الخميس، 8 مارس 2018

كتاب  الرحلة الورثيلانية الموسومة بنزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار (الجزء الاول من الكتابة) 
كلمة للمصحح
الحمد لله الذي جعل الرحلة لبيته الحرام من قواعد الإسلام ، وأمر بالسفر في البرور والبحور ، فقال الله عز وجل (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ). وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال : «سافروا تصحوا وتغنموا». والصلاة والسلام على خير الأنام سيدنا ومولانا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه والذين جابوا البسيطة من المغرب الأقصى إلى بلاد الصين.
أما بعد فالرحلة الورثيلانية الموسومة بنزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار للإمام العلامة والأستاذ الفهامة الشريف النوراني الشيخ الحسين ابن محمد الورثيلاني نسبة إلى بني ورثيلان قبيلة قرب بجاية. أنفس تصنيف رصعت جواهره في وطن الجزائر. وأعلق تأليف اشتهر بين البوادي والحواضر ؛ لاشتماله على عوارف المعارف ، وظرائف الطرائف ، وأوابد العوائد ، وفرائد الفوائد ، ونسق كالأوصاف الكاملة ، وحل المسائل الشاكلة تارة راتعا في رياض الفقه والحديث والتوحيد ، وتارة واردا حياض التفسير والتاريخ والتجويد ، وآونة طامحا إلى التصوف والنصح والوعظ. باذلا في ذلك كله غاية الجهد والنكظ. فاصلا جمانه بمرجان الحكايات الأنيقة ، ومرصعا وشاحه بياقوت الأشعار الرفيقة وغير ذلك مما هناك. ولما كان هذا التأليف الحسن الترصيف مطمح الأنفس ، وغاية التأنس ، أمر سمو الوالي العام بطبعه ، لتعميم نفعه.
وقد اعتمدنا في التصحيح على أربع نسخ :
1 ـ نسخة مخطوطة بخطوط مغربية مختلفة مقابلة على نسخة منقولة من مسودة


المؤلف مجموع صفحاتها 642 في كل صفحة من 21 إلى 32 سطرا وكل 33 كراسة غير مخيطة متخللة بأوراق مورقة طولها 271 مليمترا في عرض 210 مليمترا.
2 ـ نسخة مخطوطة بخطوط مغربية غالبها جميل مقابلة كالتي قبلها على مسودة المؤلف مجموع أوراقها 253 في كل صفحة 21 سطرا و 31 كراسة غير مخيطة متخللة أيضا بأوراق مورقة طولها 207 مليمتر في عرض 190 مليمترا وهي أصح النسخ وأقل بياضا.
3 ـ نسخة مخطوطة بخطوط مغربية غالبها غير جيد مؤرخة بيوم الجمعة الفاتح لشهر شعبان عام ألف وثلاثمائة وثلاثة عشر (1313) مجموع صفحاتها 640 في 37 كراسة غير مخيطة متخللة بأوراق مورقة في كل صفحة 20 سطرا وطولها 265 مليمترا في عرض 195 مليمترا.
4 ـ نسخة مطبوعة على الحجر في حاضرة تونس سنة 1321 بتصحيح الشيخ علي الشنوفي والشيخ الأمين الجريدي وهذه النسخة مشتملة على ثلاثة أجزاء في الأول 250 صفحة وفي الثاني 214 صفحة وفي الثالث 260 صفحة غير أنه يمكن أن تعتبر نسخة مخطوطة بخط مغربي كاد لا يقرأ في بعض المواضع لانطماس الحروف وتعثر القلم والتمجمج أو تفشي المداد وزيادة على ذلك لم ينبه في غير موضع عن البياض الموجود في الأصل.
هذا وقد بذلنا في التصحيح غاية الجهد مع أننا معترفون بأننا لم نبلغ منزلة تسمو عن النقد. ولا سيما كون الأصول التي راجعناها عند الطبع مختلفة الروايات مضطربة العبارات. وقد تعذر علينا كثيرا إصلاح التصحيف والتحريف بعد مراجعة عدة من التآليف. وما العصمة والكمال إلا لذي القدر والجلال.
محمد ابن أبي شنب


ترجمة المصنف
الحمد لله وجد مكتوبا في آخر صحيفة من رحلة الشيخ البركة سيدي الحسين الورثيلاني ما نصه :
يقول زابر هذه الأسطر الفقير إلى الله القدير ، عبد القادر بن محمد الصغير ، وفقه الله لما يحبه ويرضاه ، اعلم أيها الواقف أن مؤلف هذه الرحلة وجامعها هو مولانا وقدوتنا إلى الله تعالى المحقق الكامل ، العالم العامل ، العارف بالله تعالى أمام المحققين والمريدين ، ذو الرتبة الإلهية والعلوم الربانية ، والمنح الرحمانية ، المقتفي لكتاب الله تعالى والسنة المحمدية ، وهو الولي الصالح ، والعالم الرباني ، سيدي الحسين بن محمد السعيد الشريف الورثيلاني ، رحمه الله تعالى ونفعنا به كان إماما محققا بارعا في العلوم وتقفه حتى وصل الغاية في مذهب المالكية ، ولا سيما قد فتح الله عليه بالافتتاحات الربانية ، وله تصانيف عديدة ، وتآليف مفيدة.
منها شرحه على القدسية للإمام المحقق ، والفهامة المدقق ، سيدي عبد الرحمن الأخضري وهو شرح حسن إذ لم نعلم لها شرحا غيره.
ومنها شرحه على وسطى الإمام السنوسي.
ومنها شرحه أيضا على محصل المقاصد للإمام أبي العباس أحمد بن زكري التلمساني غير انه مات فيه قبل تمامه.
وشرح أيضا خطبة شرح الصغرى للسنوسي.
وله حاشية جليلة على حاشية المحقق السكتاني التي وضعها على شرح السنوسي.


وقد وضع رسالة عجيبة على قول بعض الأولياء وقفت على ساحل وقفت الأنبياء دونه لعله أبو الحسن الشاذلي والله اعلم.
وله رسالة أخرى في بعض قول الأولياء نسجت برنسا من ماء وغطيت به من الأرض إلى السماء الخ.
ورأيت له حاشية على صغير الخرشي مزبورة على هوامش الشرح.
وقد شطر البردة.
والقصيدة التي للبوصيري أولها «يا رب صل على المختار من مضر» تشطيرا عجيبا بحيث لا تفرق بينه وبين الكلام الأصلي وغير ذلك من القصائد والتآليف والتقارير مما يطول تتبعه.
ولد رحمه الله تعالى على ما أخبرني به أبي عام خمسة وعشرين من الثاني عشر (1125) وتوفي على ما ذكره لي بعض تلاميذه في شهر رمضان عام ثلاثة وتسعين من القرن (1193) وبعضهم قال عام أربعة وتسعين فعلى هذا عاش المؤلف ثماني وستين أو تسعا وستين سنة انتهى.
هذا وقد ترجمه أيضا العلامة المحقق والفهامة المدقق الشيخ أبو القاسم محمد الحفناوي في القسم الثاني من كتابه الموسوم بتعريف الخلف برجال السلف المطبوع بالجزائر فقال هو الإمام العالم العامل العلامة الكامل الأستاذ الهمام شيخ مشايخ الإسلام الورع الزاهد الصالح العابد المتبع لأثر الرسول الجامع بين المعقول والمنقول بحر الحقائق وكنز الدقائق مفيد الطالبين ومربي السالكين وقدوة العلماء العاملين وبقية السلف الصالحين محيي السنة والطاعن في نحور مخالفيها بالأسنة نادرة الزمان


وبركة المسلمين في كل عصر وأوان الجامع بين العلمين والكامل في النسبتين حامل لواء الشريعة والحقيقة ومعدن السلوك والطريقة ذو التأليف المفيدة والتصانيف العديدة العالم الرباني والقطب الصمداني والشريف النوراني الشيخ سيدي الحسين الورثيلاني نسبة إلى بني ورثيلان قبيلة بالمغرب الأوسط قرب بجاية التابعة للجزائر كان رحمه الله مجاب الدعوة شديد السطوة لا تأخذه في الله لومة لائم ليله قائم ونهاره صائم.
تراه يصلي ليله ونهاره
 

يظل كثير الذكر لله سائحا
 
متعلقا برب الأرباب متوكلا على الكريم الوهاب قد استوى عنده الذهب والتراب فهو ممن ترك الجيفة للكلاب ورأى المصطفى في المنام فاحتضنه فأول ذلك بزهده في الدنيا والحطام ظهرت على يده الكرامات وخوارق العادات وشهد له أهل الصدق بالولاية الكبرى والمكاشفات ونصر الله به الدين وقطع به دابر الملحدين ولم يزل متضرعا لله في السر والنجوى يصدع بالحق ويقيم السنة صادق اللهجة واضح المحجة مستقيم الحجة قصد بيت الله مرارا وحجه طاهر الجنان رطب اللسان ناشط الأعضاء في العبادة والأركان.
حلف الزمان ليأتين بمثله
 

حنثت يمينك يا زمان فكفر
 
كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ومناما رآه أكثر من ثلاثمائة مرة وفي بعضها قال له عند تعلقه به :
تضلع من علم الشريعة بعد ما
 

تضلع من علم الحقيقة (1) وتدرعا
 
أخذ العلم عن والده وأشياخ وطنه ثم رحل إلى المشرق فحج واجتمع بالخضر
__________________
(1) هكذا بالأصل.


عليه السلام بمكة المشرفة واجتمع بالشيخ الهماق (1) صاحب الطريقة المشهورة بالمدينة المنورة ودخل مصر القاهرة فوجدها طافحة بالعلم والعلماء نيرة زاهرة فركع واستفاد واخذ العلوم العالية عن أولائك كالأسود والأسياد فممن أخذ عنه الصعيدي والحفناوي والجوهري والنفراوي والعفيفي والسيد البليدي والملوي والصباغ والعمروسي وخليل الأزهري وعمر الطحاوي والزياتي والأشبيلي وأبي القاسم الربيعي والهاشمي وابن شعيب الكردي والفيومي وأجازوه في العلمين ثم رجع من المشرق بعد أن امتلاء وطابه وفاض عبابه بعلم وأفاد وألف وأجاد ودعا إلى الله العباد وقهر الجهلة أهل التعصب والعناد فمن تأليفه الرحلة السنية التي سارت بها الركبان وقد دعا لناسخها ومالكها وناظرها فهي حصن حصين ودرع متين ومنها شرحه على المنظومة القدسية للشيخ عبد الرحمن الأخضري في التصوف وحاشية على الكستاني وكتاب المرادي وقصيدة فيها خمسمائة بيت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم كالهمزية لكنها ميمية وشرح على خطبة الصغري ورسالة جوابا على قول بعضهم خضت بحرا وقفت الأنبياء بساحله ورسالة في حل اللغز الذي أرسله سيدي أحمد بن يوسف الملياني إلى علماء فاس فعجزوا عنه وأما وفاته رحمه الله فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه يعيش إلى السنة العاشرة من القرن الثالث عشر فتكون وفاته كما أخبر به الصادق المصدوق لأنه لا ينطق عن الهوى ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق ومن رآه فقد رأى الحق كما في صحيح البخاري اه.
__________________
(1) هكذا بالأصل.


نزهة الأنظار
في
فضل علم التاريخ والأخبار
المشهور بالرحلة الورثيلانية
للشيخ العالم الرباني والشريف النوراني
سيدي الحسين بن محمد الورثيلاني
قدّس سرّه
آمين



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
قال الشيخ الفقيه العالم الورع الزاهد شيخ الشريعة والحقيقة ، وإمام أهل الطريقة ، العالم الرباني ، والفقيه النوراني ، سيدي الحسين بن محمد السعيد الشريف الورثيلاني (1) رحمه الله تعالى ورضي عنه وأعاد علينا من بركاته وأفاض علينا من بحر أسراره وأنواره بمنه أمين.
الحمد لله الذي خلق الإنسان (2) أطوارا ، وجعل الشمس والقمر والنجوم أنوارا ، وسيرها من كون إلى كون بحيث تقطع أبراجا ليلا ونهارا ، فيا عجبا من رحلتها بسوق الأملاك إياها فهي أية النهار حقا مشهورا. خلق الإنسان (3) من نطفة أمشاج ليبتلي وجعل سمعيا بصيرا ، فبهدي إلى السبيل أما شاكرا وأما كفورا ، ثم كالأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ، عينا يشرب بها المقربون أعني زمزم وذات المحبوب يفجرونها بالشوق (4) تفجيرا ، نعم يوفون بما به كلفوا من المناسك وما به عرفوا من الحقائق تذكرا وتذكيرا ، يسمى (5) العهد القديم والنذورا ، ويخافون يوما كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام في البر والبحر على حبه والرغبة فيه لقلته وغلائه جائعا وضريرا ، بحب وشوق وعشق في الله ونبيه ورضاهما لا يريدون جزاء ولا شكورا ، فوقاهم الله شر ذلك اليوم بسعيهم سعيا مقبولا مشكورا ، وتجارة لن تبورا ، ليوفيهم الله تعالى أجورهم ويزيدهم من فضله النظر إلى وجهه وقد حجوا
__________________
(1) في جميع النسخ الورتلاني.
(2) في نسختين للإنسان.
(3) في نسختين بإسقاط الإنسان.
(4) في نسخة بإسقاط بالشوق.
(5) في ثلاث نسخ سيما.


حجا مبرورا ، ولقاهم أيضا نظرة ورحمة وعزا ورفعة ومعرفة وزهدا وبصيرة وسرورا ، وجزاهم أيضا بما صبروا لتعب السفر ومشقته حرا وبردا وسقما (1) جنة وحريرا ، فلا يرون في ظل العرش عذابا أصلا ولا شمسا أيضا ولا زمهريرا ، فما أحسنها من رحلة وظعن من الخلق إلى الخلق وان إلى ربك المنتهى وسواه لم يكن شيئا مذكورا ، فسبحان من وفق (2) وخذل آخرين مع استوائهم في البشريات ألا له الخلق والأمر تبارك الله يقول للشيء أخسا فيكون مذموما مدحورا ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سرمدا دائما بكرة وأصيلا ليلا ونهارا ، وعلى آله وأصحابه أجمعين صلاة نحوز بها غدا حجابا عظيما من شر كل ذي شر مع لواء الحمد في حضرة القدس منشورا ، وذلك مع الأباء والأمهات والأزواج والذرية والأحبة وفي جنة الفردوس تكون قصورا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نشأت من صميم القلب وخلوص الاعتقاد خالية من الأمتراء تكون لنا يوم القيامة فوزا ونورا ، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله ونبيه وقريبه صلى الله عليه وسلم إذ كان مؤيدا منصورا.
وبعد فأني لما تعلق قلبي بتلك الرسوم والآثار ، والرباع (3) والقفار والديار ، والمعاطن والمياه والبساتين والأرياق والقرى والمزارع والأمصار ، والعلماء والفضلاء والنجباء والأدباء من كل مكان من الفقهاء والمحدثين والمفسرين الأخيار ، والأشياخ العارفين والأخوان والمحبين المحبوبين من المجاذيب المقربين والأبرار ، من المشرق إلى المغرب سيما أهل الصحو والمحو إذ ليس لهم من غير الله فرار ، أنشأت رحلة عظيمة يستعظمها البادي ، ويستحسنها الشادي ، فإنها تزهو
__________________
(1) في نسخة بإسقاط وسقما.
(2) في نسخة وفي.
(3) في نسختين والربع.


بمحاسنها عن كثير من كتب الأخبار مبينا فيها بعض الأحكام الغريبة والحكايات المستحسنة والغرائب العجيبة وبعض الأحكام الشرعية مع ما فيها من التصوف مما فتح به علي أو منقولا من الكتب المعتبرة سيما وان اعتمادي في ذلك على رحلة شيخنا وقدوتنا ومن على الله ثم عليه اعتمادنا سيدي أحمد بن [محمد بن] ناصر [الدرعي الجعفري (1)] هذا وأني أنقل أيضا من بعض كتب التاريخ كنبذة (2) المحتاجة في ذكر ملوك صنهاجة ومختصر الجمان في أخبار أهل الزمان (3) وكذا حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة وغيرهما (4) مما يناسب المحل جعله الله خالصا لوجهه وعملا متقبلا بين يديه وحصنا حصينا من كل بلاء دينا ودنيا لمؤلفه وناسخه ومالكه وناظره أمين يا رب العالمين وكذا قلت وعلى الله اعتمدت.
اعلم أيها الأخ لما أراد الله المشي منا إلى الحج وقد سبق في علم الله أن يكون حجنا في عام تسعة وتسعين ومائة وألف (1179) مع إجابة وتلبية للخليل عليه السلام حين قال له الله تعالى وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر من كل فج عميق الآية حدث لنا العزم بإذن الله تعالى.
وسببه أن الفاضل العالم الكامل الصالح أخانا في الله والمحب من أجله سيدي أحمد الطيب الزواوي نجل الولي الصالح سيدي محمد السعدي من بني العزيز من وطن بني منجلات قدم إلينا زائرا وواقفا علينا وطالع أحوالنا لعل الله يفرج ما بنا من الفتنة مع بعض المخذولين الخارجين عن طاعة الله ورسوله في الأحكام الشرعية بعد إعطاء البيعة والأذعان في جميع الأحكام الشرعية ونبذ العوائد الردية والبدع
__________________
(1) طبعت هذه الرحلة في فاس بغير ذكر السنة.
(2) كذا في جميع النسخ.
(3) لعله كتاب الجمان في مختصر أخبار الزمان.
(4) كذا في جميع النسخ.


