالح القول والأعمال ، وغيرهم مما لا نسبة له من العلم وإن قلّت.
__________________
(1) في نسخة الأسعار.
(2) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(3) في نسختين يصلح.
ثم مشينا من زمورة صبيحة الأحد ومع ذلك خرج معنا جموع من الناس فمنهم من وصل إلى أطراف العمارة ومنهم من وصل إلى قرب الوادي ومنهم من وصل إلى عقبة زمورة وكلهم محبة في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأمة محمد بخير فلا بد لهم من المحبة وهي على قدر الإيمان ومنهم من ذهب معنا إلى أولاد يحيى فوصلنا قرب المغرب فلما سمع شيخهم وهو الفاضل الشيخ ابن عثمان فأقام بضيافتنا وأحسن وأكرم الحجاج وأطعمهم في بيوت الشعر إلا أنها بيوت المستقر (1) وأقرهم (2) وأنسهم وتأدب معهم فلما تنفس الصبح ، أتانا وإياهم بالربح ، أخذنا الطريق ، وودعنا من بقي من الرفيق ، وهو سويد اللب ، وولد القلب ، سيدي محمد بن عبد الله ومن معه من أصحابه ومن معنا من المحبين من أولاد سيدي أحمد بن التواتي وصاروا إلى بيوتهم منيبين ، وإلى بيت ربنا كنا متوجهين ، إلى أن نزلنا عند قائد العزلة في وادي بوسلام ، وأقام بضيافتنا بالإكرام التام ، والبسط العام ، الشيخ ابن حمود (3) ثم ظعنا صبيحة يوم الثلاثاء إلى أن وصلنا إلى قصر الطير ، فحططنا به الرحال مع الغير ، وتلاقينا مع الحجاج ، ومن يريد الزيارة بلا احتجاج ، ووصلنا عند الظهر ، وانتفى علينا وعليكم البأس والضر ، فوجدنا هنالك ما كان كالشقيق ، سيدي أحمد الطيب وأولاده وسيدي أحمد بن حمود (4) وأصحابه فكان ما رمناه بالتصديق ، فاجتمع هناك فضلاء ونبلاء وأولياء وصلحاء بالتحقيق ، وكل يوم والحجاج تأتي من كل فج عميق ، فلما اجتمعوا ، واشتروا وباعوا ، اهتموا بالرحيل ثم إن كل فاضل وعالم وذي خير وراغب من قصر الطير إلا أتى إلى الركب يزوره ويقتبس نوره إلا
__________________
(1) في نسخة وامعن بيوت الشعر إلا أنها بيت المستقر وفي نسخة واعطى بيوت الشعر وقربهم وفي نسخة وأطعم وهم بيوت الشعر لأنها أطيب المستقر فلما تنفس الخ.
(2) في نسخة وقربهم فلما تنفس الصبح.
(3) في نسخة حمودي وفي أخرى حمودة.
(4) في نسخة حمودي وفي أخرى حمودة.
أن قائده وشيخه الأول ابن يلس والشيخ أحمد بن الصخري (1) نجل الشيخ أبي عبد الله بن سعد بن السعد (2) ولم يرد الله بهما خيرا فلم يتكرم أحد منهما بطعامه ولا بشعيره على الحجاج فانهم وفد الله ووفد رسوله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني حرموا فحرموا.
وقصر الطير بادية وهو من أحسن الأوطان وأكرمها قل ألا يكون فيه الخصب وعشبه أخضر ولو في الصيف والخريف وفيه مكان يقال له المرجة من حفر فيه مقدار ذراع وجد الماء عذبا سائغا شرابه وزرعه كثير وكذا ضرعه وبالجملة فخير هذا المكان منتشر مشهور وأهل الخير فيه كذلك غير أنهم من العامة وأما الخاصة فلا غرابة في حصول الخير منهم حاصله هذا الوطن ينبغي أن يكون مدينة إذ جمع فأوعى نعم قل إن يشكر أهل نعم الله والاستقامة أيضا فتجدهم لا يدوم لهم الحال ، ولا يستقر لهم النوال ، بل يسرع إليهم التبديل والزوال ، والسلب لأموالهم والانتقال ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لم يكن شيء أسرع بصاحبه كالظلم فان خرجوا من وطنهم تشبثوا وتعلقوا ، وإن رجعوا مكروا وتزندقوا ، فسلطوا بأعمالهم ، وأصيبوا بأحوالهم ، اللهم أرحم جميعهم وأهدهم إلى الصراط المستقيم ومن الأفاضل أولاد الكتف سيما عوض ولدنا العلامة سيدي محمد الكتفي ومثله سيدي يحيى وسيدي محمد الزواوي وابن عمه سيدي محمد بن جد (3) وسيدي محمد الصحراوي وأولاد عبد الواحد فيهم أفاضل وأما الفقراء المخمرون بحب الله وحب رسوله لا يحصى عددهم من أولاد سي أحمد وأولاد الكتف (4) وأولاد الزعيم وأولاد المداس
__________________
(1) في ثلاث نسخ السخري.
(2) في نسخة السعيد وفي أخرى الصد.
(3) في نسخة جدي.
(4) في نسخة الكتفي.
وصاحب القبر المشهور في رأس الوادي نفعنا الله بجميعهم ثم ظعنا إلى أولاد موسى بن يحيى وكانوا محاربين لا يمر أحد على طريقهم وهم على ذلك إلى أن سلط الله عليهم الشر حتى عاشرتهم (1) مع حسن ظنهم فينا فأمرتهم بترك ذلك ليكثر عندهم الخير فامتثلوا فأفاض الله عليهم بكثرة الأموال ورأوا الشيء عيانا فنزل الحاج في وادي رأس إسلي عند العين في رأس الوادي وأنا وأصحابي مررت إلى أن وصلت إلى الولجة في أرض الحضنة لأولاد دراج أعني أولاد ناصر عند أولاد الشيخ الولي الصالح ، والبدر (2) الواضح ، سيدي رحاب محل العلم والحلم والفضل والأدب والشرف ، خلفا عن سلف ، فقد زاد الفضل والحمد لله في الأواخر واستقر بنا الحال في بيت الفاضل الفقيه سيدي عبد الله بن رحاب وكلهم فضلاء وأدركت منهم الأخيار سيدي محمد الحاج ما رأيت مثله أصلا وسيدي عبد القادر وسيدي رحاب وسيدي محمد بن إبراهيم وإخوانهم نفعنا الله بهم.
ووصلنا قرب العصر إليهم وأقمنا عندهم يومين فاشترينا بعض الجمال هناك وأولاد دراج طائفة من العرب وقد رأيت في بعض الطرر انهم من ربيعة وكذا مقدم وأولاد رحمة وأولاد مخلوف (3) فمهما طغت أحدى الطوائف إلا أغرمت الأخرى (4) وبلد هؤلاء الصحراء وحرثهم على الحي أعني أودية تتحدر (5) إليهم من الجبال إذ فيها أعين هذا غالب أمرهم ويغلب على العامة منهم الجهل والجفاء والتعدي وهم أكثر من أن يحصوا وهم فوق وقد تحصل الفتنة بينهم فيموت الثلاثون والأربعون في
__________________
(1) في نسخة عشائرهم.
(2) في نسخة القطب.
(3) في نسخة وكذا مقدم أولاد رجم وأولاد لخلوف وفي أخرى أولاد خلوف وفي أخرى بإسقاط أولاد مخلوف.
(4) في نسخة فمهما طاعت أحدى الوائف إلا خربت الأخرى.
(5) في ثلاث نسخ تتفجر.
يوم واحد وفيهم أهل الخير من العامة والخاصة لا ينقطعون وقد أدركت أفاضل وصلحاء منهم أولاد العريب وولد (1) الشيخ سيدي محمد بن إبراهيم والولي الصالح سيدي عبد الله بن صوشة وإخوانه وهو حي إلى الآن وأولاد سيدي الطيب بن صوشة وأهله وأولاده سيدي علي بن خلف الله وأولاد سيدي أبي الفضل النحوي والشرفاء من أنور والشيخ احليتم شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرى الشيخ عبد القادر مرارا وانه ولي من أولياء الله وأولاده وإخوانه وأولاد سيدي غانم.