الشنيعة كقطع الميراث وأكل أموال الناس بالباطل وأموال اليتامى ولين الجانب كالأرامل فلما وصل إلينا فرج الله عنا ذلك بعد أن وقع النصر من الله العزيز لقوله تعالى : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) ولقوله تعالى : (تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ) فيوقع الصلح بين الفريقين وأظهروا التوبة والذل والمسكنة والندم بعد أن كانوا ممتنعين منها ظاهرا وباطنا الفضل لله تعالى والشكر له جل جلاله.
فلما كان ذات ليلة من الليالي إذ (1) اجتمع سيدي أحمد الطيب مع أخينا في الله سيدي أحمد بن حمود (2) وسيدي مهنّا وكلهم ذوو الفضل والعلم والصلاح في دارنا فأخذوا في حديث الانتقال من الوطن فتوقى بهم الكلام إلى التحدث على الحج سنة إذ مع أننا سمعنا أن الشيخ الفاضل الكامل شيخ الركب سيدي محمد المسعود نجل الشيخ البركة سيدي الموهوب نجل الشيخ الولي الصالح والبدر الواضع سيدي محمد الحاج قد ضرب طنبله (3) في المدينة المحروسة الجزائر على عادة الأمراء في ذلك نعم كنا تواعدنا معه قبل على السفر جميعا وفق الله الكل إلى صالح القول والعمل وذلك عام مشينا لزيارة النبي سيدي خالد عليه السلام على القول بنبوته وقد شهر غير واحد من المتأخرين رسالته بجبل الرس (4) الملقب الآن أوراس وكانت معجزته نارا (5) وكانت رسالته قبل رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بمدة قريبة إلا أن رسالته صلى الله عليه وسلم نسخت جميع الرسائل والشرائع إلا ما بقي (6) عن كونه لم ينسخ والذي شهر رسالته صاحب التآليف المشهورة والتصانيف المذكورة المنتفع
__________________
(1) إذا.
(2) في نسخة حمودي.
(3) في نسخة طنبه.
(4) في نسختين الرص.
(5) في نسختين نار.
(6) في نسخة بإسقاط عن.


بها غربا وشرقا وجوفا وقبلة سيما بمحروسة مصر في الجامع الأزهر إذ قد اقبلوا على تلك التآليف إقبالا كليا تدريسا وبحثا وشرحا وتعليقا بالحواشي وتطريرا سيدي عبد الرحمن الأخضري نفعنا الله ببركاته وأفاض علينا من بحر أنواره رضي الله عنه وأنا سمعنا أنه هو الذي أظهر قبره بعلم التربيع وهو مقام عظيم والوفود تأتيه من المشرق والمغرب للزيارة وأما على قول بولايته فواضح لأن قبور الأولياء لا تكاد أن تخفى وكذا نص على رسالته الخفاجي على الشفاء فما أحسنها من زيارة وقد اجتمع فيها أكابر الفضلاء وأعظم الصلحاء وتلاقينا في تلك الزيارة مع أفاضل الزاب ونجبائه ولا شك أن أكثرهم مجاب الدعوة كالشيخ الفاضل الفقيه المدرس في مسائل المختصر للشيخ خليل بشرح القدوة صاحب الأنوار الشيخ التنائي مع حاشية الشيخ مصطفى سيدي محمد الشريف من بني جلّال وأهله من الأشراف والسيد عبد الباقي والفضلاء من الطلبة والفقيه الأديب سيدي عبد الباري واجتمعنا أيضا بالزاهد في الدنيا المتخلي عنها رأسا سيدي المبروك وسيدي المبروك هو تلميذ الولي الصالح الورع الزاهد سيدي أحمد بن باباس (1) ونجليه سيدي المحفوظ وسيدي الطيب وسيدي المحفوظ كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويرى الله تعالى أيضا حسبما تراه في مرائيه وكان أخا لنا (2) نفعنا الله ببركاته أمين.
وقد كان سيدي المبروك رضي الله عنه حينئذ متبتلا منقطعا للعبادة وقد رأيته رضي الله تعالى عنه كأنه خارج من قبره تعلوه صفرة وقد ظهر أثر التراب على وجهه فبتنا عنده في قريته وتكرم علينا غاية ودعا لنا ولإخواننا ومن تعلق بنا فلما أردنا الانفصال صبيحة تلك الليلة ذهب عائدا لزيارته سيدي أحمد الطيب وكثير من الناس فلم أذهب أنا معهم قصدا مني أن لا أمنعه من العبادة في تلك العودة وما
__________________
(1) بباس.
(2) خالنا.


حصل لنا قبل كأبي وذلك شأني مع كل مشتغل بالله تعالى فأن كنت بطاه فلا أعوق الغير عما يعنيه.
وقد دخلنا طولقة فاجتمعنا بها أيضا مع أهل الفضل والعلم وزرنا أيضا الشيخ المذكور والولي المشهور سيدي عبد الرحمن الأخضري في قريته المشهورة فلما وصلته وجدته كأنه حي في قبره وذقت (1) منه أمرا عظيما يكاد الجاهل أن يحيله وقد زرت والحمد لله النبي سيدي خالدا مرة أخرى قبلها مع الجم الغفير والجمع الكثير نحو الألف وفيه من الأفاضل ما لا يحصى كالسيد الفاضل الشيخ سيدي علي بن المبارك نجل سيدي علي الطيار وفي ذلك السفر زرت الشيخ الغوث أبا جملين في المسيلة أفاض الله علينا من بركاتهم وأعاد علينا من أنوارهم.
هذا وأن العهد مع سيدي محمد المسعود موثوق (2) فعقد الجميع النية وعزموا على الحج جزما وكان عزمي بعزمهم غير أن عزمي لم يتفّو (3) ذلك العام إلا إذا ذهبوا فاذهب معهم قطعا إن شاء الله تعالى وبعد ذلك أظهر الجميع عزمه إلى الحج وأنا أقول عزمي على عزمهم فأعان الله الكل فحجوا وقضوا مناسكهم حال الحياة تقبل الله من الجميع.
نعم علامة القبول موجودة ودلائل الخير حاصلة إن شاء الله تعالى وكيف لا إذ لم يسافروا إلا حبا في الله ولله ومن الله (4) وشوقا في رسوله صلى الله عليه وسلم
__________________
(1) تقت.
(2) بإسقاط موثوق.
(3) لم يتفق.
(4) بإسقاط ولله ومن الله.


ودلائل الخير (1) لا يمكن فشوها كان ذلك في الكعبة وعند المواجهة علمها بعض الفضلاء وقد شاهدنا (2) ما لا يصح تخلفه بفضل الله تعالى وناهيك بزيارتهم وحبهم والأخذ منهم وإلا فالمحروم شقي ومن لم يحسن الظن غبي.
وبالجملة فلما سمع الناس من عمالة الجزائر بحج هؤلاء الفضلاء ونخبة العلماء حركهم ذلك إلى شد الرحال إلى بيت الله الحرام من كل بلد ووقع الضجيج من عامة المسلمين ومن خاصتهم وذلك من الحاضرة والبادية حتى ذهب جميعهم بنسائهم وأولادهم.
نعم زاد عزمي وقويت (3) همتي للمشي غير أنه عارضني أمر أوجب السفر مع الأخ في الله سيدي أحمد الطيب إلى ناحية زواوة وقرية تدلس [دلّس] لزيارة الشيخ الولي الصالح سيدي أحمد بن عمر إذ سمعت به في صباي أنه من أهل التصريف وقد أخبرني بذلك البعض من أهل الخير ممن يوثق بهم وكان رضي الله عنه يعرف أهل عصرنا ويطالع أحوالهم ويعلم من كان من أهل التصريف منهم من المشرق والمغرب وأنه اخبرني بأن سيدي احمد الزروق بن مصباح وسيدي الحسين بن أعراب من بني يزدان وسيدي أحمد ابن باباس (4) الفليسي وسيدي أحمد بن عمر التدلسي أنهم من أهل الوقت وهو غير بعيد بل هو الحق إن شاء الله تعالى.
نعم هؤلاء فقهاء مدرسون متبعون للسنة وقد ظهرت عليهم آثار الفضل
__________________
(1) ودلائل أخر.
(2) شهد.
(3) قوت.
(4) بباس.


وأنوار الحق مشرقة عليهم وقد صحبتهم وأحببتهم وشهدت (1) من جميعهم ما يدل على ذلك على أن سيدي ابن أعراب كان يحدثني عن رجال الغيب ويقول أنهم قالوا ذا ويكون ذا ولو لا الإطالة لذكرت من كلامه ما فيه العجب العجاب من اطلاعه على بعض المغيبات.
نعم أحوال الكشف فيه ظاهرة وقد روينا من أسراره (2) رضي الله عنه وكذا من الجميع في محالهم وقد زرتهم مرارا مع اطلاعي على بعض أسرارهم والحمد لله تعالى.
فانفصلنا من مقامنا بنية الزيارة وقضاء الحوائج لبعض المسلمين من إصلاح ذات البين إذ القتال بين المسلمين في وطننا كثير والفتنة بينهم قل أن ترتفع والهرج بينهم قوي أزال الله ذلك بمنه وكرمه وحكم السلطان غير نافذ فيهم إذ لا يقدر عليهم وان كانوا قريبا من الجزائر لكونهم تحصنوا بالجبال فلم يفد فيهم الأهمة الصالحين وأهل الخير فيجب على من يقبل منه أن يذهب إليهم ويصلح حالهم ليرتفع ما فيهم من المعصية وهي قوله صلى الله عليه وسلم القاتل والمتقول في النار الحديث وقد نص علماء بجاية على أنه يجب على أهل الخير والصلاح ممن يقبل منه أن يصلح بين هؤلاء المسلمين وإلا عصى الله تعالى وقد نصّ أيضا على أنه لا يجوز حال قتالهم النظر إليهم ولا النزهة (3) فيهم لأنها معصية فلا تجوز مشاهدتها وهو شريك بالنظر أنظره في الأسئلة تره بالعيان.
وبالجملة فذهبنا لبعض القرى قد خربت من أجل ذلك وعلها ترجع للعمارة وكان ذلك في يد متولي أمرهم سلطان مجانة بتخفيف الجيم كما سمعته من بعض من
__________________
(1) كذا في جميع النسخ.
(2) في نسخة من بحره.
(3) التفّرج.


يعرف ضبطه من الحذاق ويوثق به في اللغات وهو المعظم الأجل محب الصالحين الشريف المبارك محمد بن أحمد بن القندوز المقراني ثم العباسي متوجهين إلى تلك النواحي.
ومررنا على قبر الشيخ الولي الصالح والقطب الواضح رحمة وطننا وغيث بلدنا (1) سيدي يحيى العيدلي نفعنا الله به أمين وقد شهد بقطبانيته الشيخ الولي الصالح ذو التصانيف المفيدة سيدي عبد الرحمن الصباغ شارح الوغليسية وقد شرح البردة أيضا بان اختصر شرح الإمام ابن مرزوق التلمساني عليها بعلوم سبعة ورثاه عند موته بقصيدة عظيمة وشهد له أيضا بالعلم الظاهر والباطن وان له كرامات عظيمة (2) وشهد له بذلك (3) أيضا بحر الولاية والعلم سيدي عبد الرحمن الثعالبي رضي الله عنه ومثله في العلم والولاية سيدي التواتي البجائي وكان حكمه وفتواه لا يردان من بجاية إلى تورز [ومثله طود العلم وشمس الحق والعرفان السيد الشيخ زروق وكفى بهم علما وديانة ونصحا للمسلمين (4)] أما سيدي عبد الرحمن الثعالبي فانه رد (5) رسالة للشيخ سيدي يحيى بان شاوره على أمور ثلاثة أحدها من أزواج ابنتي والثانية من يكون وصيا على أولادي والثالثة تجعل تأليفا لأصحابي فأجابه الشيخ الثعالبي عنها بان بنتك زوّجها من تلميذك فلان وأما الوصية فأنت الوصي عليهم حيا وميتا وأما التأليف فقد ألفت ما فيه كفاية والآن قد كبر سني ووهن عظمي فلا أقدر على التصنيف وهؤلاء كلهم في القرن التاسع رضي الله عنهم
__________________
(1) رحمة بلدنا وغيث وطننا.
(2) وان له من الكرمات شيء عظيم (هكذا).
(3) بإسقاط ذلك.
(4) ما بين القوسين ساقط في بعض النسخ.
(5) وردت [عليه].


وأرضاهم وأما سيدي التواتي فقد عظمة غاية التعظيم بان كتب الشيخ سيدي يحيى بعد السلام والرحمة والبركة أنك ذكرت شيئا من أحوالنا في الصلاة منتقدا أو فادحا فيها فأجابه رضي الله عنه بان قال له بعد تعظيمه بما يستحقه من التعظيم والله ما ذكرنا أحوالك إلا تبركا بها فقط وكيف لا وأنك أحييت أمورا درست وطرفا ذهبت وأنت المحق الفاضل صاحب الوقت أو كلاما يقرب منه وإما الشيخ زروق فقد ذره في كناشه وأنه ألف بعض تآليفه في مسجده المعلوم في ثمقرا (1) رضي الله عنه ونفعنا به حاصله ذكره الشيخ زروق وعظمة غاية التعظيم بحيث أخذ عنه العلم الباطن وقال بعض العلماء هو الذي ملك للشيخ زروق أقطارا من البلدان وإلى ذلك أشار بقوله «وملكنيها بعض من كان مالكا» وقد سمعت ممن يوثق به أيضا أنهما اختلفا في لفظ الجبروت هل هو بهمز أو بغير همز [فقال الشيخ زروق بغير همز إذ لم يوجد في اللغة فعلؤت هكذا بهمز (2)] وقال الشيخ سيدي يحيى إنما هو بهمز فلما أصاب الشيخ الريب قال له الشيخ سيدي يحيى أنظره في اللوح المحفوظ بان مسح وجه الشيخ زروق فأزال الله الحجاب عه فراه كذلك ومن كرامات سيدي انه لما بنى مسجده المعلوم اختلفوا في القبلة فلما اختلفوا فيها قال الشيخ سيدي يحيى لجبل فوق قريته انخفض فانخفض فتبينت لهم الكعبة ورآها كل من كان هناك وهذا والله أعلم وان لم يرمى الكتب غير انه (3) تواتر عنه ذلك ومن كراماته رضي الله عنه أن الشيخ سيدي التواتي بعث بعض طلبته لسيدي يحيى ليرسل له شيئا من الزيت لأن بلد الشيخ بلد الزيتون إلى الآن فبعث الشيخ سيدي يحيى للطلبة معزا أي عددا منه وقال لهم سوقوا المعز من غير كلام لأحد حتى تصلوا الشيخ فلما وصلوا أثناء الطريق بان وصلوا
__________________
(1) تمغرا وتموقرا.
(2) ما بين القوسين ساقط في بعض النسخ.
(3) عوض قوله غير انه ورد في بعض النسخ فقد.


سوق الثلاثا لبني هارون وجدوا بعض إخوانهم من الطلبة فسألوهم عن الخبر وقالوا بعث معنا (1) عددا من المعز وغفلوا عن وصية الشيخ رضي الله عنه فلما ذهبوا لذلك المعز وجدوه جلودا من زيت وقد أسقط عليهم الكلفة [فلما فضحوا سر الشيخ رجعت لهم الكلفة (2)] ثم أنهم حملوها جلودا كذلك إلى أن وصلوا إلى بجاية إلى الشيخ فاخبروه القصة وقال لهم لو سكتم لوصلوا كذلك ثم يرجعون زيتا فلما خالفتم وقع بكم ما وقع من الكلفة وبالجملة من كتم سر الأولياء وكذا سر الله انتفع به ودام له ذلك وكراماته رضي الله عنه كثيرة وقد كتبنا منها نبذة في شرحنا لوظيفته عند ختمه ولم أذكر فيها كرامة عظيمة لم أرها مسطرة غير أنها تواتر أمرها واشتهر وهو انه لما رجع من سياحته وقد مكث فيها مختفيا عن الناس نحوا من عشر سنين وأمه في حال حياتها وجد أهل قريته أخذوا ثورا لحما فقسموه ولم يجعلوا نصيبا لأمه من غير اكتراث بها فلما علم بذلك تغير من أمرهم حيث لم يسهموا لها شيئا والحالة أن اللحم لم يبق منه شيء بل جعلوه في القدور ولم يجد شيئا باقيا إلا الجلد والرأس فعند ذلك ورد عليه حال عظيم بان أمسك الجلد من الذيل وقال له قم بإذن الله فقام الثور يمشي كما كان أول مرة فلما شاهدوا منه ذلك خضعوا له وتواضعوا وذلوا واستكانوا وظهر أمر الشيخ بينا بحيث أن من تعدى عليه هلك بغتة وقد كان له زرع في امالوا (3) وبات فيه جماعة من الناس بخيلهم من غير علم أن الزرع للشيخ فلما أصبح الله بخير الصباح مات جميع خيلهم وحملوا سروجهم على أعناقهم ثم إن ذلك في أخر عمره ارتفع وسئل الشيخ عن ذلك فقال فعل الله ذلك ابتداء ليعلم بحالي الخلق وليظهرني فلما حصل المقصود من الظهور والنفع للخلق وظهرت الخصوصية
__________________
(1) في ثلاث نسخ لنا.
(2) ما بين القوسين ساقط في بعض النسخ.
(3) ونسخة المحال و.