فمنهم سيدي ابن (2) المقندوز وأولاده سيدي محمد وسيدي أحمد ما رأيت مثلهما أصلا سيما الكبير فقد فاق أهل زماننا وعلى نمطه ابنه سيدي محمد وإخوانهم وأولاد سيدي عبد القادر كلهم والحمد لله على خير وأولاد سيدي عمر كذلك وسيدي عمر أهل وطنه زادوا فيه هيبة وإجلالا لأولاد سيدي رحاب السابقين فقد سمعت ابن زيان انه قال رأى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الأشراف من فقال أولاد رحاب وما شابهم وكذا المرابطون من جبل بو طالب أهل خير وأولاد سيدي عمر وغيرهم نفعنا الله بهم.
وكذا سيدي مبارك بن عمار وسيدي محمد بن بو خالفة وغيرهم نفعنا الله بهم وأفاض علينا وعلى أولادنا من بركاتهم آمين وأولاد سيدي رحاب تزوجت بنتهم ثم ظعنا من عندهم والركب سابق إلى مدوكال (3) فتبعناه وسيدي عبد الله بن رحاب ذهب معنا إلى الحج وذهبت بعيالي بنته وبنت سيدي السعد نجل الشيخ سيدي
__________________
(1) في نسخة أولاد.
(2) في نسختين بإسقاط ابن.
(3) في نسخة دكال وفي أخرى مدوكال.
المسعود بن عبد الرحمن وزوج ابني محمد بنت سيدي عبد الله أيضا.
فنزلنا قرب بريكة (1) وهي أرض طيبة وفيها نهر جار مثل النيل (2) وهي لسيدي محمد الحاج يتقاتل (3) عليها أولاد دراج بينهم أزال الله ظلمهم وأهلك من أرادها منهم من غير رضى أولاد الشيخ وصبيحة تلك الليلة ظعنا إلى أن وصلنا قرية مدوكال التي أمير الركب منها وهو الفقيه المحب الفاضل الكامل سيدي محمد المسعود نجل الشيخ سيدي الموهوب أسعده الله وجعل البركة في أولاده وقرية مدوكال فيها نخل ولم يكن من بلادنا نخل إلا فيها ثم كذلك إلى الزاب وهي قرية كبيرة فيها جمعة وعين عظيمة عند رأس البلد وفيها تضع العرب أثقالها وهم قد طغوا عليها سيما أولاد دراج إلا أن بركة سيدي محمد الحاج والسيد الحاج بودابة وأشياخهما ظاهرة تنوب عليهم وطريقة أولاد سيدي محمد الحاج ربانية لا يشك فيها أحد فلا يشوبها شوائب الملك أصلا خصوصا أسلافهم حسبما أخبروا عنهم وكذا هؤلاء الأواخر ومدة بقاء الحاج فيها يشترون الرواحل ، متعنا الله برؤيته صلى الله عليه وسلم بجاه الأوائل ، فلما استقربهم الحال اجتمعت فيه أفاضل ، فيحق في ذلك ذكرهم في الفضل وبالجملة فهذه القرية طيبة وأهلها فيهم الصلاح كما رأيت بعض المرابطين كامام مسجد الشيخ وبعض أولاده وبعض الطلبة وأما أكثرهم فقد فسقوا فيها بالسرقة والتعدي والمشي بالنميمة بين أكابرهم حتى نزل بهم ما نزل وقد صار البغض العظيم بينهم والله يقول وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليهم القول وقطعوا صلة ما أمر الله به أن يوصل من صلة الرحم أن لا الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم أصلح الله حالهم وأزال العداوة بينهم ورزقهم
__________________
(1) في نسخة باركة وفي أخرى باريكة.
(2) في ثلاث نسخ مثل الشام.
(3) في جميع النسخ يتقاتلون.