الخصوصية وثبتت ودامت ارتفع ذلك والله اعلم.
ولما زرنا قبر الشيخ وسألنا الله بجاهه أن يمن علينا بما فيه رضاه من السفر وأن ييسر علينا أمره وان يجعله مقبولا مع الأخذ في الاستخارة الشرعية وبالجملة فقبر الشيخ ترياق مجرب ذهبنا لبني عباس وبتنا عند الفضلاء الأشراف المحبين لنا جميعهم الصغير والكبير والذكر والأنثى وتكرموا وفرحوا بنا فرحوا شديدا ثم بعد ذلك لقرية المحب كل الحب إذ داره يد أهل الخير فيها يدا واحدة الفاضل الفقيه الصالح الكامل سيدي محمد السعيد بن الطالب وانه فرح بنا أيضا فرحا شديدا وبعده ذهبنا لزيارة الشيخ الولي الصالح والبدر الواضح ترياق وطنه وأمير (1) بلده سيدي أحمد بن عبد الرحمن جدا أولاد مقران والله اعلم تلميذ الشيخ سيدي يحيى وقد سمعت أنه قال للشيخ سيدي يحيى أني رأيت في النوم النار تخرج من بولي فعبرها له الشيخ بان قال يصير منهم أي من أولاده ما يصير (2) من أهل الظلم والجور وكان الأمر كلما ذكر ولعل بركة جدهم تعمهم وكذا الشرف وقد رأيت طبقات ابن فرحون انه نص على شرفهم والله اعلم قلت وقد نص الشيخ عبد الباقي على أن الشرف يثبت بالشهرة عند قول المصنف ومصرفها بكسر الراء فقير الخ والأجهوري بضم الهمزة قال الناس على ما حازوا من أنسابهم كحيازة الأموال يصدق الإنسان شرعا في نسبه كما يصدق بان ما بيده ماله إلا إذا كان مشهورا بالعداء والظلم فلا بد أن يكلفه الحاكم بأي وجه تمليكه وإلا أخذه من يده لعل صاحبه يأتي إليه نص عليه الشيخ إبراهيم الشبرخيتي.
هذا ولما زرنا الشيخ وسألنا الله حوائجنا الدينية والدنيوية وأمر السفر أيضا
__________________
(1) في نسخة أمين.
(2) بإسقاط ما يصير.


حسبنا عند الشيخ سيدي يحيى ذهبنا لقضاء حوائج المسلمين فلما قضيناها من أمير مجانة وغيره من عرفاء نبي عباس ذهبنا لمحل الولي الصالح والشريف الواضح سيدي بهلول بن عاصم نفعنا الله به وبذريته وقد اشتهر أمره انه تلميذ الشيخ سيدي يحيى كما كنا نسمع ذلك (1) والله اعلم وانه أيضا تزوج بنت الشيخ المذكور وكراماته كثيرة وحال أولاده مع الناس كذلك.
نعم بدأنا بزيارة الذاكر لله كثيرا الفاضل الصالح الفقيه المحلى بحلية القبول سيدي محمد بن سعيد الشريف البابوري وقد اجتمعت معه حيا وزرته مرتين وقد سمعت انه تلميذ الشيخ سيدي أحمد بن عبد العظيم وسيدي أحمد هذا كان من المحققين في كل علم وشهد بولايته كل من رآه من أهل عصره وقد سمعت ممن سمع سيدي إبراهيم الحاج البجائي انه سمع الحيتان في البحر تقول سبحان الله أحمد بن عبد العظيم ولي الله.
وسيدي إبراهيم هذا كان صاحب الوقت في زمانه وأني سمعت ممن يوثق بخبره أن السيد أبا القاسم الحاج صاحب فراية في بجاية انه رأى السيد إبراهيم في السماء الرابعة يجذب (2) الشمس مع الملائكة وكفى به وأني سمعت العدل المبرز الكامل الصالح سيدي علي بن عبد الرحمن البجائي انه سمع من الفقيه الصالح سيدي يحيى الصنهاجي انه قال سمعت من سيدي إبراهيم هذا يقول لا يقف عند قبري شقي وتواتر عنه هذا الخبر وقبره معلوم وذلك داخل السور عند باب امسيور (3) قرب قبر الشيخ أبي حامد الصغير أبي علي المسيلي.
__________________
(1) في بعض النسخ بإسقاط ذلك.
(2) بحذاء ويحيد.
(3) في نسخة ميسور.


وسيدي علي هذا سمعت منه انه قال رأيت فاطمة الزهراء في النوم فقالت أنت من جيراننا ثم إنه ذهب إلى الحج ومات في المدينة المشرفة ودفن في البقيع بلغنا الله ومن تعلق بنا ببركة جميعهم.
وكذلك زرنا سيدي الهادي وأولاده كان رضي الله تعالى عنه مقبلا على الله وله بسطة في الدنيا وأقبلت عليه الناس ثم بعد ذلك امتحن ونجا بفضل الله تعالى بان تعدى عليه طلبة الشيخ سيدي أحمد بن إدريس إذ بلغ أمرهم الظلم والتعدي والفتنة للناس وهلاكهم وقطع شجرهم وأصابتهم غيرة من الشيخ وحسد فعادوه وحرقوا قريته وأخذوا ماله وقتلوا ولده ولما أحاطوا بداره ولم يتركوا فرجة له يخرج منها ظنا منهم يمسكونه بأيديهم ركب فرسه وهي طويلة جدا وهو رجل طويل بلغ فيه الغاية فلم أر رجلا مثله إلا النادر وخرج من باب صغير بحيث لا يخرج منه إلا الطفل المراهق أو ربعة من الناس نعم لا يخرج من ذلك إلا بعسر فخرج بفرسه على حاله فكل من رأى ذلك وعلم بحاله تعجب من ذلك كثيرا فنجاه الله تعالى وسلم ثم أني رأيت له قصيدة كبيرة في شأن هؤلاء الطلبة المتعدين وان خصها بعض الأوزان الشعرية فان مذهب المتقدمين لا يشترطون ذلك وإنما هو مذهب المتأخرين على أنه إن استقامت حالة الإنسان وكانت همته عالية متعلقة بالله تعالى لا يضره مخالفة القوانين الأدبية ولا غلبة العجمة ولا قلة العلم وقد ذكر فيها انه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم انه قال له سيهلكهم الله بان قبلت فيما طلبته (1) فيهم وكان الأمر كما ذكر بان شتت الله جموعهم وفرق أمرهم تفريق أيدي (2) سبا وان بقيت منهم حثالة فقد رق حالهم وضعف أمرهم غير انه إن بقي منهم ولو واحد لا يخلو من
__________________
(1) تطلبه.
(2) يد.


التعدي والظلم نعم بركة الشيخ سيدي أحمد بن إدريس تنوب (1) عليهم ولعل الله يهديهم أو يهلكهم إن لم يعلم ذلك منهم وبركة الشيخ سيدي الهادي هذا ظاهرة على ذريته أرشدهم الله تعالى.
وزيارة هذا الشيخ بعد أن زرنا مقام الشرفاء في بو جليل (2) فأنهم أهل فضل وبركة وعناية وقد اجتمعنا معهم في الجد الأعلى والشرف على ما كنا نسمعه من أعالي أسلافنا فلما وصلنا قرية أولاد الشيخ سيدي بهلول فعلوا ما أمرناهم به من الصلح مع أعدائهم وردهم إلى محلهم لأنهم حرقوهم بالنار (3) وأخذوهم وقتلوا منهم ثلاثين وأولاد الشيخ كثيرون غير أن فيهم من يقرأ القرآن ومن يفهم العلم وكثير منهم على طبع العامة من تقليدهم سيف الفتنة وأحكام العوائد نعم غلب عليهم الكرم.
ثم بعد زيارتهم وقضاء الحوائج منهم ذهبنا لزواوة فزرنا وطنهم الحي والميت والظاهر والخفي على الجملة إلى أن بلغنا بيت الفاضل الأخ سيدي أحمد الطيب واجتمعنا بفضلاء من الناس.
وبعد ذلك عزمنا على زيارة الولي الكبير والقطب الشهير سيدي علي بن موسى ومررنا على بني منجلات وبني بترون وبني عيسى وغيرهم فلما وصلنا الشيخ سيدي علي بن موسى بتنا في مقامه المشهور وضريحه الترياق (4) وقد ظهر من أمره نفعنا الله به أن من قصده لحاجة دنيوية أو دينية يعطي لو كلائه وطلبة مقامه شيئا
__________________
(1) تتوب.
(2) بجليل ويحليل.
(3) بالترك.
(4) كذا.


معلوما إذ كل حاجة بما تشترى من القدر المعلوم تقضى بإذن الله تعالى وفضل الله عليه عظيم وصبغة الله عليه جالية وزائره مقبول وقبره دواء رباني وطب إلهي وقد كان في القرن التاسع معاصرا للشيخ سيدي يحيى العيدلي وصديقا له كراماته باهرة وأحواله ظاهرة قلت قال الشيخ سيدي يحيى العيدلي علي بن موسى فيه خاصية الرقية لم تكن في أحد من أهل عصره قال وقد رقي لي عكازا أي عصا وكنت أرقي به للناس فيظهر أثارها وقيل انه ذهب لبني يمّل (1) في وادي بجاية (2) وأتوا له بولد كبير بلغ حد المشي وتجاوزه ولم يقدر على المشي بان صار مقعدا لا يقوم أصلا فمسح عليه ورقاه فمشى من حينه نفعنا الله به ومن كراماته ما اشتهر عنه أنه أقام بقرة بعد ذبحها وقسم (3) لحمها وسببه أنهم لم يسهموا له الطلبة لأنه كان خديما للطلبة وغير ذلك من كراماته وكان له مزود إذا امتلأ يكفيه ثمانية أيام بلغ الضيوف ما بلغوا ألفا أو أكثر أفاض الله علينا من بركاته وجعلنا في زمرته بمنه وكرمه.
ثم ذهبنا بعد الزيارة وطلبنا عنده ما طلبناه عند الشيخ سيدي يحيى إلى قرية تدلس المحروسة لزيارة سيدي أحمد بن عمر إذ كنت صغيرا وقلبي متعلق به حتى جمع الله بيننا وبينه عام تسعة وسبعين ومائة وألف (1179) فلما وصلنا فرح بنا فرحا عظيما وسر بنا سرورا قويا ودعا لنا بعزم وقوة همة من صميم قلبه وخلاص الاعتقاد وأقمنا ثلاثة أيام فيها مع كرم عظيم وطيب ضيافة وإحسان تام من أهلها عمرهم الله وجعل البركة فيهم.
ثم أن فضلاءها ونجباءها سألوني عن قول بعض الأولياء وقفت بساحل
__________________
(1) في نسخة يجل.
(2) في نسخة زيادة ونواحيه.
(3) في نسختين وقسمة.


وقفت الأنبياء دونه فزبرت عليه رسالة حسنة بما فتح الله به ارتجالا وكتبت فيه رسالة نحو كراسة صغيرة وقد قلت فيها ما حاصله انه وقف بساحل بعلمه الحقائق وزوال الحجاب عنه بان وقعت له شطحة من شطحات أهل المحو فوقف في ذلك الساحل لعدم تمكنه ورسوخه في علم الشريعة ولا في علم الحقيقة إذ هو متلون لا متمكن من الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا لا من المتمكنين الذين اطمأنت قلوبه بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب فوقف في ذلك الساحل وقوف اضطراره لا وقوف أدب لأن صاحب هذا المقام محمول لا حامل وهو ممن ملكه الحال لا انه ملكك حال فكان وقوف الأنبياء دونه أولى وأمكن وأليق لتمكنهم واشتغالهم مع السفرة والوحي هذا بمنزلة الخضر مع موسى عليه السلام وقد كانت علوم عنده لم تكن لموسى عليه السلام مع أن موسى أفضل منه بالإجماع غايته أن تلك مزية والقاعدة المقررة أن المزية لا تقتضي الأفضلية فموسى قد اشتغل بما هو أعظم والخضر خصه الله تعالى بهذا الأمر فلا يكون أولى ولا شك أن الخضر وقف بساحل من العلوم اللدنية والمواهب الكشفية لم يقف موسى بها إذ وقف دونها وهي علم الشريعة ولا شك أن ما يفعله الخضر في بادي الرأي أنه ممنوع شرعا في ظاهر الحال ولذلك قال له لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا فإذا علمت هذا علمت مثله في هذا القول من غير شك وقد قررته بوجهين آخرين فاستحسنوا ذلك مني غاية قل بفضل الله تعالى.
ثم ودعونا وفقهم الله وهداهم نحو مسيرة نصف يوم وفي تلك الجماعة عمنا العلامة المحقق الفهامة سيدي محمد الصغير بن رقية والفاضل الكامل سيدي محمد السعيد بن الطالب والمحب للخير وأهله سيدي أحمد بن علي نجل السيخ سيدي يحيى العيدلي وسيدي أحمد الطيب والشيخ الفاضل سيدي مهنا وخديم الصالحين الحاج علي البتروني وغيرهم وتلميذ سيدي محمد السكلاوي الجزائري إذ كان يقرأ


عليّ كبرى الشيخ السنوسي بالشيخ اليوسي قراءة تحقيق في أيام الزيارة وغيرها وشاورنا سيدي أحمد بن عمر على الحج فقال توكلوا على الله.
ثم رجعنا وأخذنا على بني فراوسن بلد الشيخ ابن معطي صاحب ألفية النحو الذي قال فيه ابن مالك «فائقة ألفية ابن معطي» وسيدي محمد الزواوي صاحب المراءي المعلومة صديق سيدي سعيد السفري القسنطيني وصاحبه فنزلنا قرية الجمعة اعني الصهريج وهي قرية عظيمة ذات بساتين وعيون في وسط العمارة نحو مائة عين كما قيل.
ونزلنا عند المعظم سيدي محمد بن القاضي الشريف سلطان زواوة وعاهدنا على الحج ومشى معنا ثم مات رحمة الله عليه بعد خروجنا من المدينة المشرفة ودفن بين الينبع ونقب علي في شهر محرم سنة ثمانين ومائة وألف (1180) ثم أتينا بني بو شعايب (1) وزرنا جملتهم ثم مررنا على بني يحيى وزرنا جملتهم أيضا وتلاقينا مع بعض فضلائهم أولاد الفقيه من قرية ثوفة (2).
وزرنا سيدي علي بن الطالب وهو ولي مشهور كان صبغة في عصره وكان يأتيه الرجل فيبلغ لله تعالى ساعتئذ وزرت قبره مرارا وأني أدركت أصحابه المنورين جملة منهم سيدي أحمد بن عمر وسيدي الموفق ابن أم رزق (3) الصغير إلا أني صغير وهو قد تجرد للعبادة وخدمة طلبة العلم وله كرامات كثيرة وورع شديد صاحب انقباض والمرابط سعيد بن ثيفرين (4) وأني أدركت منه المنى وأنا صغير والولي الصالح سيدي
__________________
(1) بشعايب.
(2) توفة وتق.
(3) في نسخة زروق.
(4) تفرين وتيفرين وتقترين وتقترين.


يحيى بن حمود (1) وكلهم أصحاب وقت في عصرهم.
ثم نزلنا قرية الشيخ الفاضل ذي التصانيف الجيدة الولي الكبير والعالم الشهير صاحب وقته المحب للنبي صلى الله عليه وسلم وخليله سيدي أحمد بن مزيان وهي ورجة قرية عظيمة طيبة فيها بساتين وعين جارية وسط داره وله خلوة معلومة له اليد العليا في العلوم كلها المنقول والمعقول وقد خمس البردة (2)] بحيث لا نفرق بين كلامه والكلام الأصلي (3) وألف كتابا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجد له نظير لأنه ذكر تصاريف اللغة وحاز يد السبق فيها وغير ذلك وله سر عظيم وانفعال جسيم فأين توجه إلا والناس حافون به كلامه له حلاوة وطلاوة (4) وقد تمكن في علم الأوفاق تمكنا كليا مع الكشف التام وقد أخبر عنه أنه لا يفعل شيئا حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وله كرامات مشهورة وهي أنه أتاه فقير في أيام الحج فقال له والله أن أحج في هذه الأيام فلما ألح على الشيخ وذلك في زمان الخريف أعطى له عنقودا فكمل أكله في مكة المشرفة ثم لما كمل حجه وجد نفسه في داره نفعنا الله به ووله حي أخ لنا وصديق لدينا وهو لا ينتبه لأكثر أحوال الدنيا.
وزرنا (5) صاحب الفضل والفواضل سيدي العزالي جعل الله البركة في أولاده بمنه وكرمه وله أحوال سنية وكرامات ظاهرة سيما إجابة الدعوة وأبوه أقوى وأعظم وقد عمت بركته الداني والقاصي نعم زرنا قبره وبتنا في خلوته وتوضأنا (6) من عينه
__________________
(1) في نسخة حمودي.
(2) ما بين القوسين ساقط في بعض النسخ.
(3) في نسخة الأصيلي.
(4) بإسقاط وطلاوة.
(5) في ثلاث نسخ بإسقاط وزرنا.
(6) في جميع النسخ توضينا.