المودة والرحمة بينهم بمنه وكرمه هذا وإني وعظتهم وأمرتهم بما يكون فيه خيرهم نعم هم أفضل من غيرهم فإنهم كالماء يجوّز اللقمة إذا غصت وأما الماء إذا غص فما المجوز له لكن ببركة أسلافهم يهديهم الله ويعينهم على طريقة أسلافهم ومحلهم محل خير وعلم وحلم وفضل اللهم أجعله كذلك إلى قيام الساعة ولا تبدله بالضد إذ أكثر المواضع كذلك أحيي الله قلوبنا وقلوبهم ورحم ضعيفا وضعيفهم آمين وأكرم الشيخ الركب ليلة واحدة وأما أنا وبعض أصحابي وسيدي أحمد الطيب فقد أكرمنا كثيرا والحمد لله.
ثم ظعنا منها إلى مدينة بسكرة ذاهبين فبتنا في الطريق ليلة واحدة وصبيحتها ظعنا ووصلنا عند الضحى غير انه عاق الناس الماء فلا يجدون سبيلا إلى الخروج إلا بتعسف فطال بنا ذلك إلى الظهر إلا القليل أخذوا الطريق من بدء الوادي فلما قطعنا الوادي نزلنا حافين بالنهر وهذه البلدة أعني بسكرة كثيرة المياه بين خلال البيوت فكل باب عنده ساقية من الماء تجري من ماء حلو كالعسل ونخلها عظيم وغلتها كثيرة أيضا أي زرعها وكذا الفواكه خصوصا الزيتون فانه كثير جدا وهذه المدينة كانت قاهرة عظيمة البنيان والجامع الأعظم يدل على ذلك فانه لا نظير له وصومعته ما أحسنها وما أوسعها غير أن القديمة أي المدينة قد خربت وصارت دكا وسبب ذلك فتنة بينهم فادخلوا الترك فأهلكوها حتى بقي القليل منها حاصله أن الناس قد خرجوا إلى البساتين فبنوا هناك من ذلك العهد إلى الآن ثم نزل عليهم الوباء فلم يبق فيها إلا حثالة من الناس وفيها برجان للترك عامران أحدهما في البلد والآخر خارجها وبالجملة فهذه أوصافها الحسنة التي لا تحصى وقد اجتمعت فيها مع الأفاضل كالفقيه الفاضل سيدي محمد بن الجودي وسيدي محمد الشريف والقاضي والمفتي وكذا بعض شهود العدالة والطالب الفاضل سيدي مصطفى وسيدي بركات وغيرهم من العامة والخاصة وقد أخذ كثير منهم العهد عنا ولقيت أيضا فيها
قبل الفاضل الصادق في الجد المقتفي للسنة النبوية (1) نفعنا الله به آمين.
وأما الموتى ففيها العجب العجاب نفعنا اله بهم وجعلنا في زمرتهم بمنه وكرمه وهو من العارفين وقد زرت قبر الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري وله تآليف كثيرة مفيدة وهو من العارفين بالله تعالى ومن تآليفه السلّم في النطق أنعكف الناس عليه شرقا وغربا سيما في مصر فمنهم من حشى ومنهم من فرر وطرر وقد شرحه رحمه الله وألف الجوهر المكنون في البيان لخص فيه التلخيص وشرحه وقد أقبل الناس عليه أيضا في مغربنا ونظم قصائد عديدة في التصوف أعظمها القدسية وقد شرحها والحمد لله وله قصيدة في علم الفلك سماها السراج وشرحه والدرة البيضاء في علم الفرائض والحساب نظما فهي في غاية الحسن وهو من القرن العاشر كما أخبر بذلك وزرت قبر النبي سيدي عبد الرحمن انه نبي رسول وكذا حكى فيه الخلاف الخفاجي شارح الشفاء بان قال على القول برسالته فانه أرسل إلى جبل أوراس (2) وكانت معجزته نارا وقد سمعنا أن الشيخ سيدي عبد الرحمن هو الذي أظهره بالتربيع وكذا زرت سيدي محمد بن يحيى وإخوانه وولده ومحله محل العلم والفضل والكرم والجود إذ هم ظاهرون عند الخاصة والعامة مشتغلون بتدريس الفقه نفعوا وانتفعوا نفعنا الله بهم.
وفيهم أيضا سيدي البار فانه فقيه فاضل وهم أشراف وهو ليس منهم والحمد لله وقد لقيت الزاهد على الإطلاق ، المتجرد للعبادة باتفاق ، كأنه من الموتى سيدي المبروك نفعنا به وبأمثاله.
__________________
(1) بياض في جميع النسخ.
(2) في ثلاث نسخ الرس.
والزاب والحمد لله عامر بالخير والفضل وذلك في العامة والخاصة وإن كثر الفساد والعصيان والظلم وعم وانتشر غير أن بعض الأوطان ينعدم فيه الخير رأسا وبعضهم فيه الشر الكثير مع وجود الخير من بعض الأفراد وقد دخلت.
طولقة وهم أهل الجود والفضل أطال الله سعدهم خصوصا أولاد بوزيان فقد عم فضلهم الخلق فان لم يصبهم وابلهم فطل أحسن الله إليهم بمنه وكرمه ولكن هذا الوطن أعني الزاب منوط ببلدة بسكرة وهي الكافية بالجميع قلت قال شيخ شيوخنا سيدي أحمد ابن ناصر ما نصه بعد ذكره كلاما يخصه وزرنا مسجدا وطلعنا إلى مآذنته وهي في غاية الإتقان والطول والسعة تقدر الدابة على الصعود إليها بحملها وإدراجها مائة وأربع وعشرون درجة والمسجد في غاية السعة وإتقان البناء إلا أنه قل عامروه وضعف ساكنوه فلا ترى فيهم مدرسا ولا فقيها ولا قارئا مع أن هذه المدينة من أعجب المدن وأجمعها لمنافع كثيرة مع توفر أسباب العمر ان فيها قد جمعت من التل والصحراء ذات نخيل كثيرة وزرع كثيف وزيتون ناعم وكتان جيد وماء جار في نواحيها وارحاء متعددة تطحن بالماء ومزارع حناء إلى غير ذلك من الفواكه والخضر والبقول وكثرة اللحم والسمن فى أسواقها. وبالجملة كما قال الإمام العياشي في رحلته ما رأيت في البلاد التي سلكتها شرقا وغربا أحسن منها ولا أحصل ولا أجمع لأسباب المعاش إلا أنها ابتليت بتخالف الترك عليها وعساكر العرب فيستولي عليها هؤلاء تارة وهؤلاء تارة إلى أن بنى الترك حصنا حصينا على رأس العين التي يأتي الماء منها إلى بسكرة فملكوا البلد (1) وأضروا بأهلها واجحفوا بهم في الخراج ولم يقدروا على الخروج عليهم لتمكنهم (2) من الماء الذي به حياة البلد وأهله اجتمعت عليها غارات العرب من خارج وظلم الأتراك من داخل وقد أشرفت على الخراب
__________________
(1) في نسخة الرحلة الناصرية فتمكنوا بالبلد.
(2) في الرحلة الناصرين لتمكينهم.
وقاربت أن تكون فقراء يبابا لو لا ما تماثل من أسباب عمرانها الموجبة لرغبة الناس في سكناها قال ولقد لقيت بها سنة تسع وخمسين رجلا من الصالحين ممن جمع بين العلم والعمل به الزهد والورع وصدق التوجه إلى الله تعالى واسمه سيدي أبو طيب الناصري لم ترعيني قبله ولا بعده أمثل منه في هديه وسمته تخشع القلوب لوعظه وتلين لكلامه ولو كانت أقسى من الحجر قال ولما رجعت من الحجاز في سنة الستين وجدته قد توفي بالوباء الواقع في تلك السنة وكان وباء مفرطا مات به بسكرة على ما قيل لنا نحو سبعين ألف نفس وقد دخلنا المدينة عقبه فوجدنا أكثر حوماتها خالية ومساجدها داثرة ولقيت بهذه المدينة سيدي محمد الصالح وهو رجل من أهل الخير منفرد في مسجد له بازاء داره يلازم فيه الصلوات الخمس ويجتمع إليه أناس من أصحابه يذكرهم ويعلمهم قال وخرج إلينا أيضا من فقهاء البلد سيدي عبد الواحد الرماني وهو أيضا رجل من أهل الخير غلبت عليه الديانة والانقطاع عن الخلق وقرأ علي أول صحيح البخاري برواية أبي ذر وذهب معنا إلى زيارة سيدي أبي الفضل وصلينا العصر في مسجد سيدي أبي الفضل وفي الغد يوم الخميس ارتحلنا ودخلنا البلد ثانيا لزيارة سيدي محمد بن (1) علي فوجدناه على سطح دار يشرف على الطريق ولم ينزل إلينا وقرأ لنا الفاتحة من هناك ونحن بالطريق ودعا لنا وهو رجل من أهل الأحوال الصالحة مغلوب عليه في أكثر أوقاته تؤثر عنه كرامات قال ولقد لقيته بداره سنة خمس وستين وهو في مرمة له في داره يعمل بها بيده يسنج الثياب وأخبرنا أن فوقه من كسب يده وأخبرنا بحاله ومبدأ أمره مع شيخه وقد انتشر صيته في هذا الوقت بتلك البلاد وله أتباع وأصحاب يجتمعون إليه في أوقات السماع والذكر وسمعنا من بعض الحجاج ممن زاره بعد ذلك أنه قال لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أن النار لا تمس كل من رآك وزعموا أنه قال له ومن رأى من رآك
__________________
(1) وفيها أيضا أبي.