وقد سمعنا أن ماء زمزم يخرج إليها وانه أيضا لم يبن تلك القرية إلا بإذنه صلى الله عليه وسلم.
ثم بعد ذلك رجعنا إلى دار الشيخ سيدي محمد السعدي والد سيدي أحمد (1) الطيب كان فاضلا عالما عابدا زاهدا ورعا آكلا من عمل يديه طالبا للحلال لأن من أكل الحلال أطاع الله شاء أم أبى ومن أكل الحرام عصى الله شاء أم أبى أو كما قال صلى الله عليه وسلم وهو تلميذ الشيخ سيدي أحمد بن مزيان وانفعلت فيه سريرته وظهر عليه آثار أنواره وقد سمعت ممن يوثق به أنه قال لو شئت أن تصير لي الجبال ذهبا لفعلت ولكني اخترت ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه من التقلل في الدنيا ونفض يد القلب منها قطعا والحمد لله على محبة آثارهم ومعرفة أحبابهم رضي الله تعالى عنهم.
ثم بعد زيارته (2) في محله رجعنا إلى بلدنا مارين على الشيخ سيدي يحيى العيدلي عطفه الله علينا وعلى أولادنا وطلبتنا وكل من ينتمي إلينا من الإخوان وغيرهم بمنه وكرمه.
فلما بلغت البيت حدث لي العزم التام نعم أخذنا في التأهب إلى السفر والأخذ في أسبابه واشتهر أمر سفرنا وبلغ أمره أطراف نواحي عمالة الجزائر فقامت لذلك فضلاء الخاصة والعامة ثم وقع النداء في أسواق بلدنا فيمن عزم للسفر.
ثم بعد ذلك عرض لي أمر أوجب لي السفر لوادي بجاية فلما ذهبت إلى الوادي سمع بي جماعة من فضلائها العلامة الفاضل قاضيها تلميذنا سيدي أبو القاسم نجل
__________________
(1) في نسخه بإسقاط أحمد.
(2) في نسخة زيارتنا.


الكامل سيدي إبراهيم والفقيه المفتي سيدي محمد والمعظم الأجل قائدها أحمد السطمبولي (1) محب الخير وأهله وكان والده السطمبولي (2) تاب على أيدينا رحمه الله آمين.
فلما وصلت إلى أولاد الشيخ سيدي محمد أمفران في محلهم إذ هم أنسابي نويت زيارة الشيخ الصالح والأستاذ الواضح سيدي إبراهيم بن ثابت في بني مسعود فوجدت تلك الجماعة قاصدين ملاقاتي فاجتمع كلنا عند السيد إبراهيم المذكور فبعد زيارتنا له ألحوا علي في الذهاب إلى بجاية إذ كنت متغيرا عليهم قبل غير أنهم لما أكدوا على ذهبت معهم إلى زيارتها لأني محب فيها غاية وذلك قبل بلوغي وكنت كل عام أصوم فيها رمضان ناويا للرباط مع تعليمي الطلبة (3) راجيا أن يكون لي حظ وافر منهم ونصيب كامل من عندهم حقق الله رجائي بمنه وكرمه.
فلما وصلت بئر السلام متشرفا على المدينة المذكورة (4) توجهت إلى زيارة الشيخ سيدي أحمد بن معمر الولي الكامل والليث الفاضل لما كنا نسمعه أن من زار بجاية ولم يزره لم يذهب بشيء منها والعياذ بالله تعالى وان لم يكن كذلك في نفس الأمر غير أن أسباب الحرمان (5) كثيرة فالحذر الحذر والأدب الأدب ألا ترى ما وقع لبعض الأولياء في زمان الشيخ سيدي عبد القادر الجيلي حين قال قدمي هذه على رقبة كل ولي لله فكل من سمعها (6) طأطأ برأسه تواضعا لله تعالى وتسليما للشيخ إلا واحدا من
__________________
(1) اصطنبولي.
(2) اصطنبولي.
(3) في ثلاث نسخ للطلبة.
(4) في ثلاث نسخ المشهورة.
(5) في ثلاث نسخ الحرمة.
(6) في نسخة إلا طأطأ.


أولياء العراق لم يسلم للشيخ حاله ولم يصدق مقالته فسلب من حينه والعياذ بالله تعالى وكذا رجل تغير عليه الشيخ وقال لا يدخل بغداد فكان إذا وصل إلى (1) بابها لا يقدر على الدخول لما يجده من المنع الإلهي نعم شفعت (2) عنده أمه في الاجتماع معها فقبلها (3) غير انه أذن لها أن تجتمع معه في طريق تحت الأرض في بغداد وأما الطريق المعلومة (4) فممنوع منها وكذا ما حكي عن أبي يزيد البسطامي الذي من عرف اسمه دخل الجنة واسمه طيفور بن عيسى وهو أنه قال لصائم تطوعا كل يوما (5) بيوم فقال أنا صائم فقال كل يوما (6) بشهر فقال أنا صائم فقال كل يوما (7) بعام فقال أنا صائم فقال كل يوما (8) بدهر فقال أنا صائم ثم سكت عنه الشيخ فقام بعض الناس إليه قائلا له أن الشيخ يأمرك بالأكل وأنت تمتنع فقال له الشيخ دعه فانه سقط من عين الله تعالى انظر هذا مع انه موافق لمذهب مالك أنه يحرم على الصائم المتطوع الفطر من غير وجه والوجه الأبوان وذو التربية من الشيوخ ولابد أن يكون الصائم مديما للصوم وألحق البعض شيخ التعليم قلت قال المحلي حديث الصائم أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر رواه الكتب الستة فكان المختار عند غير مالك الفطر من غير منع بل هو مباح ويحتمل حينئذ المأمور بالأكل أن يكون تلميذا للشيخ ويحتمل أن يكون الشيخ مذهبه الحديث أعني جواز الفطر.
__________________
(1) في نسخة بإسقاط إلى.
(2) في نسخة تشفعت.
(3) معها فقبله.
(4) بإسقاط المعلومة.
(5) يوم.
(6) يوم.
(7) يوم.
(8) يوم.


تنبيه إياك أن تتعرض لأحد من أهل الله ممن ثبتت له الخصوصية من الأولياء في زمانك فيما فيه الوسع شرعا فتنزل قدمك بعد ثبوتها وقال الخطاب في حاشيته على الشيخ خليل أن مذهب المخالف أعي الفطر من غير وجه أقيس فإذا فهمت هذا علمت أن الاعتراض على من ثبتت له الخصوصية حرمان والمنازعة شقاوة وامتثال أمره غنيمة فالكيس بن الكيس إذا اجتمع مع أحد من أولياء زمانه ينظر ما يستحسنه منه (1) بقلبه فعله من غير كلفة من الشيخ فتأخذ مكانا في صدره فينظر الله إليك بعين الرحمة لأن الله ينظر إليه بعين الرحمة فمن نظره في قلبه أفلح ولا تعترضه ولو في غيبته إذ ربما كان ذلك سلبا لإيمانك لأن الله يحارب عنه وقال أبو يزيد المذكور أعلى الولاية التصديق بأحوال أهل الله وأدنى الولاية التسليم لأهل الله فلا تنازعهم أصلا بقلبك ولا بقالبك فيموت قلبك إلا ما أنكره الشرع إجماعا (2). حاصله. هم أبواب الله والله يقول وأتوا البيوت من أبوابها فمن اعترض أحدا بحظ نفسه رد عن باب الله وكان مطرودا بين العباد فيراه كل أحد من الناس بعين الازدراء حتى انه لا يجد شفيعا إلا التوبة الصادقة فحسن الظن وتسليم الأمر لأهل الله غير قادح شرعا بل هو سلم يرقى به إلى حضرة الكمال فإياك أن تنظر إلى كثرة العبادة من الإنسان بل انظر إلى خميرة الصدق وحسن الاعتقاد وعدم المنازعة فذلك الشان وخمر عقلك به تفز كما فازوا وحينئذ (3) لا تسرع لإنكار ما يحكى عن الشيخ سيدي أحمد بن معمر نفعنا الله به وأفاض علينا من بحر أنواره بمنه وكرمه أن ثبت عنه ذلك.
وبعد زيارتي له توجهت لزيارة رجال النخلة المدفونين في مسجد الخميس
__________________
(1) في نسخة بإسقاط منه.
(2) بإسقاط إجماعا.
(3) في نسخة بإسقاط حينئذ.


[أعني السوق وكذا من في مقبرة السوق](1) نفعنا الله بهم فقد سمعت ممن يوثق به أن بعض الناس من بجاية وصل إلى عرفة فصار يستغيث بالصالحين فيما أصابه فاتاه بعض الأولياء فقال له إن رجعت إلى بجاية فاستغث برجال النخلة فمن استغاث بهم يغاث بإذن الله تعالى.
وبعده توجهت بوجهي إلى المدفونين في جبل خليفة بعد ما زرت سيدي الصديق وزيارة سيدي عبد الحق الفجيجي ولم يثبت عندي شيء في حقهما نعم أهل بجاية يعظمونهما غاية التعظيم إلا ما سمعت عن بعض طلبة بجاية بان قال الشيخ عبد الحق هذا هو ألي قتله السلطان ظلما وعدوانا وسبب ذلك أن بعض الزنادقة كان يتعبد (2) في الظاهر في الموضع المسمى المضيق فلما اشتهر أمره صار الناس يأتيه فيختلي (3) بها فتلد طفلا فعلي صيته بهذا الأمر فذهبت زوجة سيدي عبد الحق هذا إليه وهو معها فلما وصلته طلبها للخلوة على عادته ليطأها فتلد ولدا فامتنع الشيخ من ذلك فقال هذا ممنوع شرعا فرجع هو وزوجته وكانت امرأة السلطان قد فعل بها ما فعل قبل بالنساء ولما رجع الشيخ عبد الحق نادى بالويل على الرجل وقال انه زنديق ونبه على فعله الخسيس وافتضح أمر الرجل وأصابت السلطان المعرة العظيمة فطلب سيدي عبد الحق على مقالته فقتله وجعل رأسه عند باب المدينة وإنما فعل ذلك امتثالا لقوله عليه الصلاة والسلام إذا رأى العالم منكرا ولم يغيره فعليه لعنة الله نعم بقي رأس الشيخ هناك مدة غير انه إذا جاء البواب عند الغروب ويقول الباب الباب ليدخل من كان خارجا فيقول الرأس لم يبق إلا عبد الحق الذي مات على الحق
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسختين.
(2) في ثلاث نسخ يعبد.
(3) في نسختين فيخلي.


بلسان فصيح يسمعه الناس كلهم فبعد ذلك رأوا الشيء عيانا وظهر الحق وزهق الباطل رفعوه وعظموه وجعلوا روضة على قبره وقد قيل فيه أنه ولد الشيخ سيدي علي المظلوم المدفون عند الحلق بان قيل أنه مظلوم في قتل ولده هذا.
وبعده توجهت لزيارة من في الجبل وقد قيل فيه اثنا عشر ألف قطب وانه ينيخ بأهله في الجنة كما ينيخ البعير بحمله وتوجهي (1) إنما هو على القنطرة التي عند الباب إذا سمعت أيضا من بعض الصالحين انه يقول من وقف على تلك القنطرة وتوجه للجبل فسأل الله شيئا إلا (2) أعطاه إياه.
وبعد ذلك دخلت بجاية وزرت الشيخ سيدي الصوفي ولم أحفظ من أمره شيئا إلا أن أهل بجاية يعظمونه غاية التعظيم وانه من أهل التصريف في بجاية نفعنا الله به آمين.
وبعده زرت خلوة الشيخ سيدي أبي مدين الغوث وقد زرت قبره والحمد لله في العباد في تلمسان أرض الجدار وزرت معه الشيخ السنوسي والإمام ابن زكري والعقبانيين والإمام ابن مرزوق وولدي الإمام وهؤلاء كلهم مؤلفون نفعنا الله بجميعهم وأبو مدين كان في القرن السادس في بجاية حتى سعى به بعض الشياطين من الحساد إلى أمير مراكش فبعث إليه فلما سمع أهل بجاية عزا مرة عليهم وأرادوا الخروج عن طاعته وقال خليفة بجاية لا تذهب فأني أخرج عن طاعته من أجلك فقال اذهب والله غير أن الناس لا يروني (3) ولا أراهم وذهب فلما قرب تلمسان أشار بموته فقال احملوني على بغلة فالموضع الذي تبرك فيه فذلك قبري فبركت في العباد
__________________
(1) في نسخة توجيهي.
(2) هكذا في جميع النسخ.
(3) ******


ودفن فيه فصار رحمة لأهل تلمسان ومن زاره نفعنا الله به آمين.
وكان أصحابه كثيرين منهم الشيخ أبو محمد صالح الدكالي (1) فانه ذات يوم أتى الشيخ أبا مدين فقال له أردت الفقر إلى الله أما أنت أو أحد يبلغني فقال له لما أر لك مثل الشيخ عبد القادر في بغداد فذهب إليه فلما وصل قال له أردت الفقر إلى الله فادخله الخلوة فمكث فيها أربعة وعشرين يوما فدخل عليه الشيخ عبد القادر فقال ما أردت فقال أردت الفقر إلى الله فقال عليك بكذا وكذا فقال له هذا كله أعرفه من الكتاب والسنة فقال ما تريد فقال أريد أن تدخل يد قلبك لقلبي قال فنظر في نظرة فامتحن قلبي من حينه ثم قال انظر الكعبة فنظرت الطائفين بها ثم قال لي انظر المغرب فنظرت شيخي في المغرب ثم قال له ما أردت مكة أو المغرب قال فقلت شيخي في المغرب فقال لي في خطوة أو كما جئت قلت كما جئت فأغناني بتلك النظرة دنيا وأخرى أنفق فيهما اه.
ثم إن أبا محمد قيل أنه قدم بلادنا واستقر عند أمير وادي أقبو وهو وادي بجاية فرغب فيه السلطان فزوجه بنته فولد معها ولدا فمكث غير بعيد قال دعني أرفع ولدي فانه ستظهر شمس في القرن التاسع في بني عيدل تغيب النجوم كلها معها فمنعه السلطان منه وذهب وتركه نعم قيل أولاده هم أولاد سيدي محمد صالح الآن عندنا والله اعلم وقد قيل انه هو الذي طلع بدابته عمود السواري بالإسكندرية حين قال لهم أين يبيت الغريب فقالوا (2) له استهزاء به في عمود السواري فبات فيه وهو لا يمكن عادة المبيت به نفعنا الله به آمين.
وأما الشيخ عبد القادر فكان في القرن الخامس أخذ منه خمسين سنة وأخذ من
__________________
(1) في ثلاث نسخ الدلكي.
(2) في نسخة فقال البواب له استهزاء به.


السادس تسعا وأربعين سنة.
ثم بعد زيارة خلوته توجهت لزيارة خلوة الشيخ أبي محمد المرجاني المعلوم الذي ينقل كلامه صاحب المدخل ويعتمد عليه ولا يشكك أيضا أحد في ولايته فقال ابن عرفة قادحا والله اعلم في الشاذلي وأصحابه اثقل شيء علي قولهم قيل لي أو علي فقال فلا أقبله ولو من المرجاني المقطوع بولايته اه ـ فقد جزم بولايته ولا شكك في ولاية الشاذلي والشيخ عبد القادر قلت نقل كلامه هذا الشيخ زروق ورده بقوله الثقل ليس بحجة وقوله أيضا المرجاني المقطوع بولايته فإن أراد القطع بحسب الكرامات فالشاذلي والجيلي أظهر منه كرامة وأن أراد ذلك بحسب نفس الأمر فلم يقطع لأحد الآن بذلك إلا بعد دخول أهل الجنة الجنة.
ثم توجهت لزيارة خلوة الشيخ عبد القادر وخلوة الشيخ سيدي أبي العباس السبتي الكائنتين في برج اللؤلؤة وقبر سيدي أبي العباس في مدينة مراكش وأما قبر الشيخ سيدي عبد القادر فمعلوم في بغداد أفاض الله علينا من بحر أنوارهما.
وزرت الجامع الأعظم القديم القريب من تلك الخلوة ومن البرج المذكور الذي كان فيه تسعون مفتيا [إذ قال الشيخ أبو علي المسيلي دخلت بجاية فوجدت فيها تسعين مفتيا](1) أي في الجامع الأعظم وكان كل واحد لا يعرف أبا علي من أي ناحية كان.
ثم بعد ذلك توجهت إلى الشيخ عبد الحق الأشبيلي ويقال له اليماني ويقال له أيضا البجائي وهو الذي ألف العاقبة وقبره خارج باب المرسي القديم طريق (2) أبي
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(2) هكذا في جميع النسخ.


زكرياء الزواوي وكان رضي الله تعالى عنه لوذعيا فاضلا كريما لا نظير له وكانت تأتيه أمته مرارا في يوم واحد لمجلس درسه تطلب منه دراهم فلم يخيبها قط ثم قال بعض تلامذته هذا شيء كثير يا شيخ فقال له استحي أن تجتمع فيّ ثلاث شينات شيخ وشحيح وأشبيلي اه ـ وأيضا كانت رخامة عند قبره فيها تاريخ موته فأتى بعض النصارى إلى قبره (1) فرفعها فلما وصل بها إلى بلده تشاءم بها وردها بنفسه إلى قبره نفعنا الله به آمين.
ثم زرت من دفن في تلك المقبرة وانه دفن فيها أيضا قرب السور الشيخ عبد الحق بن ربيعة وقد ذكره صاحب عنوان الدراية بما يحرك قلب الناظر إليه وقد قيل أن في تلك المقبرة الغافقي.
ثم توجهت لزيارة الشيخ أبي زكرياء يحيى الزواوي وقد كان في القرن السادس وقبره مشهور أقول قال صاحب عنوان الدراية ما نصه أربعة قبور يستجاب الدعاء عندها قبر معروف ببغداد وقبر أبي مروان في بونة أي عنابة وقبر أبي زكرياء يحيى الزواوي الذي هو هذا وقبر أبي مدين في تلمسان وقد زرت والحمد لله الثلاثة بلغني الله إلى الرابع وهو قبر معروف بجاه من ذكرته من الأربعة آمين ومن أوصافه رضي الله عنه أنه كان لا يأكل إلا السمك يصطاده بنفسه طلبا للحلال وكان كثير التردد إلى (2) المساجد يتعبد فيها بنواحي بجاية وكان رحمه الله له مجلسان في العلم مجلس في الحديث ومجلس في التفسير إلا أن التفسير كان يقرئه بعد صلاة الجمعة على المنبر لكثرة الناس وازدحامهم عليه إلى يوم موته فكان يكرر قوله تعالى عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه ففهم أكثر الحاضرين أن الشيخ يموت وكان رحمه الله سخي
__________________
(1) في نسخة بإسقاط إلى قبره.
(2) في ثلاث نسخ بإسقاط التردد إلى.


الدمعة يبكي ويبكي أكثر الحاضرين معه إلى أن قربت صلاة العصر فذهب لزاويته قرب الجامع فسمعه من في المسجد له حركة اغتيال ثم رجع إلى صلاة العصر فلما فرغ منها رجع إلى زاويته فمات بعد صلاة العصر من يوم الجمعة فدفن صبيحة يوم السبت وخرج الناس لدفنه وخرج أمير بجاية وقد انكسر كذا كذا نعشا تحته رحمة ورغبة فيه ومن كراماته رحمه الله تعالى انه كان يعبد الله في خلوة بشاطئ البحر فإذا سفينة من النصارى فأخذوه ورفعوه في السفينة فلم تتحرك بهم فأمرهم صاحبها برده إلى مكانه وقال انه من رهبان المسلمين فلم تتحرك أيضا فقال لهم أبقي من حوائجه شيء فوجدوا سجادة فردوها له فلم تتحرك حتى أخرجوا عصاه وأبريقه فتحركت حينئذ (1) ومن كراماته أيضا لما ذهب إلى الحج كما ذكره الغريني (2) لم يحج من عامه ذلك بان بقي بالشام عامه ثم أنه دخل على بعض الأولياء من رجال الغيب فقعد معهم مدة وكان لا يكلمه إلا واحد منهم غير أنهم إذا وصلوا المغرب قام واحد منهم يأتي (3) بمائدة من طعام ثم أنهم لا زالوا كذلك إلى أن وصلت نوبته فأمره مكلمه بان يذهب ليأتي بما يأتون به فذهب فلم يخيبه الله فأتى به أو أحسن (4) فكان معهم كذلك إلى أن وصل وقت الحج فودعهم وخرج معه صاحبه ومشى معه ساعة فأوصاه فقال له بلغ سلامي لفلان السافي في زمزم وأمسكه من إصبعه السبابة أو الإبهام فلما وصل بلغ وصيته ومسكه من ذلك الإصبع فقال السافي أن فرغت من مناسكك فارجع إلى فلما قضى مناسكه رجع إليه فقال الآن صلينا على صاحبك الذي ودعك وأوصاك إلينا ثم مسكه فأصبحه في وطنه أي بوادي شوشوان كأنه متيقظ من النوم فوجد راعيهم عند رأسه فذهب معه إلى البيت اه ـ وهو حسناوي
__________________
(1) في نسختين بإسقاط حينئذ.
(2) في نسخة صاحب العنوان بدل الغبريني وفي نسخة بياض هنا.
(3) لياني.
(4) في نسخة اولا حسنا.


من بني عيسى وبلدهم معلومة بقرب الجزائر ودفن معه الولي الكبير ابن عربي غير الحاتمي وغير الحافظ وإنما هو أمي على صورة البله يلعب بقصبة وقد قال صاحب عنوان الدراية ما نصه انه ضربها يوما من بجاية فوقعت في وجه النصارى في الأندلس فانهزموا بإذن الله تعالى إذ أرخوه فوجدوه كذلك والله اعلم ومن كراماته انه كان بالشام فجاءت سفينة لبعض النصارى تريد بجاية فأعطى صاحبها مزودا يبلغه إلى بجاية أعطاه إياه يوم الجمعة إلى الجمعة الأخرى وصلت السفينة بجاية ببركته نفعنا الله به آمين فوجدوه في بجاية فقال النصراني هذا أعطاني مزوه يوم الجمعة وخلفته في الشام وقت كذا من ذلك اليوم فأخبره أهل بجاية بأنه يوم الجمعة ذلك الوقت كان هنا فتعجب صاحب السفينة من أمره فأسلم ببركته وحسن إسلامه نفعنا الله بجميعهم بمنه وكرمه آمين.
وأما الشيخ سيدي المليح فلم أحفظ من أمره شيئا إلا أن أهل بجاية يعظمونه غاية التعظيم ويعدونه من أهل التصريف وكذا سيدي عيسى وجده سيدي علي البكاي إلا أن جده والله أعلم قد ذكر فيه صاحب عنوان الدراية كلاما في طبقته وان له زاوية عظيمة الخ ما ذكره والله اعلم.
وأما الشيخ سيدي أبو علي المسيلي فقد كان حجة في بجاية وتولى القضاء فيها مع كونه مدرسا للعلم وكان يقرئ الجن من الليل والإنس في النهار وكان معظما في بجاية ومن تعظيمه أنه لما دخل الموارقة (1) بجاية وكانوا يلثمون وجوههم فطلبه السلطان [في المبايعة فأبى وقال والله لا أبايع شخصا لا أعرفه رجلا أم امرأة](2)
__________________
(1) في نسخة لمتونة.
(2) ما بين القوسين ساقط في نسخة.


فكشف (1) السلطان عن وجهه ليعرفه فلما رآه بايعه حينئذ وتولى القضاء بعده (2) ابن الخطيب وأبو علي مشتغل بتدريس العلم فغار منه فبعث له رسولا ليخرج من بجاية فلما جاءه الرسول وجده في مجلس العلم وقال لحفيده قبل أن يكلمه الرسول خذ مصحفا وأقرأ لنا شيئا بعد التعوذ فأخذ المصحف وتعوذ ثم قرأ وأتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم أفضوا إلي ولا تنظرون الآية فانتقع وجه الرسول ورجع وفي أثناء الطريق وجد رسولا من القاضي ليرده بأن لا يخبر الشيخ بذلك لأنه أتته ضربة من الله كادت أن تهلكه فلما وصل الرسول أخبره أمر الشيخ مع حفيده فتعجب ابن الخطيب ثم استرده إليه ليجعله في حل بصرة من الدراهم فرجع ووضعها بين يدي الشيخ وقال له يطلبك أن تجعله في حل فقال الشيخ جعلناه في حل وأمره برد الصرة وأبى أن يأخذها اه ـ ومن كراماته بعد موته أيضا أن شخصا من تونس له صديق في بجاية مات يراه دائما في النوم يعذب ولما مات أبو علي المسيلي رآه في نعيم وسرور وسأله عن السبب وكان مدفونا في جبل خليفة فقال له لما مات الشيخ غفر الله لمن كان بين أطراف المدينة من قبره إلى الجبل ضيافة له وهدية نفعنا الله به آمين.
ثم إن ذلك الرجل احتمل من تونس إلى زيارة الشيخ فلما وصل إلى بجاية سأل عن قبر الشيخ وهو يتصبب عرقا وقبره متلبس بين أربعة قبور فينبغي للزائر أن يعينه بالنية فلما زاره أخبر بالقصة اه ـ والدعاء مستجاب عند قبره ويسمى أبا حامد الصغير ومن تآليفه التذكرة والنبراس في الرد على منكر القياس وقد رأيت الشيخ عبد الباقي يقول قال صاحب النبراس وهو من أواخر القرن السادس.
__________________
(1) في ثلاث نسخ فأزال.
(2) بعد.


وأما الشيخ سيدي التواتي فهو من القرن التاسع أيضا ولي صالح كبير الشأن عالم على الإطلاق وله مؤلفات كما كنا نسمع وهو عند أهل بجاية من أهل التصريف وقد سمعنا أن فتواه لا ترد إلى توزر وهو المعاصر للشيخ سيدي يحيى العيدلي وله زاوية وطلبة إلى الآن وخدام في الجبل وغيره نفعنا الله به آمين.
وأما سيدي سعيد العلمي فلم أحفظ من أخباره شيئا إلا ما ذكره عنه سيدي عبد الرحمن الثعالبي وعن الشيخ سيدي عبد الرحمن الوغليسي صاحب التآليف المعلوم في الفقه الذي شرحه سيدي عبد الكريم الزواوي شرحا كبيرا فيه من العلوم ما يغني الناظر عن غيره وطريقته رضي الله تعالى عنه طريقة ابن أبي جمرة وصاحب المدخل وشرحه سيدي عبد الرحمن الصباغ أيضا وسيدي عبد الكريم هذا كان ينقل عنه الشيخ عبد الباقي وغيره وقد زرت قبره في بلده أعني بني يتورغ من زواوة إذ قال رجع سيدي سعيد العلمي من بعض نواحي بجاية إليها فلما قرب وجد الباب مغلقا فرجع إلى قبر سيدي عبد الرحمن الوغليسي فبات عنده وإذا الشيخ سيدي عبد الرحمن قام من قبره وأصحابه من بجاية مجتمعون عليه يقرئهم ويعلمهم إذ مات رحمه الله تعالى وترك ختمة لم تكمل فكملها لهم في قبره بعد موته وهي كرامة عظيمة للشيخ سيدي سعيد وللشيخ سيدي عبد الرحمن ولتلامذته نفعنا الله بجميعهم وجعلنا في زمرتهم ورزقنا العافية وجمع شملنا بأهلنا ونصرنا على السنة وإظهارها بمنه وكرامه آمين.
وقال الشيخ سيدي عبد الرحمن الثعالبي دخلت بجاية في أواخر القرن الثامن فوجدت أصحاب الوغليسي متوافرين.
وأما سيدي محمد امقران فكان من أكابر الأولياء وهو من القرن العاشر يعني آخره وأخذ من الحادي عشر وكراماته ظاهرة وأحواله باهرة فلا يحتاج لذكرها.


وأما سيدي عبد الرحمن الصباغ فتآليفه تنبئ عنه وكلامه (1) يدل عليه فليس إلا من أهل الشأن والتصريف وهو من القرن التاسع نفعنا الله بكلهم بمنه وكرمه آمين وبالجملة ففضل بجاية مشهور وعلم أهلها مذكور قال الشريف التلمساني دخلت بجاية في القرن الثامن فوجدت العلم ينبع من صدور رجالها كالماء الذي ينبع من حيطانها فرت أكتب في كل مسجد سؤالا وأتركه هناك حتى وصل أمره إلى السلطان.
وقال الشريف بعد أن خرجت من بجاية دخلت تونس فوجدت ابن عبد السلام يقرئ ما رأيته قط ولا رآني نعم لما سألته قال أظنك أنت الشريف التلمساني قلت له أظنك أنت ابن عبد السلام فتصفح معرفتي من كلامي وتصفحت معرفته من كلامه وقد سمعنا (2) أن بجاية فيها خمسمائة صبية يحفظن المدونة وإما اللاتي يحفظن ابن الحاجب فلا يحصى عددهن إلا الله تعالى حاصله جعلنا الله في زمرتهم وأفاض علينا من بركتهم بمنه وكرمه آمين.
ولما ودعت أهل بجاية رجعنا إلى دارنا عازما على السفر وجاءنا الركب من جبل زواوة نحو الثلاثمائة رجل واشتغلنا بهم إلى أن ذهبوا إلى قسنطينة ثم إلى تونس ليذهبوا في البحر وفيه أفاضل وأكابر وساعدهم فضلاء الركب نعم صرنا في توديع الناس من كل بلد من حمزة ووانوغة ووادي بجاية وغيرها وبالجملة فوطننا طيب فيه العلم وبعض الكرم للغريب وفيه الزيتون والعنب والتين بكثرة والحرث غير أن الوطن عزيز غال (3) وسبب ذلك كثرة الناس غير أنه خال من السلطان وأحكامه
__________________
(1) كلا وكل وكلما.
(2) في نسخة سمعت.
(3) غالي.


فالوطن سائب عمره الله بالأحكام الشرعية وأزال منه الفتنة وبدل ذلك بالعافية الدائمة وكذلك الغالب عليها البرد والثلج وبالجملة فنسأل الله تعالى أن يعمره على يد سلطان عدل فلما حان السفر وآن جمعت طلبتي وأمرتهم بالاشتغال بالعلم والمودة بينهم والطاعة لله تعالى عمرهم الله تعالى على الدوام بالعلم والعمل مع أولادنا الذكور إلى غابر الدهر بجاه من ذكرناه آمين.
ولقد علمت أن من أراد مثل هذا السفر إذ سفر الحج سفر ينسبه طريق الآخرة فينبغي أن يعتني به غاية الاعتناء لما فيه من كثرة الحسنات سيما فعل المعروف فإنها طريق للمحسنين والله يقول ما على المحسنين من سبيل يحتاج إلى نية عظيمة وصدق قوي وهمة عالية وإخلاص كبير لأن عمل الطاعة كله إلى الإخلاص لله تعالى لأن الله يقول إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء نعم الحج أقواها في طلب الإخلاص إذ كثير ما يدخل الرياء فيه لما علمت من كثرة خوف الأهوال فيه والمسافة البعيدة وملاقاة الناس فنجد الحاج يحكي للناس في وطنه وغيره أنه وقع في الدرب كذا وفي مكة [وفي المدينة وفي مصر كذا وفي برقة كذا وفي البحر كذا وفي الموضع الفلاني](1) كذا [فيقع فيه السمعة والعجب والرياء وبعض الكذب إذ لا يخلوا المخبر بالوقائع الماضية عن](2) الزيادة والنقصان فيقع في الكذب قطعا والغالب أنه ينوي (3) بحجه المفاخرة وليقال انه حج [فغالب عامة الحجاج يقصدون ذلك فيغلب عليهم الرياء ولهذا](4) قال الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ولم يقل في الصلاة ذلك ولا في الزكاة ولا في غيرها من الأعمال الصالحات نعم من فتح الله عليه
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(2) في نسخة يحكي الأحوال الماضية من الزيادة الخ عوض ما بين القوسين.
(3) في نسخة يروم.
(4) ما بين القوسين ساقط في نسخة وفيها وقد قال عوض ولهذا قال.


وسبقت له السعادة إذا وصل إلى بيت الله الحرام ورأى تلك الأماكن الشريفة ودخل تلك الجموع المباركة يغفر الله تعالى له لكثرة المغفورين إذ لا يخلو الموسم العظيم أعني عرفة عن رجال الغيب وأهل التصريف كالقطب وغيره والأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والخضر وإلياس فمذهب أهل (1) الفضل الغفران لجميع الحجاج وأما قول خليل وصح بالحرام وعصى فمذهب فقهيّ قلت في الحجة الأولى اجتمعنا مع الشيخ الولي الصالح العالم الواضح الورع الصدر العارف بالله تعالى الزاهد العالم بالمذاهب كلها المربي لأصحابه بحسن التربية الموافقة للشريعة والحقيقة وما أحسنه معرفة وأدبا وورعا وزهدا وصحبة وكان متقشفا سيدي محمد المغربي (2) الطرابلسي رحمه الله ونفعنا به آمين قال لنا عام ثلاثة وخمسين ومائة وألف (1153) العام الذي قبل العام الأول لم يقبل الله من الحجاج إلا سبعة وباقي الحجاج رجع خائبا غير أن السبعة المقبولين أقبلوا على الله بالتوجه بالطلب والسؤال والمغفرة لأهل الموسم (3) إلى دخول رمضان فأول ليلة منه تقبل الله منهم وغفر لأهل الموسم وأما العام الأول فقد خرج من فاس رجل لأجل أهل الموسم ليغفر الله لهم فلما وصل إلى عرفة فقال والله ما خرجت من هنا حتى تغفر (4) لجميع أهل الموسم فلم يخرج منه حتى غفر الله لهم فعمت المغفرة الذين لم يحجوا بأن جاءوا للنزهة (5) أو للسوق فقال قول خليل وصح بالحرام وعصى مذهب فقهي وأما مذهب أهل (6) الفضل فيغفر الله لجميع من حج وبالجملة فالعناية حاصلة لمن وصل إلى حرم الله وحرم رسوله وكيف
__________________
(1) بإسقاط أهل في أربع نسخ.
(2) العربي والمعربي والمعزي.
(3) في نسخة وأما العام الأول إلى دخول رمضان.
(4) في نسخة يغفر.
(5) في نسخة للتنزه.
(6) بإسقاط أهل في أربع نسخ.


لا و (1) أن الصلاة في مسجد مكة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة في غيره أو كما قال صلى الله عليه وسلم وأن الدعاء في عرفة ومزدلفة والمشعر الحرام ومنى ومسجده وعند الرمي وعند الملتزم وعند الحطيم وزمزم وعند الحجر وغيرها مستجاب وبالجملة فينبغي أن ينوي بسفره رضى الله تعالى وأن يشغل نفسه بالتوجه إلى الله وإلى بيته ومواجهة نبيه صلى الله عليه وسلم ومواجهة أصحابه وآله وعترته ومواجهة أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام وأن ينتظر شفاعتهم بأن يتعلق بهم بحيث ينوي الانتقال من أوصافه المذمومة إلى الأوصاف المحمودة والسفر من الخلق إلى الخلق ومن طبائعه الردية إلى السجايا السنية وإن كانت غير مكتسبة إلا أن أسبابها مكتسبة وينوي أيضا أن يكون من وفد الله تعالى وضيوفه وإن يقصد أيضا إجابة الداعي الذي هو الآذان وأن يحمد الله ويشكره لما أن جعله من أهل الإجابة ومن الذاهبين لبيت الله تعالى ألا ترى إذا ذهب الإنسان إلى بيت قريبه يفرح فرحا عظيما ويسر سرورا كبيرا (2) فكيف ببيت ربه سبحانه وينوي إغاثة المضطر ما أمكنه بماله أو جاهه وأن يعلم الجاهل إن كان من أهل العلم أو يسأل العالم إن كان جاهلا وأن ينوي الزيارة لأحباب الله الأحياء والأموات في كل وطن يدخله سواء من يعرفه أم لا وإن يعتبر ويوحد الله فيما يراه من عجائب المخلوقات ولذا اختار الأكابر سكنى المدن الكبار من الأمصار للتوحيد والاعتبار [وأن يكف لسانه عن القيل والقال إذا أكثره فيه معصية الله تعالى](3) وأن يشغل جميع أعضائه بما فيه رضى الله تعالى وأن يختار من الأخوان ما يزداد به إيمانه للصحبة وأن لا يشترك إلا مع من كان كنفسه بحيث إذا تصرفت في ماله لا يتغير كما إذا تصرفت في مالك
__________________
(1) بإسقاط الواو في أربع نسخ.
(2) في نسختين فرحا شديدا ويسر سرورا عظيما.
(3) ما بين القوسين ساقط في نسخة.