مراتب متعددة والله اعلم بحقيقة لك فان صح انه قال له فهو في الغالب لا يكذب إلا أن كلامهم يحتاج إلى تأويل ويبعد حمله على ظاهره وأن المراد مجرد الرؤية البصرية فان القواعد تأبى بقاءه على عمومه فانه يراه البر والفاجر والمصر على الكبائر والمفارق لها بل والجاهل الذي يتطرق إلى إيمانه الخلل لغلبة الجهل والآراء الفاسدة ولكثرتهم جدا يبعد موت جميعهم على التوبة النصوح الموجبة لغفران الذنوب كلها الموجبة للنجاة من النار إلا أن كلام أولياء الله لا ينبغي أن يرمى به جزافا فليحرص المرء جهده على لقائهم ورؤيتهم والتبرك بهم فعسى أن يصادف نفحة من نفحات الحق فيسعد بها دنيا وأخرى فإن لله عبادا إذا نظروا إلى أحد أغنوه ومع ذلك فلا يركن إلى ظواهر ما يجري على ألسنتهم كل الركون حتى يعتقد أن من رأى أحدهم ممن قال مثل ما تقدم قد أمن من النار فإن لكلامهم وجوها واحتمالات تدق على إفهام أكثر الخلق ممن لم يسكت طريقهم قال وأقرب ما يحمل عليه كلام المتقدم أن تحمل الرؤية على القلبية والمرأى على صورته الباطنة التي توجب العلم بما هو عليه من سنيّ الأحوال وسميّ الأوصاف ورفيع المقامات ولا شك أن من منح شهود ذلك وأشرف عليه فله نصيب وافر من التخلق بأخلاق الأولياء والورود من موارد الأصفياء وحينئذ يكون جديرا بأن لا تمسه النار وهذا من معنى ما اشتهر عن قطب الزمان مولاي عبد القادر الجيلاني أنه قال أخذت العهد من ربي أن لا يدخل أحد من أتباعي النار إلى يوم القيامة فيحمل على من اتبع طريقه لا على مجرد الانتساب باللسان قال ولو صح حمل الكلام المتقدم على ظاهره وعمومه لكان أولى بذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وكثير من رآهم رؤية بصرية لم يوفق للاهتداء بهديهم فحرم بركة رؤيتهم وكل مقام ناله ولي من أولياء الله فهو ميراث اتباعه لنبيه صلى الله عليه وسلم وما كان ميراثا لا يصح أن يكون شيئا لم يكن لموروثه بل يستحيل عند أرباب القلوب أن ينال ولي ولو ذرة من مقام أو حال لم تكن بكمالها
لمتبوعه ومعلوم أن هذه الحال لم تكن لأحد قط فلا بد من التأويل قال وما أطنبت في هذا إلا أني رأيت كثيرا من الجهلة يغتر بأمثال هذا ويحمله على ظاهره وإلا فإنا والحمد لله ممن يعتقد تنزيه ساحة الأئمة الصوفية عن الكذب والافتراء ويثق بأقوالهم ويصدق كراماتهم ويحمل ما أشكل على أحسن محامله ولا أطعن فيه بوجه وأسلم لهم فيما لم يتبين لي وجهه والمنة في ذلك لله وحده اه ـ كلامه ونقلته على طوله لحسنه في بابه وزرنا في تلك الحجة أولاد سيدي محمد الصالح وأخرج لنا ولده سيدي علي ترما ولبنا وأكل أصحابنا ما أرادوا منه وشربوا وزرنا أيضا سيدي قاسم وذكر لنا الأخ سيدي محمد بن عبد الواحد الرماني أن هذا السيد كان رجلا صالحا وكان أمير الركب في زمانه وسيدي عبد الواحد والد سيدي محمد المحدث عن صلاح هذا