وإلا فلا وأن تتولى شراء ما تستحقه بنفسك لتسلم من المعاملات الفاسدة أو توكل من لا يتساهل في الأحكام الشرعية وأن يكون عالما وان تجعل من كان في الركب (1) كنفسك بان تجعل الكبير أبا لك والصغير ولدا لكل والمساوي أخا لك فلا ترضى لأبيك ولا لأبنك ولا لأخيك إلا خيرا وان لا تخالط الأغنياء أصحاب الترفه بان تستحقر نفسك ما عندها من المال فلا تحمد الله على ما أعطاك ويتعلق قلبك بمعالي الأمور حتى ينسى ما ذهب إليه بل من كان أدنى منك لتشكر الله على ما أولاك إذ من السنة في نفسك أن تنظر في أمور الآخرة من هو أعلى منك لتغبط حاله وتحمل نفسك على ذلك وأما أحوال الدنيا فتنظر من كان أقل منك لتشكر الله تعالى فتنموا أحوالك بإذن الله فيستقيم أمرك وان تعتمد على الله في جميع أحوالك ظاهرا وباطنا وان تودع من تركته من الأهل والأخوان والجيران لله تعالى لأن وديعته لا تضيع وان لا تذهب من بيتك حتى تقضي جميع ما كان عليك من حقوق الخلق لأن من أكل لأخيه المسلم ظلما دانقا [وهو](2) سدس الدرهم أعطى فيه يوم القيامة سبعين صلاة مقبولة وقيل سبعمائة صلاة مقبولة فمن ظلمته أخذ من حسناتك وأن لم تكن لك حسنة أخذت من سيئاته لسيئاتك فلا تترك شيئا عليك وان ظننت أنك غفلت شيئا مما هو عسى أن يكون عليك فاجعل نائبا يتعاهد أمورك ويقضي ما كان عليك كما يقضي ما هو لك على الوصف المتقدم من العلم وعدم التساهل وان تترك ما يكفي من تجب نفقته عليك فتغسل ظاهرك عند سفرك وباطنك بالوجوه السابقة مع التوبة من كل مخالفة صدرت منك في الماضي لتكون صالحا لدخول حضرته هذا في الحقوق المالية.
__________________
(1) في نسخة المركب.
(2) ما بين القوسين ساقط من أربع نسخ.


وأما الأخرى (1) كهتك الأعراض وغيرها مما لا يتمول (2) فلا بد أن يجعلك صاحبها في حل إن كان لا يتغير إن ذكرت له ذلك وعينته وإلا فاطلبه على الجملة إن كان لا يفهم التفضيل وإلا فاطلب له من الله المغفرة والإحسان إليه وكذلك إن كان ميتا فادع له بالرحمة ليتولى الله ذلك عنك وان تختار من مالك الحلال لتتزود به إن وجدته وأن تزجرا أصحابك عن الجدال والمنازعة عند الماء والنزول بان يصبروا ويتخلفوا فيجدوا ما كتب لهم فالذي يختاره الله للعبد أولى مما يختاره لنفسه ولعل الله ينظر إليه بعين الرحمة دائما أنظر للشيخ عبد الكريم الزواوي على الوغليسية فانه أجاد في نصح العبد وأعانته على ما فيه رضاه.
وكذا يصحح توبته ويقيم طريقته ليستقيم الإنسان كما أمر فإذا عزم الإنسان على الحج فلا بد أن يعلم فضله لتنشط نفسه لذلك ويسهل عليه أمر ماله إذ يصعب على النفس مفارقته وكذا تعب النفس في السفر ولذا ينبغي له أن يختار زمان البرد لشدة زمان الحر عليها فإذا علمت هذا علمت أن الحج من أفضل الأعمال وأولاها عند الله تعالى.
ولذا قال الشيخ خليل في مناسكه ما نصه ورد في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام انه قال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه والرفث هو الجماع وقيل الفحش من القول والفسوق المعاصي وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام انه قال العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة والمبرور هو الذي يخالطه مأثم وقيل المقبول وقيل ما لين فيه الكلام وأطعم فيه الطعام ومشى في مناسكه ومشاعره اه.
__________________
(1) في نسخة غيرها.
(2) في نسخة ينمو.


وقال أيضا ما نصه الفصل الثاني في آداب السفر فإذا وجب عليك الحج فيجب أن تعرف أحكامه وما يلزمك فيه لأن الإجماع أنه لا يجوز لأحد أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه فأول ذلك يستحب له أن يشاور من يوثق به في دينه وعلى من يشيره أن يبذل النصيحة له ويتخلى من الهوى وحظوظ النفس ثم يستخير الله عز وجل وهذه الاستخارة لا تعود إلى نفس الحج لأن الاستخارة في الواجب والمكروه والمحرم لا محل لها وإنما تكون الاستخارة هنا هل يشتري أو يكتري وهل يرافق فلانا أم لا وهل يكتري مع فلان أم لا وغير ذلك وهل يسير في البر أو البحر أو في هذه السنة أو في غيرها على القول بالتراخي.
وصفتها يصلي ركعتين من غير الفريضة قال بعضهم فيقرأ في الأولى بقل يأيها الكافرون وفي الثانية بقل هو الله أحد وأن قرأ بغيره جاز ثم يقول اللهم إني أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فأنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن ذهابي إلى الحج في هذه الحالة ويذكرها خير لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فأقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه وأقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به ، ثم ليمض بعد الاستخارة لما انشرحت له نفسه ويبدأ بعد تحققه بالعزم بالتوبة من جميع المعاصي ورد التبعات من الديون والودائع والعواري والاستحلال من غيره فان عجز عن الاستحلال من بعض الناس لموته أو لخشية زيادة الفتنة فليلجأ إلى الله تعالى فانه يرجى من كرمه لمن لجأ إليه في ذلك أن يرضي عنه خصمه يوم القيامة ويستحلب له أن يكتب وصيته ثم ينظر في أمر الزاد وما ينفقه فيكون من أطيب جهة لأن الحلال يعين على الطاعة ويكل عن المعصية وكان السلف رضي الله


عنهم يتركون سبعين بابا [من الحلال خوفا من الحرام](1).
ولما كان الضمير متعلقا بمن تعلق بالرب الكريم وتاقت نفسي إليهم غير أن صلحاء بلدنا لم يتعرض لهم أحد قبل ولا بعد لعدم الاعتناء وضيق المعيشة أردت التنبيه عليهم على سبيل الإيجاز والاختصار مع البيان والاستفسار نعم أذكر ما دون وادي آقبو.
وأما جبل زواوة فهو منفرد وأولياؤه شهرتهم تغني عن ذكرهم وتعظيمهم يقوم مقام بيانهم وتبيانهم وجميل (2) آثارهم فلم يبق إلا ذكر هؤلاء ليتم المقصد الرحماني والنور الرباني فأقول وعلى الله أعول.
منهم الولي الصالح والبدر الواضح الذي يستجاب الدعاء عند ذكره وانه ممن يبر الله قسمه وكذا أولاده المنورون يبر الله قسمهم ويقبل دعاءهم سيدي أحمد بن يحيى نفعنا الله به وجعلنا من أهل وده ونسبه يتصل مع نسب أهل عروس من بلد زواوة وهم مشهورون وكذا فرقة في أتّوجة جبل بقرب بجاية وانه من قبيلة مزينة وكان في أواخر القرن التاسع وهو تلميذ ابن غازي هكذا تصفحت أخباره رضي الله عنه وكراماته كثيرة ينبغي للعاقل أن يزوره ويزور من دفن معه فان أكثرهم صلحاء وقد سمعت الفاضلة الصالحة المنورة زوج سيدي محمد بن قرّي تقول إني ذهبت غيبا مع رجال الغيب لقضاء حاجة من أهل التصريف فلما وصلت إلى قبر الشيخ قام معي الشيخ ومن دفن معه للاجتماع مع أهل التصريف وكان الذي يتكلم في ذلك الديوان هو الشيخ سيدي أحمد بن يحيى إلى غير ذلك نفعنا الله به وأما شرفه فإنهم
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في أربع نسخ وفيها ما نصه سقط من الأصل هنا نحو ورقة ونصف وتخلف بياضا.
(2) في ثلاث نسخ فحصحص.


يقال أنهم شرفاء والله أعلم.
وكذا أولاد الشيخ أم رزق وجدهم صالح ومنهم الشيخ سيدي الوفق صالح زاهد ورع خديم الطلبة وكان ينفق عليهم وهم يشتغلون (1) بالعلم بان يأتي لهم بمدرس وكان محبا لوالدنا وجدنا نعم يحب الجانب العلي أعني الأشراف بحيث لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا معهم بل أنه مملوك لهم وقد غلب عليه القبض نفعنا الله به وهو تلميذ سيدي علي بن الطالب وأوصافه الطيبة وأخلاقه السنية لا تكاد تحصى رضي الله عنه وأرضاه بمنه.
وكذا ابن عمه الفاضل العالم الفقيه الفرضي (2) سيدي علي بن أم رزق من أجل أهل وقتنا وأهل عصرنا فقد نفع وانتفع نفعنا الله به.
ومنهم الشيخ سيدي أمزال قبره في قرية الجمعة وعليه مسجد وأهل إمتين يعظمونه وهو في الصمعة (3) نفعنا الله به وأما تاريخ فلا علم لي به ونسبه والله اعلم من جملة من هو معه غير أنه أقبل على الله فأقبل عليه وهو أظنه قريب.
ومنهم الفاضل الكامل المجرد عن الخلق واعتزلهم طرا بل الذي اعتقده انه اعتزل الخلق واتصل بالحق وهو فقيه متكلم فقد انفرد في زماننا بالتسجيل وجودة الخط سيدي أحمد زروق بن الحاج نفعنا الله به وكان صديقا ملاطفا لأبي تخلف عنه ثم بقيت صبحته لنا كذلك إلى أن مات في مصر بعد رجوعه من الحج وقد سافرنا معه إلى تونس نريد الحج فلم يتيسر لنا ولا له ذلك العام وبقي هو في زاوية الولي
__________________
(1) في نسختين يشغلون.
(2) في أربع نسخ الفرائضي.
(3) كذا في جميع النسخ.


الصالح الزاهد في الدنيا على الإطلاق الكريم كل الكرم سيدي أحمد المجذوب الزموري وقد دفن في جبل افريقية عند ولده الفاضل ونخبته الكامل سيدي ابن الحاج إلى العام القابل فحج نفعنا الله به.
ومنهم بدّيمان (1) على ما قيل انه ولي صالح وضريحه يزار دائما وظن أهل وطننا أن ممن ذهب إليه تقضى حاجته وان فيه رجال الغيب حسبما اتفق عليه أهل وطننا وأني سمعت في صغري من بعض الصالحين من أهل السياحة يقولون ذلك حق وصدق.
ومن العامة المرابط سعيد بن هارون فأني سمعت من أبي انه كان يعلم الفجراي طلوعه وهو في بيته مدة طويلة وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى وهو صديق له وانه إذا ذهب إلى الخلاء امسك لسانه وقد تخلف في الحياة بعد موت أبي وصاحبني مدة وهو رجل كبير السن كبير الشأن وكذا ابن عمه يقرب من سنه وشأنه.
وكذا المرابط علي بن درار وهو من شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان كلامه بالعربية لكان يكتب بسواد العين لما فيه من العلم اللدني وقد كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعمى رضي الله عنه ونفعنا به آمين.
ومنهم سيدي علي بن جاب الله كان صديقا لأبي وكان رضي الله عنه في غاية الترقي في العبادة والذكر وتهذيب الأخلاق وغير ذلك من أوصافه.
ومنهم سيدي يحيى الشريف ابن رقية في قرية ويزران هاجر من بني عمه وفر بنفسه من قرابته ليكمل أمره ويظهر سره وهو من شرفاء العش شريف النسب وهو
__________________
(1) في نسخة بديماي.


من أهل العلم والصلاح مجاب الدعوة خديم العلم وأهله من القرن الحادي عشر نفع الله به وبأمثاله جميعنا.
ومنهم الشيخ الولي الصالح والغيث السائح الشريف نسبا كما هو عند ابن فرحون في طبقات الشرفاء سيدي أحمد بن عبد الرحمن نفعنا الله به وهو من تلامذة الشيخ سيدي يحيى العيدلي وأولاده الآن معلومون بالجور والتعدي والظلم في مجانة بتخفيف الجيم أمراء ومحاربون ولعل جدهم يشفع فيهم وفينا وهو في القرن التاسع وولده هو الذي بنى قلعة بني عباس وأقام المملكة فيها بان أسس العساكر (1) وجيش الجيوش وأخذ المغرم في القرن العاشر بان وصلت عساكره عمالة تونس ووادي ريغ في الصحراء ومن جهة المغرب مزاب وبلد الأغواط وهم كذلك في المملكة ثمانون سنة كما سمعته من بعض الفضلاء من علماء القلعة وآخرهم في مملكة القلعة سيدي ناصر هو فاضل عالم زاهد وقد قيل انه من زهده يلبس الغرارة شعارا على لحمه وقد رتب طلبة العلم نحو الثمانين طالبا فحسده مناحيس بني عباس على ذلك فقتلوه مكرا وخديعة فمزق الله جيوشهم وأضل عسكرهم أعني عسكر بني عباس فلم يبق فيهم ذلك بل أضلهم الله بسببه وأهلكهم من أجله وكان بعض علماء فاس يقول في مرثيته قصيدة رائية (2) وهي عندنا في عندنا في الزاوية [في العقل انه عمر](3) ويقول في بني عباس :
فلعنة الله ثم الخلق قاطبة
 

على المجوس بني عباس ما ذكروا
 
أن عاهدوك فقد خانوا على ثقة
 

أو حالفوك (4) فأيقن أنهم فجروا
 
__________________
(1) في نسختين عساكر.
(2) في نسختين رأيتها.
(3) ما بين القوسين ساقط في نسختين وفي نسخة في العدل أنه عمر.
(4) في نسخة واحلفوك.


وعدد أوصافهم من الخيانة والغدر والخديعة ما يحمل السامع على الفرار منهم والنفرة من ساحتهم إذ هم على تلك (1) الأوصفا إلى الآن بل زادوا ضلالا ومكرا وخديعة في العهود وقلة الحياء والهيبة في الحدود وأولاده على المملكة في مجانة تحت ولاية الترك غير أن حكمهم عليهم ضعيف نفع الله به جميعنا وأمور أمراء القلعة معلومة عند أهلها ومنهم جد أولاد الطالب (2) فانه من أولياء الله الصالحين ولا اعلم من أخباره شيئا إلا أن أولاده فضلاء لا يخلون من العلم وجميعهم فيه البركة نفعنا الله بهم.
ومنهم الولي الصالح الرباني سيدي محمد ابركان قبره عند أولاد (3) السيد أحمد بن عبد الرحمن في الوادي معلوم يزار ويعظم وأولاده أين ما كانوا في بني عباس وغيرهم علماء فضلاء أجلاء يقتدى بهم ولهم العلم الصحيح والصدق الصريح.
ومنهم سيدي أحمد زروق المذكور وغيره.
ومنهم أولاد تبونداوث فضلاء نجباء فقهاء مفتون وفيهم البركة إذ العلم كله بركة وقد سمعنا أنهم من بجاية نفعنا الله بهم وبأمثالهم وأنهم قضاة من العهد الأول إلى الآن بارك الله فيهم.
ومنهم أولاد سيدي عبد الحليم الساكنون في قرية من قرى بني عباس فضلاء كرماء علماء صلحاء إلى الآن نفعنا الله بهم وبأمثالهم من ذرية سيدي عبد الحليم.
ومنهم شرفاء بوجليل من الزمان الأول هم على الخيرة والبركة القوية والأنوار
__________________
(1) في نسختين إذ على تلك الأوصاف وفي نسخة وهم على تلك الأوصاف.
(2) في نسخة الطيب.
(3) في نسختين والد وفي نسخة ولد.


السنية وهم شرفاء نسبا وهم من قرابتنا بان اجتمعنا في الجد الأول ما نسمعه من أعالي (1) أسلافنا فبركتهم معلومة وبرهانهم مشهور وكرمهم مأثور رضي الله عنهم ونفعنا بهم وكان لنا ولهم بمنه وكرمه.
ومنهم المعظم بالاتفاق (2) سيدي أحمد بن يوسف الولي على الإطلاق يعتقده العام والخاص نفعنا الله به وهو في حنديس قرب الوادي ولا أعلم هذا وأولاده معظمون عند أهل وطنهم ولا يخلو بعضهم من العلم والبركة في جميعهم رضي الله عنهم وقد سمعنا من بعضهم أن جدهم يقرب من الشيخ المعلوم صاحب الفتح والخرف الواضح سيدي أحمد بن يوسف الملياني الذي كان حجة الله في أرضه إلى الآن والله اعلم.
ومنهم سيدي محمد بن محرز قبره بالقلعة ظاهر البركة قوي التعظيم قبره يزار وأهل القلعة يظنون أنه سترهم والله اعلم.
ومنهم أولاد معمر فضلاء علماء صلحاء ذوو بركة عظيمة ونتيجة قوية نفعنا الله بهم.
[ومنهم أولاد أبي جمعة (3) فهم فضلاء صلحاء محل العلم وأهله فقهاء أئمة خطباء نفعنا الله بهم](4).
ومنهم المرابط سليمان وكان صالحا متعبدا في زماننا لا نظير له زاهدا معلوم
__________________
(1) في نسخة بإسقاط أعالي.
(2) في نسخة بإسقاط المعظم بالاتفاق.
(3) في نسختين أولاد بو جمعة.
(4) ما بين القوسين ساقط في نسخة.