السيد كان من أصحاب والدنا رحم الله جميعهم وكان في حجتنا الأولى التي حججناها مع الوالد رحم الله جميعهم عام (1076) ستة وسبعين وألف في قيد الحياة وولده هذا هو الذي تقدم بنا لزيارة صالحي هذه البلدة وزرنا أيضا سيدي عبد الرحمن وسيدي أبا الفضل وسيدي محمد الموفق وسيدي الصحابي وسيدي محمد ابن أبي علي وسيدي عليا الأوراسي وأخبرنا سيدي محمد بن عبد الواحد أن أبا الفضل هذا هو تلميذ أبي الفضل النحوي وان أبا الفضل المذكور مدفون في بلد بينه وبين بسكرة يومان وراء الجبل رسالته عن البسكري الذي خشى على المرادي فذكر لنا أنه مدفون في الزاب.
وأما سيدي محمد بن أبي علي فذكر لي عمي سيدي حسين رحمه الله أنه قال كان حيا عام حج وانه لما وصل بسكرة ألح عليهم الأخ الحاج محمد بن عبد الملك السجلماسي أحد تلامذة الوالد رحمه الله والمقدم على الفقراء في بلده في زيارة السيد المذكور وتقديم الصدقة له بين أيديهم وطلب ضمانة الطريق وعادته لهم كما كان وقع ذلك مع بعض الحجاج فصار محفوظا في طريقه إلى أن وصل بلده ومنزله وكره العم

مخالفته ومشى مساعدا له مع عدم قصد ذلك وتقديم صدقة فزاروه وأطعمهم تمرا وماء وأقاموا عنده ساعة فلما جن الليل رأى أستاذه سيدي أحمد بن إبراهيم في عالم النوم فقال له زلقت وزللت يا صبي (1) قلت أنا البركة التي يشرب فيها الإنسان يواظبها ويقيم عليها ولا يكدرها ويطلب غيرها [فقال] اتحسب وتظن أنك لم تبلغ في تعبي ومشقتي والله لقد كنت تنام معوجا فأتيك حتى أقومك أتريد ملاقاة الشيخ الأعظم سيدي عبد الله فقلت نعم يا سيدي فذهب بي حتى لقيته فسلمنا عليه وقال لي سيدي أحمد أن حان وفاة أحدكم يعني في الطريق فإن لم أحضره فسيدي عبد الله بن الحسين يحضره لا محالة قال سيدي عمي المذكور ومات جماعة من فقراء الأستاذ في الطريق رحم الله الجميع اه ـ.
ولما دخلت مسجدها لم أجد فارقا ولا مدرسا سوى رجل واحد متى يقرأ لوحه وهو ملقى أمامه يقرأه على غير أدب ولا استقامة وأخبرني بعض أصحابنا انه وجد رجلا واحدا يسرد البخاري وحده ووقف عنده وقال له رح يا حاج ووجد آخر كذلك ولعمري أن هذا أدل دليل على الخراب وأقرب الأسباب له بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أراد الله عمارة قوم بدأ بما له فيهم وإذا أراد خرابهم بدأ بما له فيهم أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولقد بدأ الله هذه البلدة بخراب بيته ، فهو أقوى الدلائل على خراب البلد وموته ، ولقد مرضت من ذلك الأحشاء ، والله تعالى يفعل في ملكه ما يشاء ، ويعذب من يشاء ، ويرحم من يشاء ، ولقد وددنا عمارتها بالعلم والعمل ، ورفع الحرج عنها برفع ذوي الزيع والزلل ، وتدريس العلم وذكر الله آناء الليل وأطراف النهار في ذلك المسجد المشيد ، فإن لأهل هذه المدينة تاهلا لهذا كله ولاكن الله يفعل ما يريد.
__________________
(1) في جميع النسخ يا صاحبي إلا في الرحلة الناصرية.

وفي مثل ما وقع لنا من التحزن والتحسر ، والتألم والتضجر ، من قلة العلم وأهله ، في مواطن حسنة من محله ، يصدق قول العلامة الإمام الهمام أبي علي اليوسي من أجل أصحاب الوالد ، وممن ظهرت بركاته عليه في المصادر والموارد.
وأود لو كانت مجالس بينهم
 

يضحين في سبل الهداية معلما
 
وشجا الحشا أن لم أجد من عالم
 

يهدي الوراء بها ولا متعلما
 
وفي الاستبصار في أخبار الأمصار والزاب (1) كورة فيها مدن كثيرة وقاعدتها بسكرة وهي مدينة كبيرة كثيرة النخل والزيتون وأصناف الثمار وهي مدينة مسورة عليها خندق وبها جامع ومساجد وحمامات كثيرة وحواليها بساتين كثيرة وفيها غابة كبيرة مقدار ستة أميال فيها أجناس التمر منها جنس يعرف بالكسبة (2) وهو الصيحاني (3) يضرب به المثل لفضله على غيره وجنس يعرف بالبازي (4) أبيض أملس كان عبيد الله الشيعي يأمر عماله بالمنع من بيعه والتحريض عليه وبعث ما هنالك منه إليه وأجناس كثيرة يطول ذكرها لا يعدل بها وحول بسكرة رياض خارجة عن الخندق المذكور وبسكرة فيها علم كثير وأهلها على مذهب أهل المدينة ولها من الأبواب باب المقبرة وباب الحمام وباب ثالث يسكنه المولدون وداخل مدينة بسكرة آبار كثيرة عذبة منها في الجامع بئر لا ينزف وداخل المدينة جنات يدخل إليها الماء من النهر وبها جبل ملح يقطع منه صخور جليلة ومنها كان عبيد الله الشيعي وبنوه يستعملون في أطعمتهم وتعرف ببسكرة النخيل وشرب بسكرة من نهر كبير يجري في جوفها ينحدر من جبل أوراس وروي أن في الطريق إلى بسكرة جبلا يعرف بزينير
__________________
(1) في جميع النسخ بسكرة إلا في الرحلة الناصرية.
(2) في جميع النسخ بالكسبا ولعله هو المسمى الآن الإكسبّة.
(3) في نسخة الاستبصار المطبوعة الصيماني.
(4) وفيها أيضا اللياري بدل البازي.

وقيل زنفير في وسطه كهف فيه رجل قتيل يقدر انه مات منذ يومين لم يغيره مرّ الدهر ولا تقادم الأزمان تبص جراحه دما لا يشك أحد انه قتيل يومين وتخبر الكافة عن الكافة أنهم لا يعلمون متى قتل قدما وقد نقله أهل تلك النواحي ودفنوه بأفنيتهم ليتبركوا به ثم لم يلبثوا أن وجدوه في الكهف على حالته وحدث بذلك ثقات أهل تلك الناحية والله فعال لما يشاء وقال محمد بن يوسف في كتابه أن هذا القتيل في شق جبل بشرقي عين اوبان (1) وهذه العين بين مدينة قرطاجنة ومدينة سبتة (2) وذكر انه يظهر كما ذبح من يومه وأنه هناك من قبل فتوح افريقية ولم يذكر (3) من دفنه والله اعلم بأمره اه ـ كلامه.
__________________
(1) في جميع النسخ في شق جبل بشر وعن اوبان إلا في الرحلة الناصرية.
(2) في الرحلة الناصرية سبيبة.
(3) وفيها أيضا يذكروا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

بناء شخصية  الأطفال   ...