البركة رضي الله عنه ونفع به جميعنا آمين.
[ومنهم ومنهم أولاد أبي ذئب صلحاء علماء ذوو بركة نفعنا الله بهم](1).
ومنهم سيدي سعيد وهو والد (2) سيدي أحمد بن يدير ذو بركة قوية ومن أجلها خرج ولده طيبا صالحا عالما فقد انتفع به أهل زمانه أي انتفاع.
ومنهم سيدي سراج ذو بركة عظيمة ورحمة مشهورة معلوم الذكر صيته منتشر في وطنه كراماته مشهورة وأولاده فضلاء كرماء فقهاء علماء يقع بهم الخير والصلاح والنفع والنجاح نفعنا الله بهم.
ومنهم أولاد ساسي معلومون بالبركة والصلاح والاعتقاد والتعظيم نفعنا الله بهم.
ومنهم سيدي أحمد بن علي صالح صاحب اتكال ولي معلوم البركة والتعظيم وقبره يزار وانه منور انتفع به العام والخاص رضي الله عنه.
ومنهم سيدي المسعود قوي البركة ولي صالح أولاده صلحاء فيهم بركة عظيمة نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي سليمان ولي صالح كبير الشأن عظيم الحال ولي معظم عند أهل وطنه وقبره يزار وأولاده صلحاء معظمون فضلاء كرماء رفع الله قدره ونفعنا به آمين.
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسخة.
(2) في نسخة ومنهم والد سيدي أحمد بن يدير وفي نسخة ومنهم والد سيدي سعيد وهو سيدي أحمد بن يدير وفي أخرى سقط جميع ما ذكر في شأنه.


ومنهم سيدي عمر في قرية ترق هؤلاء كلهم قرب مجانة وهو ولي صالح كبير الشأن عظيم في الأعين أولاده معظمون راغبون في العلم وأهله وهم على العهد الأول من القراءة والأخلاق السنية والأوصاف الحميدة فأكثر أولاده (1) يتعلمون علينا نفعنا الله بهم وبأمثالهم.
ومنهم الولي الصالح سيدي أبو التقي معلوم البركة قوي النفع معظم عند أهل مجانة نفعنا الله به.
ومنهم سيدي موسى الولي الصالح كبير الأمر عظيم السر أولاده فضلاء معظمون عند أهل مجانة وأهل جبل عياض وأظن أنه من القرن التاسع كما وجدته في بعض الرسوم نفعنا الله به.
ومنهم أولاد العياض ومن معهم رضي الله عنهم علماء كرماء أدباء فضلاء محبون للعلم وأهله وأولاد سيدي أحمد مثلهم في الفضل والصلاح والشواثرة علماء أيضا صلحاء لا يخلون من العلم يرثونه خلفا عن سلف نفعنا الله بهم وبمن كان في ذلك الجبل.
ومنهم سيدي يدير الحاج ولي صالح معظم معتقد في بني يعدل أولاده معظمون صلحاء ذوو بركة وخير ونجاح نفعنا الله بهم.
ومنهم أولاد سيدي خروف معظمون فيهم العلماء والصلحاء والقضاة والمفتيون وهم شرفاء على ما اشتهر عندنا من كان في زمورة وبني يعدل نفعنا الله بهم.
__________________
(1) في نسختين أولادهم.


ومنهم سيدي سعيد الفرطاس ولي معتقد فيه وأولاده ذوو بركة عظيمة وهو من أخيار أهل زمانه وهو من القرن الحادي عشر [معاصر لسيدي لوهر](1) نفعنا الله به آمين.
ومنهم أهل تعروسين (2) معلومون بالبراكة وكذا أولاد ابقورة (3) فهم على كتاب الله عز وجلب والصلاح سيما سيدي لي فهو شيخ جدي وقد قيل انه لا يخرج منهم الأولياء وقد انتفع بهم العام والخاص.
وكذا سيدي أحمد صالح معلوم الولاية والبركة.
وسيدي أحمد أعشاب معلوم الولاية.
وكذا سيدي محمد بن صالح من أولاد سيدي الجودي فقد ظهرت كراماته في وطنه وغيره وانه مجاب الدعوة نير السيرة قوي البركة نفعنا الله بهم وبأمثالهم.
ومنهم الشيخ الفاضل الولي الصالح المعلوم النجاح سيدي محمد بن مصباح ذو العلم المتين والسر المبين وكذا أولاده فضلاء نجباء رضي الله عنهم وأرضاهم سيما من أدركنا سيدي أحمد زروق وسيدي أحمد بن المبارك فقد كان فيهم العلامة الفاضل المحقق الكامل محيى السنن سيدي الحسين نفعنا الله بهم.
ومنهم الولي الكامل والعالم الفاضل مقيم السنن ومنشر العلم سيدي محمد بن عبد القادر وأولاده فضلاء علماء أدباء جمعا فاوعوا سيما سيدي محمد بن عبد القادر
__________________
(1) ما بين القوسين ساقط في نسختين.
(2) في نسختين تاعورسين.
(3) في نسخة القورة وفي أخرى ابغورة.


وولده سيدي الموهوب فإنهما من فضلاء الوقت يقصدان للفتيا رضي الله عنهم وأرضاهم ونفعنا بهم وبأمثالهم آمين.
ومنهم الولي المشهور والطود المنصور صاحب الزاوية ذو العناية سيدي أحمد اغوبة ظاهر البركة قبره مزار معلوم لدى الخاصة والعامة يقصده الزوار من بعد وله طلبة إلى الآن وروضته بينة نفعنا الله به وأفاض علينا من بحر أنواره آمين وأظنه من القرن السابع كما سمعته من البعض والله سبحانه اعلم وله كرامات مشهورة ومناقب وقد سمعت من بعض من يوثق به انه يتصرف كما كان حيا فانه يغيث من استغاث به.
ومنهم الولي سيدي إبراهيم صالح مشهور عظيم الشأن معظم عند الناس بركاته ظاهرة ونوره قوي وسره صمداني وأولاده علماء صلحاء من لم يكن منهم عالما كان صالحا نفعنا الله به وبأمثاله والله اعلم انه كان في القرن الحادي عشر معاصر السيدي موسى الوغليسي ولا اعلم انه أخذ من العاشر أم لا والله اعلم.
وأما أهل ايلمان (1) على ما تقرر من رسم الأشراف انهم شرفاء من شرفاء ايلمان الوانوغي كذا رأيته مزبورا فيها فانه نص على أولاد عنان وهم ايلمان والحمد لله لا يخلون من أهل الخير رجالا ونساء وذلك معلوم عندنا فقد شاهدنا ذلك منهم نفعنا الله بهم وان كان فيهم أهل جرأة وتعدّ وقد ورد في الخبر أن الله ينظر إلى قوم فيهم الصالح نظر رحمة نقلته بالمعنى وأما لفظه والله اعلم فقد نسيته والحديث يجوز نقله بالمعنى بشروط انظر الشهاب في الآيات البينات على المحلي نعم ما وجد منهم مما (2) لا يحل من اجتماعه الرجال والنساء عند الرفض والبكاء والتباكي والصياح وذكر
__________________
(1) في نسخة ايلماين.
(2) في نسخة بإسقاط مما.


الشوق من غير اشتياق والعشق من غير عشق والحب كذلك وغيرها من الزهد فأنها من دسائس اللعين الشيطان الرجيم حرام باتفاق لا يقول أحد بحليته لما في ذلك من الفتنة ومخالفة السنة وإنما السماع المباح أن يكون مع أهله بشروطه الخالية من المحرمات ومع ذلك أنه دواء للمرضى من أهل الوله (1) وأما غيرهم من أهل البدايات كالمتمكنين فلا يكون ولا ينبغي في حقهم فهذه الفرقة غير معتبرة عندنا وإنما المعتبر من شد أزار الحزم والعزم للذكر والعبادة والاعتناء بنفسه وليس من هذا المجموع وهم موجودون والحمد لله وقليل ما هم.
ومنهم الولي الصالح الفاضل الناجح صاحب البركة قوي النتيجة (2) سيدي يدير بن صالح الجمهوري أصلا والعيدلي مسكنا التمغراوي (3) مدفنا تلميذ الشيخ سيدي يحيى العيدلي قد دفن معه في روضته نفعنا الله به فانه معظم غاية التعظيم وحبه ظاهر وأولاده ذوو بركة قوية وخيرهم مشهور وصلاحهم منثور وأمرهم مذكور ، فان الناس ينتفعون بهم ويعتقدونهم إلى الآن ولا يخلو البعض منهم عند الوجد الصحيح ، والحب الصريح ، فتجده انه يتواجد حقا ، ويحب صدقا ، وأنهم أهل السماع دائما على كل حال فمن طلبهم وافقوه وساعدوه على أي وجه فيه الرجال والنساء غير أن سماعهم في الغالب أولى من غيرهم والناس يأمنون شرهم ويعتقدونهم وان دلائل الشر خالية منهم غالبا إلا من قل منهم وندر وأنهم لا يفرون من العلم وأهله بخلاف غيرهم فهم أسعد حالا مما سواهم كما شاهدنا ذلك منهم وان الكل مخالف للسنة النبوية وأنه ليس بشروطه غير أن غيرهم يقصد البعض منهم
__________________
(1) في نسختين أهل الود وفي نسخة بإسقاط من أهل الوله وأما غيرهم وفي نسخة بإسقاطم من أهل البدايات.
(2) في نسخة السجية.
(3) في نسخة التمقراوي وفي أخرى التمغروي.


التوصل إلى الأغراض الفاسدة وهم والله اعلم سالمون من تلك المفاسد وان كان على غير الشروط نفعنا الله بهم حاصله جمعهم لا يخلو عن أهل الخير والبركة تحقيقا وبركة جدهم وشيخه القطب تنوب عليهم.
لطيفة لو أنهم انسلخوا عن ذلك رأسا أولى بهم وأجدر وأنور وأستر وأفقر وأحظ وأشعر وأذكر وأكثر واشهر وأقدر وأنصر وأعمر وأحذر أو أنهم فعلوه بشروطه مع أهله ومن أهله من غير حضور الشبان والنساء ومن لا بلاء له بذلك لوصلوا إلى الحضرة القدسية والأنوار الإلهية نور الله قلوب الجميع ما كدّر القلب إلا مخالفة السنة وكون الشيء على غير شروطه وعلى غير بابه والله تعالى يقول : (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها).
ومنهم أخوه في الله ومن شيخه الولي الصالح والفاضل الناصح ذو البركة البينة والأحوال المزينة والأمور المستحسنة المجاهد نفسه حق الجهاد سيدي إبراهيم بن عمار وقد قيل انه في محله المعلوم ما فاتته صلاة الصبح مع شيخه سيدي يحيى صيفا وشتاء وغيرهما اغتناما بركة الشيخ وان ذلك من خوارق العادة إذ لا يمكن ذلك في النهار دائما فضلا عن الليل وقد قيل أن الشيطان يصنع النار له لعله يعوقه عن اللحوق به فشعر به ولم يلتفت له أصلا ولعنه واستعاذ من شره نفعنا الله به آمين وأولاده أهل بركة وخير وفق الله الكل إلى صالح القول والعمل وحفظ جميعنا من الزيغ والزلل.
ومنهم الولي عند الناس بلا شك وهو كذلك والله اعلم وقلوبنا تشهد بذلك الشيخ سيدي إبراهيم الساكن في ناحية حنيف مشهور معلوم أحواله مرضية ونفائسه زكية ولطائفه وهبية أولاده مشهورون بالصلاح إلى الآن وقد أدركت منهم فضلاء كالفقيه سيدي أبي القاسم محب ذو ود وصدق وكذا أولاد سيدي الحاج نفعنا


الله ببركاتهم ونفعنا بسر جدهم وكذا سيدي عبد الحليم مثله وأظنه من أخر التاسع أو من أوله العاشر.
ومنهم من بركاته كالأمواج وأحواله كالأبراج الولي ذو البركة الظاهرة والخوارق الباهرة الشيخ سيدي عيسى بن محمد قد انتفع به العامة والخاصة وقد رد ببركاته عينا من ماء فطرانا لحيوانه وانه صبغ (1) كل من أتى إليه وقد مسح على عين الأعور فرجعت أحسن مما قبل فقال من لا معرفة له عين عيسى خير من عين الله ولم يعلموا أن الكل من عند الله وغير ذلك من كراماته رضي الله عنه ونفعنا به وحفظنا من كل جبار عنيد بجاههم وجاهه وله قبران قبر في أطراف وانوغة أعني المسيلة (2) والأخر في فرواو وبينهما نحو اليوم وقد زرتهما معا والحمد لله.
ومنهم الشيخ عمرو الأشهب فان وانوغة يعظمونه غاية التعظيم وأولاده معظمون أيضا وقد بقي منهم الفاضل سيدي الطيب نفعنا الله ببركته آمين.
ومنهم أولاد سيدي عمر في وادي الخميس من هذا العرش وان جدهم هو المؤلف المعلوم في الكتب المتداولة أعني الوانوغي وأولاده فيهم البركة نفعنا الله بهم.
ومنهم شرفاء القصبة دار علم وبركة وشجاعة وقد زرت الجميع والحمد لله سبحانه.
ومنهم الولي الصالح والقمر الواضح سيدي علي الطيار معظم في الصحراء والتل وأولاده كذلك إلى الآن سيما الشيخ سيدي محمد بن المبارك وأولاده نفعنا الله بهم آمين.
__________________
(1) في نسخة سبغ وفي نسخة يشبع.
(2) في نسختين أمسلي.


ومن زمورة أولاد أبي شيب (1) وأنهم شرفاء أهل فضل وبركة وقد رأيت في بعض رسوم الشرفاء وأظنه كلام ابن فرحون أنه قال ما نصه ولا شريف في زمورة أعني بني فرقان إلا طائفة يقال لها أبو شيب نفعنا الله بهم.
ومنهم أولاد سيدي أحمد التواتي فضلاء كرماء أهل خير من العهد الأول نفعنا الله تعالى بهم.
ومنهم الولي الصالح البركة سيدي عمر العجيسي فان الناس يعظمونه غاية التعظيم وهو جد سيدي أحمد المجذوب وقد رأيت أيضا أن عجيسة شرفاء نفعنا الله به.
ومنهم ذو الفضل والفضائل أخونا في الله سيدي محمد بن زيان كان رحمة لنفسه وللمؤمنين وضع الله البركة في أولاده نفعنا الله به.
ومنهم أولاد البواب أعني الزياتنة فإنهم أهل فضل وكرم وقراءة نفعنا الله بهم.
ومنهم الشيخ الولي الصالح ذو البركة العظيمة سيدي مبارك السماتي وأولاده على الفضل والكرم والهمة نفعنا الله به.
ومنهم ظاهر الفضل والنجاح والصلاح سيدي عمر بن عباشة وأولاده كذلك وان أصابهم بعض الذل وقد علمت أن درهم المغرم لا يعد له شيء رزقنا الله بركته آمين.
ومنه الشيخ الصالح المجذوب الذي فاض عليه بحر الأنوار وطلعت عليه
__________________
(1) في نسخة أولاد بوشيبه وفي جميع الأخرى أولاد بشيب.


شمس الأسرار سيدي محمد بن المبارك الشريف من أولاد سيدي أبي زيد (1) وأولاده من لم يكن ذا علم فهو ذو فضل وبركته ومآثره مشهورة من القرن الحادي عشر نفعنا الله بهم وأفاض علينا من بركاتهم.
ومنهم سيدي سعيد الموسخ والولي الصالح سيدي أبو ناب والشيخ الولي الشهير سيدي عطاء الله هم أولو الفضل والصلاح والخير والفلاح أولادهم أهل فضل نفعنا الله بهم وبأمثالهم آمين.
ومنهم الشيخ الزاهد الورع الولي الصالح سيدي علي بن أبي زيد كان في الحادي عشر وقد بلغ الغاية في العبادة ومجاهدة النفس وقد انعزل بأهله في الجبل طلبا لخفة الأشغال وتفريغ سوى الله من البال وذلك شان الصديقين وقد نص العلماء أن آخر الزمان لا يسلم ذو دين بدينه إلا من فر من شاهق لشاهق وأظنه حديثنا والشيخ استعمله بنفسه وأهله نفعنا الله به آمين.
ومنهم ذو الفضل العظيم والخير العميم الولي المشهور ذو السر المأثور سيدي الجودي العلمي من آخر القرن العاشر وأولاده أهل جد واجتهاد وصلاح سيما سيدي على ابنه تلميذ الشيخ سلطان العارفين سيدي علي بن المبارك ذي (2) السر القوي والنور السني فأني رأيت بعض مرائيه من أعجب العجاب تكاد أن تكون مرائي الثعالبي أو ابن جمرة نفعنا الله بهما وقد رأيت سيدي الجودي نوما فيما مضى وصورته لم تزل عني إلى الآن ومسكني من يدي فقال (3) إلى جدك سيدي أحمد الشريف من بني عشاش إلى قبره فلما وصلناه قال سيدي أحمد الشريف ما دام يبقى
__________________
(1) في ثلاث نسخ بزيد وفي نسخة بوزيد.
(2) في نسخة ذو.
(3) في نسخة وقال لي جدك سيدي أحمد الشريف ما دام يبقى يزيد حرارة الخ.


يزيد حرارة كالسمن العتيق أو كلاما هذا معناه نفعنا الله به آمين وبأولاده (1) ولا شك أنهم أحياء عند ربهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
ومنه الزاهد الورع المتخلي عن الدنيا الذاكر لله كثيرا من الحادي عشر وقد قيل التقط حب البلوط من كل شجرة في وطن الخميس (2) إلا أنه ذكر الله عند كل حبة وانه أول أمره كان يؤاجر نفسه ويقتات من ذلك حتى منعه بعض الناس من أداء الصلاة فسلم في الأجرة (3) وذهب ولم يرجع ففهم أن الله لم يقمه في الأسباب وإنما أراد به التجريد عنها والتجريد واجب عند تعذر الأسباب الشرعية أنظر ابن عباد عند قول ابن عطاء الله أرادتك التجريد مع أقامة الله إياك في الأسباب من الشهرة الخفية وأرادتك الأسباب مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العالية فرجع للتجريد وهو سيدي محمد بن يحيى من أولاد الشيخ سيدي مالك وجده هذا كان صاحب حال عظيم قيل انه صبغ تسعة وتسعين رجلا من جملتهم سيدي موسى الوغليسي ولم يجد أحدا يزيده فزاد شجرة الزان والله اعلم ومعنى صبغها محتمل يحتمل أن الله جعل فيها إدراكا كما جعلها في الذي نطق للنبي صلى الله عليه وسلم حتى ذاقت حلاوة الإيمان وشهدت مشاهد الخير والبركة ثم تصير بركة للناس بعده [ويحتمل](4) أنها محل بركة إلى يوم الساعة فتصير أثارها لعيرها من العقلاء رحمة لأهل بلدة ومن يمر عليها وسيدي محمد هذا مجاب الدعوة وهو في جبل بني يعلى ضريحه مشهور يزار ومن أراد قصم عدوه الظالم فيسأل الله بجاهه عند ضريحه وقد جربت ذلك مرارا فوجدته كذلك أحيا قلوبنا الله بجاهه آمين.
__________________
(1) في نسخة بأمثاله بدل بأولاده.
(2) في ثلاث نسخ بو خميس وفي نسخة بخميس.
(3) في ثلاث نسخ وسلم الاجرة.
(4) ما بين القوسين ساقط في ثلاث نسخ.


ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الزاهد في الدنيا رأسا المتخلي عنها نفسا سيدي محمد بن قري وقد اعتزل بأهله وسكن القلعة في غيضة عظيمة لا يسكنها إلا الوحوش (1) لعدم الماء فيها ومع ذلك انه بنى دوره (2) في الأوعار من الجبل مع بعدها من الوادي إلى رأس الجبل وبنى فيها مساجد بفضل الله سيما الجامع الكبير فقد بناه بناء معتبرا إلا إذا كان مثله في تونس وأشار رحمه الله إلى أنها تصير مدينة قاهرة آخر الزمان وقد تحمل (3) المشاق العظيمة في مجاهدة نفسه وأهله وأولاده وأصحابه وكان لا يفتر عن ذكر الله تعالى طريقه صعب لا يسلكه إلا من نبذ نفسه وراء ظهره وقد أدركته صغير وقد سمعت من بعض الناس أنه قرأ على شمهروش الطيار من الجن وهو قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أحياه الله أحد عشر قرنا وكذلك قرأ عليه الشيخ سيدي أحمد الحبيب صاحب السر العظيم والصراط المستقيم الفملالي وكذلك الشيخ البقال المصري وقد سمعت أنه يصلي كل جمعة في جامع الزيتونة في تونس فلما مات قال مجاوره أظن أن الشيخ توفي لما لم يعمر محله وكان الأمر كذلك والله اعلم وزوجته كذلك وقد سمعت منها أنها كانت تنازع الشيخ في بعض الأمور عند رجال الغيب ونصها أنها قالت أنا أريد أطعام الطعام والشيخ يمتنع ليس بخلا [بل] لما في ذلك من كثرة الخلق وهو يريد السلامة منهم والفرار من أجلهم قالت ذات ليلة والشيخ بات عند بعض الناس خارج القلعة فذهبت إلى المسجد الكبير فصحت برجال الغيب فأتوني من مصر ثم ناديت برجال المغرب فجاؤا من فاس أعني أشياخ زوجها قالت وناديت رجال الصحراء فأتوني كالجراد وناديت رجال بجاية فأتوني سيدي أبو القاسم الذي في قراية وغيره من رجال بجاية فلما استقر
__________________
(1) في نسختين لا يسكنها الوحش.
(2) في نسخة طرقه وفي نسختين طروقه.
(3) في نسختين احتمل.


الجمع والتفت البصر والسمع لم أجد الشيخ يمتنع أو يتبع ثم أن بعض الحاضرين قال إن أردت أن يحضر
الشيخ فنادى بأهل الجزعة وهم سبعة وهو واحد منهم قالت فناديت بذلك فحضر ساعتئذ فقال ما شأنك بهذا الجمع وأنت امرأة فقلت له منعك من غيرهم وأما هؤلاء فلا ثم قام واحد من هؤلاء الجموع وأتى بجمرة تضطرم نارا أي اضطرام في أحدى يديه وخبزة في يده الأخرى يقول لي أطعمي هذه ولو جلست على هذه فقلت لا والله ما يرضاه بي زوجي ثم بعد ذلك زجروه وأمروه بموافقتي فوافق وساعدني بعد وتفرق الجمع الخ الحكاية رضي الله عنهما وأولاده ذكور وأناث ظهرت عليهم آثار الأسرار وشوارق الأنوار سيما الولي كأبيه ذو الصدق والوفاء والحلم والنصيحة والصفاء المتواضع لكل الخلق وقد حاز في كل خير السبق سيدي بركات وقد شاهدنا منه ما لا يمكن التعبير عنه نفعنا الله به وجعل البركة في أولاده وأظهر عليهم آثار الفضل بمنه وكرمه وقد حج من لا نظير له أصلا في زماننا سيدي عبد الرحمن ولده.
وأما سيدي محمد السعيد فضله عن أهل وطننا وكذا علمه وصدقه لا يخفى وقد زوجني سيدي بركات بنته كما زوج أبو بكر رضي الله عنه بنته النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها من غير كلفة ولا مشقة وقبر الشيخ معلوم في القلعة.
وأما ضريح ابنه سيدي بركات فهو مع ضريح سيدي محمد بن يحيى السابق وكذا قبور الفضلاء الصلحاء أولاد قري ومن أولياء الله سيدي عبد الرحمن وسيدي التواتي والأستاذ السبعي سيدي الحسين وسيدي أبو عبد الله وكذا جميع أولادهم على الخير والبركة في كل سكون وحركة نفعنا الله بهم.
ومنهم الشيخ سيدي عمر بن موسى فانه ولي من أولياء الله تعالى وقبره مشهور


يزار وأولاده على الخير والبركة والعلم والصلاح والفلاح ومن بركاته أن أهل محله يقسمون به صغيرا وكبيرا وان قريته والله اعلم ما وصلت إلى خراب في الظاهر وهلاك إلا شفعها فقد سمعت (1) أن الولي رحمه الله في قومه ما دام يعظمونه ويبجلونه مع مراعاة أولاده أن كانوا على وفق العلم قال تعالى وكان أبوهما صالحا قيل الجد التاسع ولا أعلم تاريخ وفاته رحمه الله ونفعنا به وبأمثاله.
ومنهم سيدي سعيد بن شتوان (2) أدركناه أستاذا في القرآن مشتغلا بالله مقبلا عليه مع تعليم القرآن وقد ورد فيه الخير الكثير وأولاده على الخير والبركة رضي الله عنهم ونفعنا بهم.
ومنهم شرفاء تمنقاش من أخيار الناس وليس أحد يذم منهم بل كلهم أو جلهم على الخير والاستقامة بحسب الزمان وأهله وأصلهم والله اعلم من الرابطة وأهل الرابطة ذوو فضل وخير وهمة وصلاح وكرم وعلم وقرآن وحياء سيما الشيخ سيدي السعدي وغيره منهم نفعنا الله بالجميع بمنه وكرمه.
ومنهم سيدي سعيد الزيتوني فانه ولي كبير وأمره عظيم وحاله جسيم وأولاده كذلك ذوو علم وحلم وفضل خصوصا سيدي سليمان وكان حبيبا لنا وأولاده وسيدي الحسين وولداه الفاضلان الكاملان سيدي محمد وابوة وقد رأى البعض النبي صلى الله عليه وسلم قال فسألته عن الأشراف فأجابني بقوله الزياتنة ولا أدري زاد (3) وما نسبهما أم لا ولا أدري تاريخ سيدي سعيد وأظنه من أواخر التاسع أو أول العاشر نفعنا الله به وبأمثاله آمين.
__________________
(1) في نسختين وقد علمت.
(2) في نسخة شتران.
(3) كذا في جميع النسخ.


ومنهم الولي المعلوم ذو البركة العظيمة والخيرات الجسمية سيدي إسماعيل الفملاني وكذا أولاده فهم على الخير والبركة والعلم والفضل والرحمة نفعنا الله بجميعهم ولا اعلم تاريخ وفاته وقد سألت البعض عنه فقال من القرن السابع غير أني لم أثق به.
ومنهم أولاد محجوبة فهم أهل الخير والفضل والقرآن والعلم والحلم سيما والد سيدي علي بن محجوبة وكذا سيدي علي وولداه الفاضلان الكاملان سيدي عبد الله وسيدي محمد السعيد وقد حضرت مع سيدي الحسن (1) بن مصباح أن سيدي محمد السعيد طار في الهواء ساعة زمانية مع جماعة من أهل الخير أدركنا الله من بركاتهم بمنه وكرمه وكذا سيدي علي بن محروش وولده وكذا شيخنا الذي هو ظاهر الصلاح والخير والنجاح سيدي يحيى اليعلاوي في قصطنطينية وقد شهدت منه أمرا عظيما من الكشبي غير مرة وجدهم هو الولي الصالح سيدي الحاج عيسى ولا أدري تاريخ نفعنا الله بجميعهم آمين.
ومنهم سيدي سيلمان الحربيلي فانه ولي من أولياء الله تعالى وهو واسع المعنى رحب البناء عند أهل حربيل وأولاده كذلك أهل فضل وخير نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم الأخيار والسادات الأبرار ساداتنا زواوة وهم أهل سداد وصواب وخدمة رب الأرباب أولو (2) فضل وعلم وأدب وحلم أنوارهم ساطعة وأحوالهم مرتفعة وضمائرهم خاشعة ونفوسهم لله خاضعة جملة وتفضيلا وعلهم على الخير من الله تفضيلا ونسبهم على ما اشتهر لديهم وكذا الشواثرة إلى الولي الصالح سيدي يحيى أبي زكرياء الزواوي الذي ببجاية مدفون ضريحه الدعاء عنده مستجاب
__________________
(1) في نسخة الحسين.
(2) في نسخة ذوو.


والناس في أنسابهم مصدقون حسبما صرح به الأجهوري بضم الهمزة وغيره إذ الأنساب كالحيازة في الأموال انظره.
وقد قلت :
سريرة الجسد تحق في الولد
 

ونوره حقا عليه يعتمد
 
فخيرة الخلق من أصل طيب
 

شذا معطرا أني من أعجب (1)
 
وحسن أخلاق (2) كذا قد ينتخب
 

وأمره غريب ليس يحتجب
 
نفعنا الله بجميعهم آمين.
ومنهم المحيي لما درس من حق قد بخس المحاسب منه كل نفس وأغلى حقا ما قد رخس وأعلى طريقا أنس الشيخ على الحقيقة شيخ الطريقة ولايته ظاهرة وأحواله فاخرة وأسراره بينة وأنواره قدسية سيدي الجودي بن الحاج كراماته وأحواله مشهورة وعلومه منشورة وقد بلغ رحمة الله عليه حالة التربية إذ سمعنا أن طالبا كان يتعلم عليه ذات يوم غلبته نفسه فتبعها في غير شيء بان شوغف بامرأة أجنبية وتعلق بها وأراد الزنى بها وحين وقعت المعصية بحيث أراد مباشرتها فوجد الشيخ بينه وبينها فاستحيى وأصابته حشمة عظيمة ولم يرجع بعد ذلك له نحو خمسة عشر يوما حتى بعث إليه رضي الله عنه وقد سمعت من المبرز العدل الصالح من أهل الفضل المرابط سعيد بن تقرين يحكي عن أبيه أو عن جده عن الشيخ سيدي الجودي أنه سرق لبعض أحبابه سرقة ولم يعلم بها إلا الله تعالى فوقعت الشكوى من أربابها له فبعث لكل من أتهم بها وكنت في جملتهم نعم لما وصلنا إليه أمرنا بردها ووعدنا بالخير العظيم والفضل الجسيم على ذلك فأبى الكل عنه وكنت السارق فلما انفصل
__________________
(1) في ثلاث نسخ فشدا عطرا أيتا من أعجب.
(2) في ثلاث نسخ وأحسن الخلق.


الجمع عنه مسكني وقال أنت الذي سرقت ردها فما تريده فأنا متكفل به فقلت له نعم أنا على ما تريده فرددتها ثم قال لي كلما وقعت بك شدة فاستغث بي فأنا أغيثك أين ما كنت وبعد ذلك ذهبت إلى الجزائر أريد المعيشة وتحصيل أسبابها فركبت في السفينة مع من يحارب النصارى فأسر جميعنا فوقعت عند رومي لا حلم ولا شفاعة له أصلا وصار يعذبني تعذيبا شديدا فلما كان ذات ليلة خرجت هاربا إلى شاطئ البحر مختفيا في الشجر فلما علموا بأمير صار الصياح والنداء ورائي إلى أن وصل الجمع (1) إلى محلي غير أني حجبني الله عنهم بعد أن وصل كلبهم إليّ يبصبص بي ثم يرجع إليهم غير أني معتمد على الشيخ ومستغيث به فرجعوا خائبين وبقيت أنا ثم ملتجئا إلى الله ثم إلى الشيخ فمرت عليّ سنة وإذا بالشيخ يقول مد يدك إلي فمددت يدي إليه فمسكها ورفعني فاستيقظت فوجدت نفسي في الجزائر وغير ذلك من الكرامات رضي الله عنه ونفعتا بعلومه وأحواله وأنواره بمنه وكرمه وأولاده إلى الآن على الخير والفضل والعلم والحمد لله تعالى وهو من القرن الحادي عشر أعني لوله لوم أدر هل أخذ من آخر العاشر أم لا وقد حشى على الصغرى حاشية لطيفة وكلامه رأيته لا بأس به لأنه محقق في عصره.
ومنهم سيدي عمر الواصلي رجل من الأكابر وصلاحه وولايته معلومة في الضمائر فان أهل وطنه بني سليمان يعظمونه غاية التعظيم وأولاده على الخير خصوصا الأجل المنير ذو الخير الشهير سيدي الموهوب كبير السر عظيم الشأن والحمد له حبيب لنا نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي عمر الخلادي شيخ معظم وولي معتقد فيه أولاده على الخير والحمد لله تعالى نفعنا الله به.
__________________
(1) في نسخة الجميع.


ومنهم الولي الصالح والنجم الواضح سيدي علي بن سليمان البرباشي (1) معظما عند أهله ومحترما (2) عند أهل وطنه قبره يزار وأولاده فيهم والحمد لله العلم والصلاح وخدمة الخير وأهله ومحبة العلم وذويه سيما سيدي علي بن الصالح وكان حبيبا لجدي ولوالدي وهو قد ظهرت أنواره وقويت أسراره وعلمه وفضله ظاهران قد درس وأسس وعلم وأنس نبراس زمانه وعبقري أوانه وليث مكانه وكذا سيدي عبد الله تفقه على جدي الحسين الشريف واغتنم منه البركة والعلم يحكي ذلك الوالد عنه وكذا أخوه سيدي الموهوب بن علي بن سليمان وأولادهم على الخير والبركة والحمد لله نفعنا الله بهم آمين.
ومنهم سيدي زيان صالح زمانه وولي أوانه وأولاده كذلك نفعنا الله به.
ومنهم السادات الأفاضل والأخيار الأكامل أولاد سيدي بهلول القائمين بالحق الظاهرين على قدم الصدق والسالكين (3) سبيل الجد والرفق وهم شرفاء خصوصا سيدي علي وسيدي المهدي ومن نحا نحوهما على أن أولادهم إلى الآن على ما يحسن فلم تسكن نفسي لأحد مثلهم لفضلهم وجودهم وحيائهم وأحسانهم وعلمهم بقدر من له القدر زادهم الله رفعة وتعظيما ومهابة نفعنا الله بهم أجمعين آمين.
ومنهم ذو العلم والمهابة ، والحلم والأنابة ، والسطوة والاستجابة ، والتحقيق والإصابة ، ذو العلوم الفاخرة ، والأحوال الصادقة الظاهرة ، والأنوار الباهرة ، والأسرار الحاضرة ، الزاهد بالتحقيق ، بعد التمكين من الدنيا كما يليق ، قد نبذها وراء
__________________
(1) في نسخة البربشي وفي أخرى البرياشي.
(2) كذا بنصب معظما ومحترما في أربع نسخ وفي نسخة برفعهما وهو الأظهر.
(3) كذا في جميع النسخ بنصب القائمين والظاهرين والسالكين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

بناء شخصية  الأطفال   ...